خطوات لممارسة الإصلاح (11)

الرابط المختصر
Image
خطوات لممارسة الإصلاح (11)

 الإصلاح مسؤولية مجتمعية عامة، كلٌّ بحسب موقعه ودوره، قال عز وجل: "وما كان ربك لِيهلك القرى بظلمٍ وأهلُها مصلحون" (هود: 117). 6 – الناشطون السياسيون يشكل العمل السياسي في مَظاهره المختلفة عبر الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات دعامة مهمة لعملية الإصلاح، خاصة إذا كان يقوم بدوره الحقيقي وبالشكل الملائم، والتجارب العالمية الناجحة تبيّن ذلك بوضوح. فحين تكون الأحزاب قائمة على برامج ومشاريع واضحة وتقدم حلولا ومقترحات للتحديات والأزمات، تكون هناك حياة حزبية حقيقية، ويكون هناك تنافس صحي لخدمة المجتمع وإصلاحه، ففي فرنسا حين قام الرئيس مايكرون بتقديم رؤية لمعالجة أزمة فرنسا ووجدت هذه الرؤية تجاوبا مجتمعياً قام بتأسيس حزبه في سنة 2016 وخاض الانتخابات وفاز بمنصب الرئاسة في العام التالي. لذلك حين تبقى الأحزاب في عالمنا العربي أقرب للشللية وتفتقد الرؤية والمشروع والحلول لإخفاق السلطات الحاكمة فإن النتيجة هي حياة سياسية بائسة وانتخابات مزورة وتجذر للفساد وتراجع وترهّل في الخدمات العامة إذا بقيت السلطة الحاكمة في سدة الحكم، وإذا وصلت المعارضة للحكم فسيكون التغيير في الشخوص فقط لعدم وجود رؤية بديلة وحلول مدروسة مما قد يفاقم الأحوال سوءاً، وهذا هو الفارق بين تجربة حزب الحرية والعدالة المصري وحزب العدالة والتنمية التركي الذي تميز بتحضير دروسه جيداً من خلال تجهيز حلول علمية وموضوعية للمشاكل والأزمات قبل استلام السلطة، وهو نهج سار عليه أردوغان منذ أن ترشّح لبلدية اسطنبول في سنة 1994 كما يوثق ذلك كتاب "قصة زعيم"، بينما تم الاكتفاء بإطلاق شعارات مشروع النهضة في الحملة الرئاسية المصرية سنة 2012، ولما فاز د. مرسي وأصبح رئيساً تبخرت هذه الشعارات وتبين أنه لا توجد رؤية ولا مشروع نهضة ولا حلول مما عقّد الأمور! ونفس الحال ينطبق على النقابات ومؤسسات المجتمع المدني فإن بقيت "دكاكين" تخدم مصالح فئوية وتقوم بأدوار شكلية بدلا من أن تسعى للإبداع في خدمة أعضائها ومجتمعها بالتركيز على مربع الحلول والاقتراحات والبرامج لمشاكل المديونية والبطالة والإسكان والاقتصاد فإن حالة الفساد والترهل ستستشري وتصبح هذه المؤسسات بذاتها من منظومة الفساد والتخلف والتبعية. والسبيل الوحيد لتكون هذه المؤسسات وأعضاؤها في مسار الإصلاح الانشغال بتقديم الحلول الصحيحة الإبداعية والممكنة التطبيق للمشاكل القائمة ضمن إطار القدرات المالية المتوفرة وتخطي العقبات القائمة، على طريقة تفكيك الملفات وليس جمعها معا بما يجعل من حلها مستحيلاً.    ومن أمثلة الحلول الإبداعية ما رواه السفير المصري في تركيا عن تحايل حزب العدالة بقيادة الرئيس عبد الله جول للسماح للمحجبات بدخول القصر الرئاسي فقال: "كسب جول معركة دخول المحجبات القصر الجمهوري حين دعا زوجات الشهداء من الجنود للإفطار بالقصر في شهر رمضان تكريمًا لهن. وكان معظمهن زوجات لجنود من القرى والأحياء الشعبية ويلتزمن بارتداء الحجاب، وهو الأمر الذي لم يستطع قادة الجيش الاعتراض عليه، فدخلت المحجبات زوجات الشهداء القصر الجمهوري وسقطت إحدى قلاع العلمانية الأتاتوركية".