الإخوان بين الإعلام العلماني والإعلام الإيراني

الرابط المختصر
Image
الإخوان بين الإعلام العلماني والإعلام الإيراني

تتصدر أخبار ومواقف جماعة الإخوان المسلمين نشرات الأخبار والمقابلات والتحليلات في مختلف وسائل الإعلام، وذلك بعد أن صعد الإخوان بقوة لصدارة المشهد السياسي في عدد من الدول العربية سواء في موقع الحكم أو المعارضة. وغالب وسائل الإعلام العربية إلا ما ندر هي معارضة ورافضة لسياسات الإخوان أو وصولها للسلطة بل فيها من هو رافض لوجود الإخوان أصلاً، ويفضل عليه بكل وقاحة عودة العسكر للحكم، وكل هذه المواقف والتصريحات المشينة تصدر من زعامات ترفع شعارات الديمقراطية والليبرالية والحرية والتعددية والمدنية!! وهذا المقال ليس دفاعاً عن الإخوان فهم أولى بالدفاع عن أنفسهم – وإن كنت أرى أنهم مقصرون جداً في أدائهم العام والدفاع عن أنفسهم تجاه الاتهامات الباطلة- ولكن الغاية من هذا المقال عقد مقارنة بين أداء الإعلام العربي العلماني الليبرالي واليساري، وبين أداء الإعلام الإيراني الشيعي تجاه الإخوان، فالإعلام العربي العلماني يمارس نفس السياسات الفاشلة التي تمارسها الأنظمة العربية ضد الإخوان مما يكسبه مزيداً من الخسائر والعداوات وقلة ثقة الناس به، وعدم تحقيق مكاسب فعلية على الأرض. بينما الإعلام الإيراني الشيعي برغم صدامه وخلافه مع الإخوان أحياناً إلا أنه واسع الحيلة والمكر والخبث في الالتفاف على هذه الخلافات والصدمات، ويوجه بوصلته ليحقق مكاسب فعلية على الأرض في مصر لصالح إيران والتشيع!! ولنأخذ مثلاً وكالة فارس الإيرانية التي أجرت مؤخراً مقابلة مع وزير السياحة المصري هشام زعزوع كال فيها المديح لطهران وأهلها، وذمّ فيها المصريين بشكل فج وقبيح! وقد نجحت الوكالة في أخذ وعود من زعزوع بفتح مصر أمام الإيرانيين وتسهيل قدوم مئات الآلاف منهم، وزعمت أن زعزوع وافق على إنشاء خط سياحي في مصر مرتبط بما يزعم الشيعة أنه مسار آل البيت في مصر والعتبات المقدسة!! ليكون مقصدا للسياحة الإيرانية والسياحة المصرية الداخلية، وقد نفى زعزوع ذلك وقال إن إنشاء هذا الخط ليس على أجندة الوزارة. وهنا نحتاج إلى وقفة مع هذا الدس الإيراني الذي يضرب عدة عصافير بحجر واحد: فهو من جهة يورط حكومة الإخوان والرئيس مرسي بنشر التشيع في مصر، مما يوتر علاقاته بالتيار الإسلامي وخاصة السلفي، كما يستثير قطاعات واسعة من الشعب المصري، ويكون سببا لمزيد من المواقف المأزومة بين نظام مرسي ودول الخليج، وإذا غض الإخوان الطرف عن النفي يصبح ذلك حقا مكتسبا لإيران والمتشيعين في مصر، وإذا نفى الوزير فكثير من الناس لن يبلغهم النفي وسيكون الضرر بإضعاف الإخوان قد تحقق، بنفور السلفيين وكثير من المصريين ودول الخليج عنهم، مما يساعد على تطويعهم أكثر للأجندة الإيرانية. وأيضاً فإن هذا الحرص الإيراني على تضمين المقابلات الإعلامية أهداف شيعية يهدم محاولات بعض السذج من الناس وجماعة الإخوان وقادتها من تضليل الجمهور بدعوى أن عودة العلاقات مع