36- عِبر من قصص الأنبياء: ذو الكفل، إلياس، اليسع، شيث، يوشع عليهم الصلاة والسلام

الرابط المختصر
Image
36- عِبر من قصص الأنبياء: ذو الكفل، إلياس، اليسع، شيث، يوشع عليهم الصلاة والسلام

إن ذا الكفل وإلياس واليسع عليهم الصلاة والسلام هم ممن وردت أسماؤهم في القرآن الكريم بأنهم من الأنبياء، كما في قوله تعالى: "وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلٌّ من الصابرين * وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين" (الأنبياء: 85-86)، وقوله تعالى: "وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كلٌّ من الصالحين* وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاًّ فضّلنا على العالَمين" (الأنعام: 84-85)، ونصت آية الصافات على كون إلياس من الرسل "وإن إلياس لمن المرسلين" (الصافات: 123)، ويرى عدد من المفسرين في قوله تعالى: "سلامٌ على إل ياسين" (الصافات: 130) أن المقصود به هو إلياس وأن (إل ياسين) هي لغة ثانية لإلياس على غرار جبريل وجبرائيل وجبرائين، وميكال وميكائيل، وإسماعيل وإسماعين. وأما شيث ويوشع عليهما الصلاة والسلام فقد ثبتت نبوّتهما في السنة النبوية، فبخصوص شيث عليه الصلاة والسلام أخرج ابن حبان بسندٍ حسن عن أبي ذر أنه قال: "إنه أنزل عليه خمسون صحيفة" وهذا حديث مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، لا يقوله الصحابي من ذاته. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أحد أنبياء بني إسرائيل حُبست له الشمس في إحدى الغزوات فقال عليه الصلاة والسلام: "غزا نبي من الأنبياء ... فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنتِ مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحُبست حتى فَتح الله عليه.." رواه البخاري، وفي رواية صحيحة في مسند أحمد جاء التصريح باسم النبي المقصود، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشمس لم تُحبس على بشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس". ولم يَذكر القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الأخبار عن قصص هؤلاء الأنبياء، ولذلك يجب الحذر من تداول الإسرائيليات حولهم. ومعلوم أن عدد الأنبياء والرسل كثير جداً، لقوله تعالى: "ورسلاً قد قصَصْناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك" (النساء: 164)، وقال تعالى: "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" (فاطر: 24)، وقدمت لنا السنة النبوية أرقاما محددة، فأبو ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد المرسلين، فقال عليه الصلاة والسلام: "جم غفير، ثلاث مائة وبضعة عشر"، وسأله عن عدد الأنبياء، فقال عليه الصلاة والسلام: "مئة وأربعة وعشرون ألف نبي" رواه أحمد وصححه الألباني لغيره. وبخصوص لماذا قص الله عز وجل قصص هؤلاء الأنبياء والرسل دون بقيتهم؟ يقول ابن عاشور في تفسيره التحوير والتنوير: "لأن المذكورين هم أعظم الرسل والأنبياء قصصا ذات عبر". ولعل من العبر المهمة في قصص هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام -برغم أننا لا نعرف تفاصيل حياتهم ومسيرتهم-، أن الله عز وجل قد خلّد ذكرهم "وتركْنا عليه في الآخِرين* سلام على إل ياسين" (الصافات: 129-130) فجعل التصديق بهم وحبهم وتقديرهم من أركان الإيمان، لِما لهم من الفضل وما قدموه في سبيل الله عز وجل عند أمة الإسلام حتى قيام الساعة، وفي يوم القيامة يشهد المسلمون للأنبياء أنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة لأممهم.