18- عِبر من قصص الأنبياء - ب – شعيب عليه الصلاة والسلام

الرابط المختصر
Image
18- عِبر من قصص الأنبياء - ب – شعيب عليه الصلاة والسلام

لا زلنا في قصة شعيب، عليه الصلاة والسلام، والتي فيها عِبر كثيرة للمؤمنين في هذا العصر، فبرغم كفر قومه وعنادهم الدائم لدعوته ونبوته إلا أن شعيباً، عليه الصلاة والسلام، بقي ثابتاً على دعوته، مخلصاً لها في وجه كل إساءاتهم وتطاولهم وعنادهم، وهذا الثبات على الحق من سنن الأنبياء الواجب اتباعها من المؤمنين والدعاة في كل عصر، وخاصة في عصرنا هذا الذي يتكاتف فيه أهل الباطل ضد المؤمنين برغم شدة صراعات أهل الباطل فيما بينهم! ومع هذا الثبات على الحق من شعيب عليه السلام كان هناك اليقين التام بالنصر والفوز في الدنيا والآخرة كما بيّن ذلك ربنا في قوله عن حال شعيب مع قومه: "ويا قومِ اعملوا على مكانتكم إني عاملٌ سوف تعلمون مَن يأتيه عذاب يُخزيه ومَن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب" (هود: 93)، والواجب على المؤمنين اليوم اليقين بتحقق موعود الله عز وجل لأهل الإيمان من النصر والتمكين وهزيمة الكفار المعتدين، ولو طال الزمن واشتد الكرب، ولنا في تحرر غالب بلاد الإسلام من ربقة الاحتلال رغم تطاوله لعدة قرون فى بعض الحالات، وفي زماننا هذا فإن المقاومة الفلسطينية والثورة السورية ضربتا أروع الأمثلة في قوة الحق برغم ضعف الإمكانيات وشدة قوة الباطل وتحالفاته، ولكن لوجود نقص في الإيمان لا يتحقق النصر التام كما تسبب عصيان الرماة يوم أُحد في تخلف غلبة المؤمنين على الكفار.  ومن العِبر التي تعلمنا إياها قصة شعيب عليه الصلاة والسلام بيان سنة الأنبياء ومنهجهم في كيفية مواجهة ظلم وطغيان النخبة والملأ وذلك ببيان أنه لا غرض أو مصلحة مادية خلف الدعوة للتوحيد، بل الغاية والهدف الحرص والخوف على مصلحة الناس، حيث صرّح شعيب عليه الصلاة والسلام بذلك فقال: "وما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجْريَ إلا على رب العالمين" (الشعراء: 180)، وإن منهج الأنبياء في مواجهة الظلم والطغيان هو ببيان فضل التوحيد والعدل، وأثرهما على حياة الناس، والتحذير من عاقبة الظلم والفساد عليهم "واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثّركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين" (الأعراف: 86)، وقوله: "إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط" (هود: 84). ومع إصرار وعناد المكذبين والكافرين على الظلم والطغيان فإن منهج الأنبياء، ومنهم شعيب عليه الصلاة والسلام، هو الثبات على الحق ومواصلة الإصلاح بقدر الإمكان "قال يا قومِ أرأيتم إن كنتُ على بيّنة من ربي ورزقنى منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاحَ ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وإليه أنيب" (هود: 88). فالثبات على الحق وبيانُه ومواصلة العمل الإيجابي بقدر الإمكان، واعتبار الزمن من أدوات النصر هو نهج الأنبياء في التغيير، وهو السبيل الذي يوصل المؤمنين إلى غايتهم.