مناصرة ومناصحة لجماعة الإخوان المسلمين

الرابط المختصر
Image
مناصرة ومناصحة لجماعة الإخوان المسلمين

يشهد العالم العربي اليوم صعود كبير للإخوان المسلمين على الصعيد السياسي من جهة، وهجمة إعلامية شرسة جداً على الإخوان المسلمين، مما يستدعى التوقف مع هذه الحالة الغريبة والتأمل فيها، وهذه الكلمات تنطلق من أمر النبي صلى الله علي وسلم " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره" رواه البخاري. 1- الإخوان المسلمون هم أكبر وأقدم التنظيمات العربية والإسلامية والسياسية الموجودة في العالم العربي، وهم ليسوا حملة فكرة وافدة أو مناقضة لهوية الأمة الإسلامية والشعوب العربية كحال خصومهم العلمانيين اليساريين منهم والليبراليين، وهذا سبب رسوخهم وانتشارهم بخلاف الأحزاب الشيوعية بألوانها المتعددة (اشتراكية، قومية، ناصرية، بعثية، يسارية..) أو من لقبت بالأحزاب الوطنية كالوفد في مصر مثلاً، والتي لم تجد قبولاً شعبياً إلا بالقهر والإرهاب. أما سبب قوة الإخوان المسلمون فيعود لقيام الإخوان على فكرة التنظيم الحزبي الذي يربط أعضائه، وساعد على ذلك أن الأستاذ حسن البنا أتيح له عشرين عاماً (1928-1949) لبناء الجماعة دون وجود معيقات هائلة كالتي واجهتها الجماعة فيما بعد في مصر وغير مصر. 2- إن الحملة الإعلامية الإقصائية التي تشن على الإخوان اليوم من قبل عدد من الأنظمة العربية والقوى العلمانية بل وحتى من دول الممانعة كإيران وسوريا وهي تجمع بين فرقاء لم يجتمعوا إلا على عداوة الإخوان، وهي حملة ظالمة في غالبيتها، لا تهدف للإصلاح أو التقدم بل هي تهدف للتخريب والتدمير للحفاظ على مصالح فئات فاسدة ظالمة تضررت بغياب أزلامهم عن السلطة، فاستغلت بعض أخطاء الإخوان فضخمتها وأبرزتها، ولا تجرأ على الظهور علانية فتختبأ خلف بعض التجمعات والقوى التي يحسن الجمهور الظن بها، ولا يقصد بهذه الحملة الإخوان فقط بل إنها في قسم كبير منها عداء لكل التيار الإسلامي وليس للإخوان فحسب، عداء شرس وظالم يريد إستئصال الإسلاميين والإسلام إن استطاع. 3- إن هذه الحملة الإعلامية الإقصائية والتي تهدف لشيطنة الإخوان المسلمين اليوم، ستكون عامل زعزعة للمجتمعات العربية، فالإخوان يشكلون قطاع كبير من مجتمعاتنا ولا يمكن إقصائهم أو شيطنتهم دون أن يسبب ذلك ردود فعل سيئة، سواء عند بعض الإخوان أو المتعاطفين معهم أو الإسلاميين من غير الإخوان -وخاصة القريبين من فكر القاعدة - والذين سيقولون إذا كان الإخوان المتساهلون مع الأنظمة والعلمانيين هذا جزائهم، فعلام نسلك الطريق السياسي السلمي !! 4- إن هذه الحملة الإعلامية الظالمة للإخوان المسلمين تشابه حملة الكراهية والإرهاب التي مارسها الغرب تجاه الإسلام والمسلمين عقب زوال الإتحاد السوفييتي دون وجه حق، ولكن العجيب هنا أن المجرم الذي تقدمه هذه الحملة العربية هو الإخوان المسلمون وهم الفصيل الذي كان يقدم في الحملة الغربية على أنه البديل عن التطرف والإرهاب !! ولعل في هذا تنبيه للإخوان على مراجعة تحالفاتهم وتنازلاتهم خاصة للعلمانيين اليساريين والشيعة، وأنهم عند الجد لم يجدوا إلا رفقائهم الإسلاميين بجانبهم والذين طالما أقصاهم الإخوان وتجاهلوهم!! 5- المنطق والعقل – في حالة وجودهما- يقول أنه كان يجب على الأنظمة العربية خاصة الملكية منها التفاهم مع الإخوان على غرار المغرب، فالإخوان فصيل كبير وقوي ويمكن التفاهم معه، وتاريخ الإخوان يشي بذلك، وهم ساهموا في نهضة واستقرار الدول الملكية في وجه الثوار الشيوعيين الذين أصبح أحفادهم اليوم حلفاء الأنظمة البرجوازية !! والإخوان اليوم غير منسجمين مع إيران وسوريا وهو المأخذ الجوهري على الإخوان عند تلك الأنظمة والتي كانت تخشي من تحالف إيراني إخواني ضدها، فلما ضعف ارتباط الإخوان