30 - عِبر من قصص الأنبياء - ب – سليمان عليه الصلاة والسلام

الرابط المختصر
Image
30 - عِبر من قصص الأنبياء - ب – سليمان عليه الصلاة والسلام

من العِبر المهمة في قصة سليمان عليه السلام تفنيد مزاعم اليهود بأنه بنى في بيت المقدس هيكلاً! ولذلك فشل اليهود –ولليوم- في العثور على أي دليل أثري يشير لهذا الهيكل المزعوم  برغم كثرة أبحاثهم الآثارية في القدس عموماً، وتحت المسجد الأقصى خصوصاً. إذ أن سليمان عليه السلام إنما جدّد في بيت المقدس بناء المسجد الأقصى لما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن سليمان بن داود عليهما السلام لمّا بنى بيت المقدس، سأل الله عز وجل خلالاً ثلاثة: سأل الله عز وجل حُكماً يصادف حكمه، فأُوتيه. وسأل الله عز وجل ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فأوتيه. وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحدٌ لا ينهزه إلا الصلاة فيه، أن يخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه، فأوتيه" رواه أحمد والنسائي وصحّحه الألباني، وهذا يبطل علاقة يهود اليوم بالقدس، فسليمان عليه الصلاة والسلام كان مسلماً يدعو للإسلام كما في قصته مع ملكة سبأ "ألاّ تعلوا عليّ وأْتوني مسلمين" (النمل: 31). ومن فضل الله عز وجل على سليمان عليه الصلاة والسلام أنه علّمه منطق الطير والحيوان "وقال يا أيها الناس عُلّمنا منطق الطير" (النمل: 16) ولذلك أيضا فهِم كلام النملة لبني جنسها، وفي هذا إشارة قوية لضلال الرؤية العِلمانية المادية والإلحادية التي تنكر وجود الله عز وجل، أو الزعم بأن الوجود ليس له حقيقة أو غاية، بل إن هذا الكون جميعه مخلوق من الله عز وجل، وجميع مَن فيه يسبح ويعبد الله عز وجل رغباً ورهباً، علِم ذلك مَن عَلِمه وجهله مَن جهله، ولذلك كان من خصائص سليمان وداود عليهما السلام إدراك تسبيح الكائنات لله عز وجل "وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن والطير وكنّا فاعلين" (الأنبياء: 79)، وكلما تقدم العلم كشف عن تناغم الكائنات مع عبادة الله عز وجل. ولو بقينا مع الطير وتسخيره لسليمان عليه الصلاة والسلام سنجد أن جيش سليمان -على ضخامته وتنوع مكوناته- "وحُشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير" (النمل: 17) إلا أن له نظاما إداريا دقيقا بحيث يمكن لسليمان عليه الصلاة والسلام ملاحظة طائر متغيب! "وتفقّد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد" (النمل: 20)، وأيضاً كان يتابع الأمور والقضايا، فلما جاء الهدهد وقدّم عذره لم يقبل منه ذلك إلا بعد التثبت "قال سننظرُ أصدقتَ أم كنتَ من الكاذبين" (النمل: 27)، ونحن اليوم نعيش عصر الإدارة، فيلزمنا إتقانها حتى نكون روادًا للبشرية كما كنا، والإدارة منهج نبوي عميق، فقد ثبت في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب إحصاء عدد من يلفظ بالإسلام، وفي غزوة بدر استنتج النبي صلى الله عليه وسلم عدد المشركين من معرفة عدد ذبائحهم.