ومن فوائد وعِبر قصة آدم عليه الصلاة والسلام كشف منهج الأعداء في إضلال الناس وصرفهم عن طاعة الله عز وجل، اعتمادا على التظاهر بتقوى الله وطاعته ويتجلى ذلك في أن قبول آدم وزوجه حواء الأكل من الشجرة المحرمة لم يحدث إلا بعد أن قام إبليس اللعين بخدعته الشيطانية وهي "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" (الأعراف:21)، فلقد سبق لإبليس أن وسوس لآدم وزوجه لكنهما بقيا غير مصدقين له حتى أقسم لهما بالله عز وجل، وحلف لهما به تبارك وتعالى، ولم يظن آدم وحواء أنه يمكن أن يقسم أحد ويحلف بالله كاذباً! وكانت النتيجة أن طُرد الجميع من الجنة لعصيان أمر الله جل وعلا. ولا يزال هذا المنهج "الإبليسي" في الحلف كذباً بالله عز وجل هو منهج شياطين الإنس والجن، فكم رأينا من أعداء الإسلام -ظاهراً وباطناً- يحلفون الأيمان المغلظة على خدمة الإسلام ونصرة المسلمين وإذا هم ألد الأعداء وأشد المجرمين، وقد أخبرنا القرآن الكريم عن توظيف المنافقين قديماً للحلف واليمين لخداع المؤمنين فقال تعالى عنهم: "ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين" (المائدة: 53)، وقال عنهم أيضاً: "ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يَفرقون" (التوبة: 56). أما اليوم، فلعل النموذج الأبرز في توظيف الحلف واليمين في خداع المؤمنين والغدر بهم يأتي من الشيعة والخوارج الذين أقسموا للبسطاء أنهم سيدافعون عن المستضعفين وينصرونهم في وجه الشيطان الأكبر والعملاء والخونة والمرتدين، فإذا الميلشيات الشيعية والداعشية هم من يقوم بالمجازر والوحشية والإبادة الجماعية بأبشع الصور والأشكال ضد المسلمين المستضعفين، وأرض الشام والعراق وما سال عليها من أنهار الدماء شاهدة على إجرام الشيعة والخوارج واتّباعهم لمنهج إبليس! وهذا المنهج الإبليسي في التظاهر بالتدين وتقوى الله عز وجل هو المعتمد اليوم في حرب الإسلام من الشرق والغرب، فلما رأوا انتشار التدين والالتزام بين المسلمين كان خيارهم تصدير عملاء بزي علماء، ومحاربة التدين الصحيح بمحاصرة منابره الإعلامية، والتضييق على دعاته المخلصين وفتح الباب واسعاً للمهرجين والأفاكين من قليلي الدين والعلم ليتصدروا المنابر والفضائيات والمؤتمرات والصحف. فخرجت علينا فتاوى إبليسية تحلّ الخمر والزنا والكفر والربا وكل المنكرات والفواحش وتقسم أنها حلال زلال، وأن تحريم هذه المنكرات كان مؤقتاً حتى ترشد البشرية! أو لأن العلم البشري لم يكن يستطيع التعامل مع الأضرار الجانبية لها! أو غيرها من التأويلات الباطلة والتبريرات السمجة، كما فعل شيخهم مع أبينا آدم عليه الصلاة والسلام من قبل. إن حسد وحقد الشيطان على أبينا آدم هو ما دفعه ليخدعه بالحلف بالله عز وجل ليعصي الله سبحانه وتعالى! حتى نجح في ذلك وطرد أبانا من الجنة! فهل نعتبر من ذلك، ونحذر من اتباع شياطين الجن والإنس اليوم الذين يحلفون لنا بالله ويتظاهرون بتقوى الله ليحرفونا عن صراط الله عز وجل البيّن الواضح في القرآن والسنة وفهم سلف الأمة ويسلكوا بنا طريق الشهوات والمعاصي والكفر والإلحاد؟
2- عِبر من قصص الأنبياء - ب - آدم عليه السلام
2019/03/23
الرابط المختصر
Image