مع محور إيران بسبب الثورة السورية خصوصاً، كان المنطق يقول بوجوب احتضان الإخوان من قبل الأنظمة العربية بدلاً من هجمات (خلفان) الصبيانية، لينشأ محور عربي تركي سني عاقل ومعتدل في وجه المحور الإسرائيلي المعتدى والمحور الإيراني الشيعي الطائفي المتهور. لكن يبدو أن محور خلفان/سلمان-شفيق/دحلان هو الذي تشكل في وجه الإخوان !! مما يعيد للأذهان القصص الغبية عن حكام الدويلات في الأندلس الذين أضاعوا البلاد والعباد بغبائهم وقلة تدبيرهم وصراعاتهم فيما بينهم لنقص دينهم وضميرهم، مما حق معه أن  تقول عائشة والدة أبو عبدالله الأحمر أخر ملوك غرناطة له وهو يسلم مفاتيح غرناطة: " إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال".  وأخشي أن يصبح هذا حالنا اليوم. 6- إن الإخوان المسلمين وهم يواجهون هذه الحملة الإعلامية الظالمة، ليس لهم بعد اللجؤ إلى الله إلا إلى المسارعة بالتوبة من أخطائهم والمراجعة لمواقفهم غير الصائبة بالتعالى وعدم المشاورة مع شركائهم، وما أدق وصف الباحث الراحل حسام تمام رحمه الله لحال الإخوان حيث يقول: الإخوان أقاموا دولة موازية للدولة المصرية تقريبا، لكنها أخذت أيضا كل عيوبها !! فرغم قوة التنظيم وضخامته إلا أنه صغير الفكر والإبداع مأسور للولاء طارد للكفاءات، يكره المنافسين من نفس اللون ويتجمل بحوار المخالفين، وكما هي الدولة المصرية ضعيفة إعلاميا فقد اكتشفنا ضعف الإخوان الإعلامي واكتشفنا غياب البرامج والحلول !! لقد كتب كثير من الصادقين عن أخطاء الإخوان والثغرات التي يؤتون منها، وعليهم اليوم وقد تصدروا المشهد ويعلنون التزامهم بالحوار والسلمية في العمل السياسي أن يبادروا للإستفادة  من هذه الدراسات ليزدادوا رفعة عند الله أولاً وعند عباده ثانياً، وعليهم أن يحرصوا على الناصح الشفيق أكثر من حرصهم على التصفيق الشديد. 7- لعل وصف د.بشير عبدالفتاح لحال مصر اليوم "حكم بلا خبرة ومعارضة بلا رؤية" هو وصف دقيق، وهو جزء من تبعات حالة التخلف والهزيمة التي وصلت لها أمتنا، وما هذا النجاح الجزئي اليوم بالثورات العربية وزوال بعض الطغاة وتلمس طعم الحرية وحبس الأشقياء، إلا بمقدار تقدم الأمة الحقيقي في سلم الإيمان والعدل والحق والعلم والقيام بالواجب والتزام القانون. ولذلك فإن جماعة الإخوان المسلمين مثلها مثل سائر الأمة فيها من الخير والشر بمقدار ما في الأمة منهما، ولذلك تصلح جماعة الإخوان أن تكون كمعيار لقياس تقدم الأمة الحقيقي، فبمقدار تقدم الإخوان بتقديم مصلحة الأمة والوطن على مصلحة الجماعة والتنظيم تكون الأمة تقدمت، وبمقدار التزام الجماعة بالشورى والشفافية والإنتخابات الداخلية بدلاً من اعتماد الولاء والأقدمية والسمع والطاعة تكون الأمة تقدمت، وبمقدار اعتماد الإخوان على العلم ونشره والتزامه بدلاً من أدبيات الجماعة فحسب تكون الأمة تقدمت، وبمقدار رقي مؤسسات الجماعة من مدارس ومستشفيات وهيئات ثقافية وخيرية على صعيد الكفاءة والفاعلية تكون الأمة قد تقدمت، وهكذا فالإخوان جزء من نسيج المجتمع معبر عن حقيقة أحواله وأوضاعه خيراً وشراً. 8- المطلوب من الإخوان المسلمين والإسلاميين اليوم تقديم القدوة في مؤسساتهم الخاصة بكونها شفافة وعادلة وراقية، نريد البدء في ممارسة الثقافة الإيمانية والإحسانية والإيجابية وعدم الإكتفاء برفع شعاراتها، يجب على الإخوان المسلمين والإسلاميين الإنفتاح على الآخرين الصادقين والتعاون معهم فيما فيه منفعة للبلاد والعباد، وحتى نحاصر تأثير المفسدين الذين لا علاج لهم. وختاماً إن المواجهة القائمة في مصر اليوم يجب أن يسعى جميع المخلصين لتكون في صالح أمتنا بتحسين الأداء الإخوانى لا القضاء عليه، وتقديم الحلول لا التحالف مع الفلول، والصبر والتوازن في المواقف بدلاً من التطرف أو التحلل.