انتصار الإسلام حقيقة قائمة وماثلة في بقائه أولا في وجه كل المخططات الجهنمية التي استهدفته طيلة القرون الماضية، وفي انتشار التمسك بالإسلام بين المسلمين ثانيا، وفشل جهود كل الأمبراطوريات التي حاربته وحاربت المسلمين، وفي تمدد الإسلام واستقطابه لغير المسلمين برغم كل محاولات الحصار والتذويب التي تشن عليه بالحروب الطاحنة أو عبر القوانين والأدوات الناعمة.
واليوم مَن يتابع الخطوط العريضة لتبدلات النظام الدولي يدرك ويوقن أن نصر الإسلام قادم، وهزيمة الكفر والطغيان قريبة، لكن بشرط أن يكون المسلمون واعين لهذه التبدلات وكيفية استثمارها، وأن يكون المسلمون جاهزين لذلك.
فأقدار الله عز وجل تعمل في صالحهم ولصفّهم برغم المحن والمصائب التي تصيبهم، فهذه أوربا تتفكك وهذه أمريكا تتخبط، وهذه روسيا تقترب من الإفلاس رغم تنمّرها، وأما إسرائيل فطغيانها يزداد، ويزداد صراعها الداخلي بين العلمانية والتعصب الديني الذي يصر على إعلان يهودية الدولة، وما انتشار روح العصبية والعنصرية في هذه المجتمعات إلا مؤشر على خلل كبير في بنيتها سيشعل الصراعات الأهلية فيها.
أما ايدلوجية الحداثة والعلمنة فقد أفلست بعد أن قتلت روح الناس فيها وحوّلتهم إلى آلات وأدخلتهم في دوامة الجحيم بالقلق والاكتئاب وإدمان المخدرات والجنس، حتى وصل الحال ببعض مفكريهم للقول: "فالإنسان اختراع تظهر أركيولوجيا فكرنا بسهولة حداثة عهده، وربما نهايته القريبة... عندئذ يمكن الرهان أن الإنسان سوف يندثر مثل وجه من الرمل موسوم على حد البحر "(فوكو، في كتابه الكلمات والأشياء).
وقد انعكست هذه الثقافة العلمانية المادية على مجتمعاتهم فأصابتها في مقتل بغرقها في الشهوات ونبذها لبناء الأسرة السويّة، مما دعا مفكرهم المشهور باتريك بوكنان أن يطلق صرخة تحذير في كتاب سماه: موت الغرب! وفي مقابل ذلك تتوافق مراكز الدراسات والاستطلاعات على أن الإسلام يشقّ طريقه في الغرب ليصبح الدين الأول خلال العقود القادمة!
فهل يكون الإسلام في الغرب هو المنقذ للبشرية ولحضارة الإسلام كما سبق لكثير من القوميات والعرقيات نصرة الإسلام وإنقاذ البشرية من شرور الطغيان المشرك، ليظهر نموذج جديد على غرار نموذج صلاح الدين الكردي والسلاجقة والعثمانيين؟
بعد هذا الاستعراض المجمل لتبدلات النظام الدولي الجارية، فإن السؤال المركزي هو: أين موقعك من نصرة الإسلام؟
الإسلام منتصر لا محالة، والشرف والكرامة أن تكون من المشاركين في صناعة هذا النصر، من خلال التمسك الواعي بالإسلام، والذي يتمثل في التعلم الصحيح لقيَمه ومفاهيمه وشعائره وأحكامه وأولوياته، والتطبيق السليم لذلك في الواقع، والمساهمة في الدعوة إليه بحكمة.
وهذا الإلتزام بالشريعة يتضمن أن يحسن ويتقن كلا منا القيام بواجباته الأسرية والاجتماعية وواجباته الوظيفية بحسب مختلف الأدوار التي نكون فيها، مما ينشر الإصلاح والفلاح والنجاح في كافة الأرجاء ويحارب الفساد والخراب والفشل، مما ينهض بمجتمعاتنا ويزدهر به واقعنا ويشرق به مستقبلنا بإذن الله.
وعلى العلماء والمفكرين واجب بث العلم الشرعي والفكر الإسلامي الذي يعالج مشاكل الواقع في كافة الجوانب ويقدم لهم الحل الصحيح والبديل السليم، وتحذير الناس من المزالق والفخاخ التي تُنصب للمسلمين والبشرية لتعرقل وصول الهداية إليهم، كفخاخ الشهوات الجذابة، أو فخاخ الشبهات البراقة، أو فخاخ الغلو والتطرف.
وقد لخص لنا أهل العلم بعبارة قصيرة صريحة الميزان الذي نفحص به موضعنا من نصرة الإسلام والحرص على فعل الخير وإسعاد الناس بقولهم: " (إذا أردت أن تعرف مقامك فأنظر فيما أقامك "، فليبحث كلا منا ما هو الذي يشغله ؟ وهل هو يسهم في نصرة الإسلام ويسعد الناس؟ فمن كان كذلك فليحمد الله ويزد فيه، ومن وجد غير ذلك، فليبادر ويصلح حاله، فهذا هو الشرف والكرامة التي لا تفوت يا فطين.
نصرة الإسلام شرف لا تدعه يفوتك
2017/03/01
الرابط المختصر
Image