القرآن يخاطبني

الرابط المختصر
Image
القرآن يخاطبني

في شهر القرآن شهر رمضان يزيد تواصل المسلمين والمسلمات مع القرآن الكريم عبر كثرة تلاوته وإقامة صلاة التراويح، وهذا فيه الكثير من الثواب والأجر من الله عز وجل، ولكن الأهم من ذلك هو التواصل العميق مع مفاهيم القرآن الكريم وقواعده وأحكامه وأوامره ونواهيه والتدبر لحال الأمم السابقة وأخذ الحكمة والعبرة من قصص الأنبياء والمرسلين واليقين بحقيقة الحياة والكون والمستقبل والعاقبة، قال تعالى: "إنا أنزلناه قرآناً عربيا لعلكم تعقلون" (يوسف: 2).
ولا يكون هذا إلا من خلال حضور القلب لما يقرأ وهو يتلو كتاب الله عز وجل، وتدبر ما يسمع من كلام الرحمن خلف الإمام في صلاة التراويح، قال تعالى: "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" (ق: 37).
وتدبّر القرآن الكريم والاستنارة بنوره والأخذ من هدايته أمر سهل لكل من طلبَه، قال تعالى: "ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر" (القمر: 17)، وذلك أن القرآن الكريم جاء "بلِسان عربي مبين" (الشعراء: 195)، فهو كتاب واضح وكلام مبين، خاصة في الأصول والقواعد الكبرى التي تكررت كثيراً فيه، ومن هنا كانت أهمية تواصل المسلمين الدائم مع القرآن الكريم عبر القراءة والاستماع المستمر له في كل وقت وحال، لأن قليلا من التركيز والإنصات للقرآن الكريم يفتح العقل والقلب لتلقي أنوار الوحي الرباني وهدايته، ويرسّخ الرشد والحق في النفس والبدن، ولو كنتَ في وسائل المواصلات أو في عملك أو كانت المسلمة في بيتها.
وقوة الأمة المسلمة مرتبطة بقوة اتصالها بالقرآن الكريم وتشكيل مفاهيمها وسلوكها بحسب أوامره ونواهيه، وهذا ما يعلمه أعداء الإسلام جيداً، ولذلك يحاربون انتشار حفظ القرآن الكريم والاستماع له بالتضييق على المراكز القرآنية من جهة، ويسعون لدعم الأبواق العلمانية التي تحرف فهم القرآن الكريم إما بالتشكيك في قدسية القرآن الكريم والزعم أنه منتج بشري وليس كلام الله عز وجل ووحيه الرباني! أو يسعون لتحريف معاني الأوامر القرآنية فيحلّون الحرام من الشرك والزنا والخمر، ويهوّنون من أركان الإسلام كالشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج.
وحتى أكون على صلة قوية بالقرآن الكريم ومفاهيمه وأوامره فإنه يلزمني أن أحرص على الإنصات والتدبر للقرآن الكريم وأن أستحضر أن القرآن يخاطبني شخصياً، ولو حرصنا على الوعي بمفهوم أو أمر قرآني واحد كل يوم ومن ثم تطبيق تلك الأوامر، والتزام مفاهيم القرآن في حياتي فإن حالتنا وحال أمتنا ستقفز للأمام بشكل ضخم جداً.
ومطالعة بعض الكتب المميزة تساعد على التدبر والفهم لأوامر القرآن وهدايته ومقاصده وقواعده، ومن أجمل الكتب في ذلك كتاب "الوحي المحمدي" للشيخ رشيد رضا، والذي جمع مقاصد القرآن في عشرة مقاصد كلية، وكتاب "قواعد قرآنية" للشيخ عمر المقبل، والله الموفق.