الإصلاح مسؤولية مجتمعية عامة، كلٌّ بحسب موقعه ودوره، قال عز وجل: "وما كان ربك لِيهلك القرى بظلمٍ وأهلُها مصلحون" (هود: 117).
3- الأزواج والزوجات والآباء والأمهات (2-2)
إذا كان عهد بو رقيبة بتونس في آخر القرن الماضي عرف سياسة تجفيف المنابع لمحاربة الإسلام باسم محاربة (الإسلام السياسي) عبر التضييق على المساجد وروّادها من الشباب خصوصاً، ومحاربة الحجاب والخمار وإرغام الفتيات على نزعه، ومنعهنّ من التعليم بسبب ارتدائهن له، وتبديل المناهج التعليمية، وتشجيع الفساد والانحلال، وتناول المخدرات في الجامعات والكليات، مما تسبب بضياع قطاع واسع من الشباب والشابات التونسيات لصالح المنكرات والأفكار المضادة للدين والإسلام.
إذا كان هذا الحال في تونس قبل ربع قرن فإن الأمر اليوم يتكرر في كثير من بلاد الإسلام ولكن بحجة محاربة الإرهاب والتطرف والغلو، فمحاربة الخمار والنقاب بل والحجاب أصبحت ظاهرة بارزة لدى كثير من العلمانيين الإعلاميين والمنظّرين والساسة، وتم محاولة منع المنقبات من التعلم والتعليم في بعض الدول، كما أن المساجد تشهد تضييقاً بالهدم والإزالة أو محاولة توحيد خطبة الجمعة لصالح أجندات خارجية أو موضوعات باردة! فضلاً عن التضييق على كثير من المناشط الدعوية والتوعوية حيث انحسرت مساحة الفضائيات الإسلامية الهادفة، واختفت تقريباً ظاهرة الشريط والقرص الدعوي والعلمي لصالح مقاطع وعظية قصيرة مفيدة لكن لا تصنع هوية وشخصية راسخة وواعية.
أما التعليم فالعبث فيه على قدم وساق باسم التطوير والتحديث! لدرجة محاولة حذف تعليم التربية الإسلامية أو تحريفها لتصبح تربية إسلامية "دايت" لا تحصّن الجيل الصاعد من الشبهات العصرية، سواء المتطرف منها أو المنحل ولا تحمي النشء من طوفان شهوات الحداثة وما بعدها.
أما الإعلام فلم يقف الأمر عند كسر الأسوار التي كانت تحدّ من انتشار شروره مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والسماوات المفتوحة والقرية العالمية الواحدة بل وصل الأمر إلى كسر كثير من القواعد التي كانت تتحكم بمعايير ما ينشر في وسائل الإعلام حتى زالت الفوارق بين الإعلام الرسمي والخاص وحتى الإعلام الرخيص والمنحل.
ومع هذا الحال السيئ يصبح من الضرورة بمكان تركيز الآباء والأمهات على حسن التربية والتعليم لأولادهم وربطهم بدينهم وقِيَمهم الإسلامية، وتعويض حالة الفراغ الدعوية والتربوية والتعليمية التي تفرض على مجتمعاتنا وأجيالنا.
ومن أعظم مجالات الإصلاح رعاية الأهل والأبناء، قال تعالى: "وإذ قال لقمان لابنِه وهو يعِظه يا بنيّ لا تشرك بالله إن الشرك لظلمٌ عظيمٌ" (لقمان: 13)، وقال في وصف إسماعيل عليه السلام "وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة" (مريم: 55)، وأمر نبينا عليه الصلاة والسلام فقال تعالى: "وأْمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" (طه: 132)، وأمر جل وعلا المؤمنين فقال: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة" (التحريم:6).
وللقيام بهذه المهمة؛ على الزوجين والوالدين تعلّم العلم الشرعي الواجب أولاً، وتعلم أصول التربية والتوجيه ومن ثم القيام بتربية وتعليم أبنائهم، ولعل مما يساعد على ذلك سماع أو مطالعة إصدار الشيخ محمد إسماعيل المقدم "محو الأمية التربوية"، كما أن مطالعة كتاب "أبناء الملتزمين" لعبد الرحمن ضاحي مفيد في هذا الباب لفهم خطورة التقصير في إصلاح الأبناء في هذه المرحلة العصيبة، ولتكن البداية بتربيتهم وتعليمهم غايات الصيام وأحكامه ونحن على أبواب رمضان المبارك.
خطوات لممارسة الإصلاح 8
2018/05/01
الرابط المختصر
Image