روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "طوبى لعبدٍ أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة".
واليوم نحتاج إلى أن يقوم كلٌّ منا بدوره، وبالأداء السليم لنصرة الإسلام والمسلمين، سواءً كان في حراسة الآخرين وخدمتهم بما يخدم مصلحة الإسلام والمسلمين، أو كان في الساقة، أي مؤخرة الجيش، وهي مهمة قد تكون شاقة وصعبة أو غير مهمة ولا تسلط عليها الأنظار، وفي هذا المثال الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم بيان لحقيقة أن التعامل هو مع الله عز وجل في البداية والنهاية، بغضّ النظر عن المكان والمنزلة والشهرة.
وفي قصة الهجرة النبوية للمدينة المنورة نرى تكاتف الجميع لإنجاح المهمّة، فالصديق هو المرافق الشخصي والمسؤول عن توفير الاستعدادات اللوجستية للهجرة، أما علي بن أبي طالب فقد كان البطل الشجاع الذي ضلل كفار قريش بمبيته في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت الصديق شقت نطاقها نصفين لتغلّف زاد النبي صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الهجرة، أما عبد الله بن أبي بكر فكان مكلفا بنقل أخبار مكة لتستكمل حلقات التخطيط والتنفيذ للهجرة، ولإخفاء آثار أقدامه كان يمرّ وراءه عامر بن فهيرة ببعض الأغنام. وهكذا كان لكل شخص دورٌ في الهجرة النبوية التي أضاءت بها الدنيا ودانت للإسلام.
واليوم في واقعنا المعاصر نجد أن الأزمات والتحديات تفرض علينا وتفرز لنا أدواراً لم نكن نتوقع القيام بها من قبل في وقت الراحة والرخاء، فها هي فرقة القبعات البيضاء في الثورة السورية تقوم بجهد جبار في إنقاذ الضحايا والأبرياء وإسعاف الجرحى والمصابين وإزالة الأنقاض والركام عن المحاصرين والعالقين تحتها، وقد كانوا قبل ذلك في مجالات أخرى ومسارات مختلفة، وأيضا رأينا كيف برع كثير من الشباب في جانب الإعلام والصحافة حتى أصبح بعضهم وكالة أنباء تمشي على قدمين.
أما في الجهاد والمقاومة والثورة فقد برزت أسماء مدنية لتسطر أروع البطولات والشجاعات في الإقدام والاقتحام والفداء والصبر والصمود أو في التخطيط والقيادة والتحفيز وبُعد النظر ومن أبرز الأمثلة الشيخ زهران علوش وحجة مارع رحمهما الله وجميع الشهداء.
والباب مفتوح على مصراعيه للجميع للمساهمة الإيجابية في نصرة الإسلام والمسلمين والبشرية ممّا تعانيه من تحديات وعدوان، والمساهمة بالالتزام بأحكام الدين في نفسه وفي مَن حوله أو بالدعوة إليه بمختلف الوسائل والأساليب والطرق إما بنقلها للآخرين أو بإرشادهم عليها أو بتقديمها لهم لمن كان يملك المعرفة والمهارة بها، أو بالعمل الإعلامي أو العمل التطوعى الاجتماعي أو العمل السياسي المنضبط بالشرع سواء كان في الحكم والسلطة وزيرا أو خفيرا، أو عبر العمل السياسي الشعبي كنائب أو ناشط.
إن للجميع دورا ومهمة يمكنه تقديمها لنصرة الإسلام والمسلمين، وإن دورك وعملك لن يقوم به غيرك، وإن عملك هذا من أسباب فوزك في الآخرة، وكلّما اتسعت دائرة القائمين بأدوارهم في ذلك كانت نهضة الأمة أقرب وأقوى، والعاقل والموفّق مَن بَحث عن مهمته إن كان غافلا عنها، أو زاد في إتقانه إن كان مقصّراً، أو ضاعف جهده إن وجد على ذلك قدرة وقوة.
ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها" ولنتعلم منه أن زمان العمل قائم حتى تقوم الساعة وأن الإيجابية والإنجاز سمة الإسلام والمسلمين، فشمّر عن ساعديك وابحث عن دورك ومهمتك أو أتقن عملك فيها.
دورك لن يقوم به غيرك!
2017/03/01
الرابط المختصر
Image