يحيى عليه الصلاة والسلام هو ابن زكريا عليه الصلاة والسلام، وكان ميلاده آية ومعجزة بعد أن كبر وشاب زكريا عليه الصلاة والسلام، وكانت امرأته عاقراً لا تنجب، ولكن بدعاء زكريا المخلص لله عز وجل "وزكريا إذ نادى ربّه ربّ لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين* فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجَه" (الأنبياء: 89-90). وتكرم الله عز وجل على زكريا ويحيى عليهما السلام فسمّى يحيى باسم لم يُسبق إليه بشر "يا زكريا إنا نُبشرك بغلامٍ اسمُه يحيى لم نجعل له من قبلُ سَميا" (مريم: 7)، وأخبر ربنا سبحانه وتعالى زكريا ببعض صفات يحيى عليهما الصلاة والسلام بقوله: "فنادته الملائكة وهو قائم يصلى في المحراب أن الله يُبشرك بيحيى مصدقًا بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين" (آل عمران: 39)، فيحيى عليه الصلاة والسلام مصدق بكلمة الله عز وجل، سواء كانت النبوة والوحي الذي يأتيه هو أو بعيسى عليه الصلاة والسلام، وهو سيد شريف في قومه بنبوته، وببنوته لزكريا عليه الصلاة والسلام، وبعلمه وأخلاقه، وهو حصور عفيف عن الشهوات والفواحش بإكرام الله له وتحصينه أو بصيانته لنفسه عن ذلك، وهو نبي صالح. ولما وُلد يحيى وأصبح صبياً مميزاً كان متميزاً عن أقرانه بشهادة ربه عز وجل: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحُكم صبيا* وحنانًا من لدنّا وزكاة وكان تقيا* وبرّا بوالديه ولم يكن جباراً عصيّا" (مريم: 12-14)، فبرغم صغر سنه إلا أن الله عز وجل نوّه بذكره وفضله وأمره بالأخذ بالكتاب، أي تعلم التوراة بجد وحرص والعمل بما فيها وعبادة ربه، وآتاه ربه الفهم والحكمة مبكراً بسبب جدّه واجتهاده. وهنا موطن العبرة لشباب العصر بالاقتداء بيحيى في الحرص على الجد والاجتهاد بالتمسك بالقرآن الكريم وتعلّم أحكامه وآدابه والعمل بما جاء به من الأوامر والنواهي، وكلما طالت صحبة الشاب مع القرآن الكريم وتعلماً وتدبراً وفهماً وعملاً آتاه الله من الحكمة والنور. وفي أمر الله عز وجل ليحيى بالتمسك بالتوارة على قول جمهور المفسرين إشكال مع الشائع من أن تحريف التوراة وقع في السبي البابلي لليهود قبل المسيح بمئات السنين! فهل حُرفت التوراة بعد موسى عليه الصلاة والسلام، والأنبياء في بني إسرائيل متعاقبون بكثرة؟ أم أن التحريف للتوراة حصل واتبعها الضالون من بنى إسرائيل ولكن كان الأنبياء كيحيى عندهم نسخة سليمة منها؟ أو أن التحريف وقع بعد انقطاع أنبياء بني إسرائيل برفع المسيح عليه الصلاة والسلام للسماء؟ وهناك الكثير من الحكايات الإسرائيلية عن كيفية وفاة زكريا ويحيى عليهما السلام، ولكن ليس لدينا خبر صحيح عن ذلك في القرآن الكريم أو السنة النبوية، وهذه القصص الإسرائيلية إن ثبتت فهي تؤكد ضلال اليهود وعدوانهم الدائم على الأنبياء، وإن كانت كذبا وافتراءات فهي أيضاً تثبت تحريف الإنجيل!
38 - عبر من قصص الأنبياء - يحيى عليه الصلاة والسلام
2019/04/29
الرابط المختصر
Image