اجندات خفية

الرابط المختصر
Image

تبدل فتوى زكاة الفطر بارومتر يكشف أجندة خلط الفتوى بالسياسة وأشياء أخرى!

قبل أكثر من عقد من الزمان كان يفتى الشيخ نوح القضاة المفتي العام رحمه الله بإخراج زكاة الفطر طعاما قمحا أو أرزا والأرز أفضل للفقير فإن تعسر ذلك جاز إخراجها نقدا.
ومعلوم أن الشيخ نوح هو فقيه شافعي وهو أستاذ دائرة الإفتاء الأردنية الحالية وشيخها المقدر .
ويشهد المنتسبون لكافة أطياف المشهد الديني من مخالفي الشيخ ومرافقيه على دينه  وأمانته وأنه كان وقافا عند الشرع ولا يخلط دينه بأجندات أخرى داخلية أو خارجية.
فقد كان له هيبة وشخصية قوية وديانة تجعله يفرض احترام الدين لدى الاخرين ورغم توليه مناصب رسمية متعددة إلا أنه كان لا يقبل بتوظيف الدين لأغراض سياسية كما يحصل اليوم من بعض من ينتسب له!
ومع مضي السنوات حصل تبدل في مسيرة خلفاء الشيخ نوح رحمه الله ومن يدعون الانتساب له بنسب أو سبب، فلم يعد سائدا عندهم منهج الشيخ نوح المنضبط بمذهبه الشافعي أو العدول عنه لحاجة أو ضرورة شرعية، ولم تعد تظهر الديانة الخالصة في اختيار الفتاوى والمواقف فضلا عن التصرفات والسلوك والتعاملات المالية خاصة!

ومن أمثلة ذلك تبدل فتوى الشيخ في زكاة الفطر، فبالرغم من أن خلفاء الشيخ أصدروا فتوى توافق الشيخ في زكاة الفطر وكون الأفضل أن تخرج طعاما ومن أصنافها الأرز وذلك في رمضان لسنة ٢٠١٨ وجددوها في ٢٠٢٠ وذلك في موافقة للسنة النبوية وقول الجمهور، حيث خرج علينا هذه السنة رمضان ٢٠٢٠ أحد الموقعين على الفتوى بالعدول عن فتواهم السابقة وذلك باسم دائرة الافتاء!
حيث يلزم بإخراج زكاة الفطر نقدا! وينكر أن يكون الأرز من قوت أهل الأردن!
وهنا وقفة مهمة حول تسرب مجموعة من (الشباب) بين رفقاء الشيخ نوح في عدد من المؤسسات الدينية كالإفتاء وجامعة العلوم الإسلامية ووزارة الأوقاف تجمعهم أجندة خاصة ولهم ارتباطات بمؤسسات مدنية محلية لها علاقات مع مؤسسات وتيارات خارجية تسعى لفرض رؤية دينية مستوردة على جميع المجتمع ويكاد يكون معهد المعارج هو رأس الحربة في ذلك.

نعود لتبديل هذا المفتى الشاب لموقفه من الفتوى الجماعية التي وقع عليها قبل أسابيع وهي امتداد لفتوى الشيخ نوح من سنوات فنجد  أنه لا مبررات لتغير الفتوى!
 خاصة أن هذا المفتى الشاب وعموم الدائرة التي ينتمى لها تنحو من سنوات قريبة لفرض التمذهب على المشتغلين بالفتوى وتجهد لحصر الفتوى بالمذهب الشافعي فقط وتسعى لتجريم من يخالف ذلك ثم يخالف هذا الشاب ودائرته الضيقة أنفسهم بفرض فتوى الاحناف بإخراج زكاة الفطر نقدا!!
فكيف يستقيم لهم فرض الشافعية مذهبا على المجتمع بالقوة! ثم يخالفون ذلك لإلزام الناس بمذهب أخر! فما هو المبرر لذلك وما هي الأجندة الخفية وراء ذلك!
ثم كانت المصيبة حين أنكر هذا المفتي كون الأرز قوتا لأهل الأردن، ولا تدري هل تعجب من نسيانه فتواه السابقة أو فتوى شيخه أو نص علماء الشافعية على الارز كقوت من مئات السنين!
فلو نسي كل هذا فهل نسي أن المنسف هو طعامنا الوطني! وهل يكون منسف بلا رز!
هل هذا مفتى بالأردن أو بالشيشان!!
ثم أكمل علينا هذا المفتى بطامة ثالثة حيث زعم أن قرار دائرة الافتاء بتبديل فتواها من الشافعية للحنفية هو قرار الملك! ولا يجوز مخالفة الملك! لأن قول الحاكم يرفع الخلاف!
وهذا تطبيق لقاعدة في القضاء على الافتاء ووضع للأشياء في غير نصابها.
وكلامه هذا يكشف طرف من الأجندة الخفية التى يراد تمريرها رغما عن المجتمع ورغما عن الدولة!
فالدولة والملك تعلن وتصرح صباحا و مساء أنها تؤمن بالتعددية والتنوع وتنادي بالحوار والتعايش والتسامح على المستوى الديني والمذهبي والسياسي.
ومن هذا التوجه جاء اقرار الملك عبد الله الثانى لرسالة عمان التي تنفتح على عدد من المذاهب والطوائف والتي أصبحت تدرس وتشرح للأردنيين وغير الأردنيين، ثم يأتي هؤلاء لإلغاء هذا التوجه الملكي الانفتاحي بفرض مذهب محدد في عدد من القضايا من عند أنفسهم وليس بقرار ملكى!
والأدهى أنهم يخالفون مذهبهم متى شاءؤا دون سبب واضح معلن!
وأيضا على المستوى السياسي والفكري فالأردن والملك يدعوا للتعددية الفكرية والسياسية ويشجع الديمقراطية وحرية التعبير، وهؤلاء يلتفون على ذلك دون تفويض من أحد للحجر على المجتمع بأكمله وفرض نمط خاص بهم توافقا مع توجهات إقليمية ودولية!

والخلاصة أن موقفهم من إخراج زكاة الفطر كشف الحقائق التالية:
١- أنهم انتهازيون في دعوى ضبط الفتوى والتدين بمذهب محدد وهو الشافعي، وأن حقيقتهم هو التلفيق بين المذاهب بحسب رغباتهم ومصالحهم، وليس بحسب الأدلة الشرعية وقوتها.
٢- أنهم يوظفون السياسة لتمرير مصالحهم وأجندتهم، حيث زعموا أن فعلهم هذا هو قرار الملك، وهذا غير صحيح بل هو معارض لانفتاح الملك وتشجيعه للجميع بحسب رسالة عمان.
٣- كشف عن هشاشة ارتباطهم بالمجتمع الأردنى حتى جهل مفتيهم ما هو طعام أهل الأردن.

وللحديث بقية عن تقليد هذا التيار لآليات تيار النسوية والأجندات الغربية في اختراق بنية المجتمع وتطويع مؤسساته الرسمية لأهدافهم وغاياتهم الوافدة.