الهوية الإباضية بين الانحسار ومحاولات الانتشار، دراسة وصفية"

الرابط المختصر
Image

كتاب جديد للباحث المتميز الدكتور الهيثم زعفان بعنوان:

الهوية الإباضية بين الانحسار ومحاولات الانتشار، دراسة وصفية"

صدرت عن مدبولي بالقاهرة سنة ٢٠٢٥ وتقع في ٣٠٠ صفحة.

الكتاب يعالج قضية مهمة وهي تصاعد دور الأقليات والفرق في عالمنا الإسلامي واستغلالها من قبل الأعداء في القديم والحديث، ولعل ما يجرى من بعض الدروز في سوريا اليوم من الاستنجاد بالصهاينة ضد الدولة السورية بزعامة الشرع أبرز مثال.

الكتاب تناول الإباضية من جوانب متعددة:

١- الجانب التاريخي فبين أصول نشأتهم ورموزهم وعرى بعض الأكاذيب حول نشأتهم أو الانتساب لبعض الشخصيات المقدرة كالتابعي جابر بن زيد.

وأثبت أنهم جزء من الخوارج عبر استعراض مواقفهم ومشاركتهم في الأحداث التاريخية فضلا عن مقولاتهم.

وهذا يبطل محاولة الفاضل د علي الصلابي نفي صفة الخوارج عن الإباضية في كتاب كبير لكنه جانب الصواب فيه وحاول تمرير رأيه بلي الأدلة والتمحل للإباضية بتأويلات باردة، ولعل الواقع الليبي دعاه لذلك ولكن هذا مسلك غير مقبول، فالحق أحق أن يتبع.

والعجيب أن كتاب الصلابي هذا حول الاباضية يتصادم مع أبيات وعقائد الاباضية حول الخليفيتين الراشدين عثمان وعلي الذي صنف في فضائلهم الصلابي مجلدات كبيرة ردا على الشيعة، لكنه عند الإباضية يبدو قدم موائمات سياسية!

وركز في الجانب التاريخي على خدمة الاباضية للكفار دوما بإشغال دولة الخلافة في تمردات عسكرية في الأطراف! وأن (جهاد) الأباضية كان دوما ضد المسلمين! وهو عين ما تقوم به لليوم كثير من جماعات العنف والتطرف حيث تتسلط على المسلمين بدعوى الجهاد!

ولليوم فإن سياسة الاباضية تجانب غالبا سياسة غالبية الدول الاسلامية، وتتميز بكونها وسيطة بين الغرب الكافر والشيعة الكفار عند الاباضية!

٢- الجانب الفكري عند الاباضية، فبين الضعف العلمي للاباضية وخلو مذهبهم من إنتاج معرفي حقيقي، بل هم في الحقيقة سارقين لجهود أهل السنة، حيث يعمدون لبعض كتب التفسير السنية فيقوم بعضهم بإعادة إنتاجه مع تطويعه لأرائهم وانحرافاتهم!

وكذلك حالهم في الكتب الفقهية.

أما على صعيد الحديث الشريف فقد استعرض الباحث دراسات علمية متخصصة حول مسند الربيع وهو المعتمد عن الاباضية وتبين أنه شخص مجهول يروى عن شيخ مجهول بأسانيد منقطعة ومظلمة!

وأن الأحاديث الصحيحة فيه هي أحاديث عند أهل السنة لكن بأسانيد أخرى سليمة!

ولبيان قلة الإسهام العلمي للإباضية قام الباحث بتحليل معجم مصادر الإباضية والذي أعده باحث شيعي إيراني فتبين أن غالبية ما أورده لا قيمة له ولا يعد من المصادر، بل كتابات مجهولة المؤلف! أو مكررة! أو مقالات معاصرة عن الإباضية أو دولهم! أو قصائد شعرية!!

وركز الباحث على إثبات ضلال الاباضية المعاصرين في باب الطعن بالصحابة الكرام وخاصة الخليفتين عثمان وعلي اعتمادا على دراستين محكمتين في الجامعة الإسلامية بغزة، ومجلة جامعة فلسطين، حتى لا يقال هذه افتراءات وهابية على الإباضية.

وكذلك أثبت الباحث أن الإباضية من القديم ولليوم يعتقدون عقيدة المعتزلة الضالة بأن القرآن مخلوق، وهي القضية التي تصدى لها الإمام أحمد بكل بسالة.

وذلك بنقولات عن مراجعه القديمة ومن كتب المفتي أحمد الخليلي -الذي يلمع اليوم عبر تصريحات سياسة مؤيدة لفلسطين- والغريب أن الخليلي لم يعقب على زيارة نتنياهو لمسقط أيام قابوس، فهل هذه جعجعه إعلامية جعجعه إيران وحزب الله والشيعة لأجل خداع الناس؟

وقد استشكل الباحث علاقة الإباضية بالمحتل الفرنسي، حيث تعامل معهم بنوع تفضيل عن الغالبية السنية في بلاد المغرب!

٣- الجانب الواقعي والدعوي المعاصر،

فكشف الباحث عن انحسار الإباضية في كثير مواطنها التاريخية خاصة في شمال أفريقيا بفضل جهود المالكية خاصة.

ثم استعرض الجهود الاباضية في عمان وتونس والجزائر وليبيا لإحياء الإباضية والمحافظة عليها من خلال إعادة بعض المخطوطات الإباضية ولو كانت بضعة صفحات ولمعاصرين! وجهود الجمعيات الاباضية الثقافية والخيرية والمؤتمرات والصلة بالجامعات العالمية وإنشاء كراسي علمية فيها واعتماد بعض مساجدهم القديمة كأثار ترعاها اليونسكو.

كما قال بتحليل الموسوعة الاباضية في ملحق الكتاب، وقد زود الباحث كتابه ببعض الصور المفيدة.

ختاما هذا كتاب مهم وجهد مشكور للدكتور الهيثم زعفان تعرض لجوانب متعددة من تاريخ وواقع الإباضية، ولا يزال هناك حاجة لتوضيح ودراسة تاريخ دول الاباضية وامتدادتها التاريخية والجغرافية، حيث وصل نفوذ اباضية عمان لزنجبار ومناطق في دول كينيا وتنزانيا اليوم.

ودراسة دورها الثوري/ التمردي بسبب عقيدتها الخارجية على دول الإسلام أو الخلافة.