الكفاءة والفعالية سمة المصلحين

الرابط المختصر
Image
الكفاءة والفعالية سمة المصلحين

العمل والبذل والتضحية هي المطلوبة من المصلحين، مقتدين في ذلك بالرسل والأنبياء، كما قال تعالى عن نوح عليه السلام: "قال ربّ إني دعوتُ قومي ليلاً ونهاراً * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإنّي كلّما دعوتُهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا * ثم إنّي دعوتهم جهاراً * ثم إني أعلنتُ لهم وأسررتُ لهم إسرارا" (نوح: 5-9).
ومن هنا فإن على المصلح الحرص على أن يتصف بصفة الكفاءة والفعالية حتى يكون صالحاً مصلحاً بالفعل، وقد يجهل كثير من الناس الفرق بين الفعالية والكفاءة، وكيف يوظفون ذلك في عملية الإصلاح.
ولعل من أبسط ما يقرره خبراء الإدارة والتنمية البشرية في التفريق بين الفعالية والكفاءة قولهم إن الفاعلية بكل بساطة هي: أداء الأعمال الصحيحة، بينما الكفاءة هي: أداء الأعمال بطريقة صحيحة.
ولو نزلنا هذا على عملية الإصلاح فسنجد الله عز وجل يرشدنا لأعلى الأعمال فيقول جل وعلا: "ومَن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا" (فصلت: 33)، فهذا نصّ صريح على أن أحسن الأقوال الدعوة إلى الله عز وجل وأن أحسن الأعمال عمل الصالحات، وهذه هي الفعالية بأداء الأعمال الصحيحة كما قال تعالى: "والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" (العصر: 1-3).
وتبقى عندنا الكفاءة وهي أداء هذه الأعمال الصحيحة بطريقة صحيحة، وكم هي المشاكل التي تتسبب بها الطريقة غير السليمة في القيام بالأعمال الصحيحة!
فعدم تقيد الرماة يوم أُحد بالبقاء في مواقعهم هو خلل في الكفاءة بعدم إتمام العمل وإنهاء وقته اللازم مما تسبب بمشكلة كبيرة، وعدم التزام كثير من الشباب اليوم بالجهاد في سبيل الله عز وجل بالشكل الصحيح حوّلهم إلى قطاع طرق ومجرمين يقتلون الأبرياء ويهاجمون الشرفاء وينصرون الطغاة في نهاية المطاف!
وعدم إتقان كثير من الحركات الإسلامية لعلم السياسة والعمل السياسي جعلها ترتكب الكثير من الأخطاء التي كلّفتها وكلّفت الأمة الكثير الكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات والعمل الدعوي فضلاً عن التعذيب والتشريد والاعتقال.
وعدم تنفيذ كثير من المسؤولين لخطط التنمية بالشكل السليم تسبب في حالة من الفساد والضعف والتخلف الكبير الذي سيبقى لعنة تطاردهم في الدنيا وعذابا في الآخرة.
الخلاصة؛ المصلح لا يكتفي بأن يعرف العمل الصحيح المطلوب القيام به، بل يجمع مع ذلك معرفة وتنفيذ العمل الصحيح بطريقة صحيحة مما ينتج عنه انتشار الخير وعموم السعادة والراحة.
ومَن تفحص حياة الأنبياء ومِن بعدهم الصحابة والأولياء سيجد أن سمتهم الجمع بين الفعالية والكفاءة، "فبهداهم اقتدِه".
لذلك لا بد لنا من معرفة الأعمال الصحيحة وتحديدها وتعريفها لنتمكن من أدائها.
وتعرف لذلك فان الفعالية والكفاءة هي: أداء الأعمال الصحيحة بطريقة صحيحة.
وترتبط الفعالية بالقيادة, وترتبط الكفاءة بالإدارة. لذلك فان الفعالية تتحقق عندما يكون هناك رؤيا واضحة وأهداف محددة واستراتيجيات ومبادئ وقيم وتنمية وتطوير وغير ذلك من سمات القيادة.
وتتحقق الكفاءة عندما يكون هناك تخطيط وتنظيم وإدارة للوقت ورقابة ومتابعة.
وعندما يكون هناك فعالية ولا يوجد كفاءة فإن الرؤى والأهداف لا تجد من يحققها بصورة صحيحة, وفي حالة عدم وجود فعالية ووجود كفاءة فان الأعمال تنجز ولكن بدون وضوح الأهداف.