تصديق الشائعات فخ لا تدعه يبتلعك!

الرابط المختصر
Image
تصديق الشائعات فخ لا تدعه يبتلعك!

في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أمتنا حيث تُشن عليها حروب عسكرية مدمرة بشكل علني من الخارج الكافر والداخل الطائفي، وتُشن عليها حرب فكرية شعواء من مراكز الفكر العالمية وأبواق العلمانية المحلية، وتعاني فيها أمتنا من صراعات داخلية مفتتة، سواء بين أنظمة متصارعة، أو أنظمة ومعارضة متخاصمة، أو بين دوائر السلطة الواحدة، أو بين فرقاء المعارضة نفسها، بل حتى بين أعضاء الحزب والجماعة الواحدة إسلامية أو علمانية، وامتد الحال المائل ليصيب شباب أهل السنة حيث يتصارعون على مواقف علمائهم ودولهم وسياسات عامة هنا وهناك.
ومع كل هذه المعارك والصراعات والتصدعات في الصف يمتلىء الجو بالشائعات والأكاذيب والمزاعم وتتنافس المنظمومات الإعلامية في ترويجها بعد بهرجتها وتزيينها حيث يرفق بالكذبة صور جذابة لكن لا علاقة لها بالموضوع أو ليس فيها دلالة! وقد يرافق الإشاعة تسريب صوتي، حين التحقيق يتبين أنه ليس له علاقة بالموضوع أو أنه هو نفسه كذبة مفبركة! أما الأكثر استخداما فهو تضخيم كذبة العنوان بما لا علاقة له بالموضوع! على اعتبار أن الغالبية لا تقرأ التفاصيل، وبذلك تنفق سوق الكذب والإشاعات ويهلك الطيبون بتصديقها ويقعون في فخاخها.
قبل انتشار تكنولوجيا الاتصالات والتواصل وفي زمن الخلافة الراشدة قام بعض الخبثاء يقودهم اليهودي الصنعاني ابن سبأ بنشر الأكاذيب على صهر النبي صلى الله عليه وسلم المبشر بالجنة، عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فصدّقه كثير من الغوغاء وبعض الأصفياء وقام بسبب ذلك شغب انتهى بقتل ذي النورين، رضي الله عنه!
ومن مواقف السقوط في فخ الشائعات ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية من قبض محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، على لحية عثمان، رضي الله عنه، ليطعنه بخنجر! فقال له عثمان: مهلا يا ابن أخي، فوالله لقد أخذت مأخذا ما كان أبوك ليأخذ به، فتركه وانصرف مستحيا نادما.
لقد كانت الشائعات سائدة في ذلك العصر حتى أن عائشة رضي الله عنها أرسلت من يتأكد لها من خبر ظهور ذي الثدية بين الخوارج الذين قتلهم علي، رضي الله عنه، بعد أن شكّكها بذلك بعض الناس وأنه ظهر في مصر!!
فإذا كان الخبثاء لا يتورّعون عن محاولة خداع أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، ونجحوا في تأليب ابن الصديق على ذي النورين، فكيف هو الحال في عصرنا الحاضر الذي تكاثرت فيه منابر الأخبار ومصادرها، وسهل تزويقها وتزويرها وأصبح كل إنسان إعلاميا بفضل العولمة والتكنولوجيا، ويزيد ذلك مأساة تدهور الأخلاق لدى الكثيرين وتراجع القدرة التفكيرية في ما يرِد من أخبار وأنباء، ويضاعف ذلك ضعف القدرة الإعلامية لدى الصادقين وسيطرة الفاسقين على منابر الإعلام السنية المفترضة!
فأغلِق أذنيك عن كثير من الكذب مهما تكرر في وسائل الإعلام ولا تنجر لفخ الشائعات فتقع في المصائب في الدنيا والآخرة، وإذا كنت لا تستطيع تمييز الحق من الباطل فالْزم رأي العلماء وانشغل بخاصة نفسك وأهلك ودعك من الشأن العام.