من أهم مفاصل قصة إسماعيل عليه السلام قضية رؤية ذبح أبيه إبراهيم له، عليهما الصلاة والصلاة، قال تعالى: "فلما بلغ معه السعي قال يا بُني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعلْ ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين* فلمّا أسلما وتلّه للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم* قد صدّقتَ الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين* إن هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذِبح عظيم" (الصافات: 102- 107). ومما يستفاد من هذه القصة أن رؤيا الأنبياء حق، وهي من الله عز وجل، ولذلك كان التمهيد لنبوّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبدء نزول الوحي عليه هو الرؤيا الصادقة، لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح". ولذلك كانت ردة فعل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام التسليم التام لأمر الله عز وجل، لأنه لا يأمر إلا بالحق والحكمة، وكانت الغاية من هذا الاختبار والامتحان بيان فضل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ولذلك خلّد الله عز وجل ذكر إبراهيم في العالمين، فمن أراد سلوك سبيل الأنبياء فعليه بالتسليم والعبودية المطلقة لشرع الله عز وجل، ففيه الخير والبركة، ولا تزال الأيام تكشف عن حِكم وفوائد ومنافع مخفية لكثير من الأوامر الشرعية. والرؤيا الصالحة للرجل الصالح هي جزء بسيط من أجزاء النبوة لقوله عليه الصلاة والسلام: "الرؤيا الصادقة جزء من ستٍ وأربعين جزءا من النبوة" رواه البخاري، هذه هي عقيدة أهل السنة. وللأسف أساء بعض المعاصرين توظيف قضية الرؤيا الصالحة لتمرير أجندات وسلوكيات ومناهج منحرفة، ولعل أول من فعل ذلك جماعة جهيمان حين جزموا بأن محمد القحطاني هو المهدي المنتظر، واستحلّوا لذلك القتل والقتال في الحرم، وهي كبيرة من الكبائر، فخالفوا منهج أهل السنة الذين يقرّون بالرؤى الصالحة ولكنهم لا يعتمدون عليها في الأدلة والأحكام الشرعية، فالرؤى لغير الأنبياء لا يُبنى عليها عمل، بل هي مبشرات فقط لقوله صلى الله عليه وسلم: "لم يبقَ من النبوة إلا المبشرات، قالوا وما المبشرات؟ قال الرؤيا الصالحة" رواه البخاري، وتكرر هذا في عدة حالات لترويج بعض التصرفات الكارثية مثل هجوم 11/9 في أمريكا، أو تلميع وترويج خليفة ودجال الدواعش. فمن أهم العِبر من قصة إسماعيل عليه السلام التفريق بين رؤى الأنبياء، وهي حق، وبين رُؤى ومنامات غيرهم، والتي تحتمل الصدق والكذب، ولا يجوز القيام بأعمال وتصرفات بناءً عليها، والاعتماد على المنامات، هو طريق معروف لتمرير كثير من الانحرافات والبدع والشركيات لدى الصوفية كمنامات الحلاج في فصوص الحكم والتي ملأها بالكفريات والمجازفات.
12- عِبر من قصص الأنبياء - ب – إسماعيل عليه السلام
2019/04/02
الرابط المختصر
Image