إيران وتنشيط السياحة معها ليس لهما أبعاد دينية، فلماذا تربط إيران العلاقات السياسية والاقتصادية بالسياحة الدينية الشيعية، وفي مناطق الصعيد وأسوان التي يعمل الشيعة على أن تكون الخزان البشري لهم بين بعض الطرق الصوفية الغالية والأشراف من عائلات الصعيد!! هكذا يتعامل الإعلام الإيراني مع جماعة الإخوان المسلمين، يورطهم في مواقف إن قبلوا بها حقق هدفه مباشرة، وإن عارضوا ونفوا يضعف موقفهم مما يلجئهم لإيران بطريق غير مباشر. ولنتأمل نتيجة سياسة مرسي من الثورة السورية التي أعلن دعمه لها وضرورة رحيل بشار عن الحكم، ودعا للجنة عربية إيرانية تركية لذلك، ولكن المكر الإيراني والغباء العربي جعلا مرسي لا يجد حلاً لكثير مما يتعرض له نظامه إلا في السياحة الإيرانية والنفط العراقي والدعم الدولي الروسي، وهي الدول الحاضنة لبشار في تقتيله للشعب السوري، فهل ستحضن هذه الدول مرسي وبشار وهما متناقضان أم أن مرسي سيرضى ببقاء بشار بحل سياسي ينفذه إخوان سوريا؟   وفي المقابل نجد الإعلام العربي العلماني الليبرالي يعمل المستحيل وكل ما يخالف المهنية والضمير من أجل إسقاط حكم مرسي والإخوان، ومن أبشع ما قاموا به استضافة د. فضل (سيد إمام) - الزعيم السابق لجماعة الجهاد المصرية، قبل خلافه معهم ومن ثم قيامه بنشر وثيقة ترشيد العمل الإسلامي – ليعلن تكفيره للرئيس مرسي ولجماعة الإخوان ولكل من انتخب مرسي، وذلك على شاشة قناتي العربية و cbc، ويرافق هذا الانحطاط المهني عدم إنكار المذيع لهذا التكفير. فهل هاتان القناتان تقبلان بهذا الفكر التكفيري؟ وأين ذهبت صرخاتهم وبرامجهم الضخمة كـ (صناعة الموت) لمحاربة هذا الفكر التكفيري والعنفي؟ وهل أصبح التكفير عندهم وجهة نظر؟ فنجد غداً مثلاً استضافة لمن يكفّر بقية الحكام العرب صراحة، أم أن ذلك خاص بالإخوان ومرسي؟ وثانياً إذا كان الرئيس مرسي - الذي يحفظ القرآن الكريم ويقول إنه يريد تطبيق الشريعة- كافراً، وإذا كانت جماعة الإخوان (التي ترفع شعار الإسلام هو الحل) جماعة كافرة، وإذا كانت الجماهير التي انتخبت مرسي حبا في الإسلام كافرة، فما هو حكم بقية الحكام العرب الذين لا يحسن بعضهم قراءة الفاتحة؟ وما هو حكم الأحزاب العلمانية والوطنية التي لا تقبل بالإسلام كحل؟ وما هو حكم الجماهير التي تنتخب خيارات غير إسلامية؟ هل سيكون هؤلاء مسلمين؟ فهل هذا ما تريده العربية وcbc نشر فكر العنف والتكفير من جديد؟ وتكفير جميع الناس والمواطنين؟ إن هذا الغباء في الصراع والخلاف مع جماعة الإخوان هو الفارق بين الإعلام العلماني العربي والإعلام الإيراني الشيعي، الإعلام العربي العلماني كرهاً في الإخوان تبنى فكر القاعدة !! ولن ينتج عن مواقفه الغبية هذه إلا المزيد من الفرقة والاستقطاب بين أطياف المجتمع، فالإخوان أكبر تيار في غالب المجتمعات العربية وهذا التكفير لهم لن يكون بدون رد فعل! كما أن هذا الموقف سيجعل الإخوان يلجؤون لإيران أكثر!!  فهل يفيق الإعلام العلماني ويلتزم بعلمانيته إذا لم يلتزم بمهنيته ؟؟