الشيخ أحمد السوركتي

الرابط المختصر
Image

الشيخ أحمد السوركتي نموذج لوحدة أمة المسلمين على اختلاف بلادهم، فهو السوداني الذي رحل للحجاز لطلب العلم، ثم استقر في مكة للتدريس، ثم هاجر إلى إندونيسيا، وأقام بها -رحمه الله- دعوة إصلاحية سلفية مستمرة لليوم، ومع هذا لا يعرفه كثير من الخاصة فضلاً عن العامة.

لمحة عامة:

للأسف لا تسعفنا المصادر المتاحة بالكثير عن سيرته في مراحله الأولى قبل هجرته لإندونيسيا، وما دوّن عنه يفيد أنه أحمد بن محمد السوركتي، والسوركتي هو لقب لجده الرابع، ويعني صاحب الكتب الكثيرة، وذلك أنه درس في مصر ورجع بكتب كثيرة منها، وكذلك والده كان يلقب بذلك للسبب نفسه حيث تخرج من الأزهر ورجع بكتب كثيرة.

وعائلته تنتسب لأحد نقباء الخزرج، وهو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري، ولذلك كان يلقب نفسه بالأنصاري.

ولد سنة 1292هـ / 1875م في جزيرة أرقو بالولاية الشمالية في السودان، وأسرته مشهود لها بالورع والصلاح والعلم، فنشأ نشأة صالحة، وحفظ القرآن بخلاوي منطقة دنقلة، ثم درس مبادئ الفقه على والده الذي كان يخصّه بمزيد من العناية في التعليم، حتى عن إخوته الكبار لِما يراه فيه من نجابة وتميز، فكان أبوه يصطحبه معه في زياراته للكتاتيب والمعاهد والمدارس ولقاءاته مع العلماء وغيرهم، مما وسّع مداركه وأنضج علمه وعقله مبكرًا ([1]).

كان يتصف بالتواضع منذ صغره، ويحرص على خدمة أساتذته وزملائه في الحلقات والدروس، ولم يكن يتفاخر بكونه ابن الشيخ الأزهري الذي يخطب ودّه المعلمون والشيوخ، وبقي خلق التواضع وسعة الصدر يلازمانه طيلة حياته، ومفتاح نجاح دعوته، واستطاع أن يترك أثرًا لا يمحى في قلوب كل من عاشره وقابله.

وكان يرغب بالسفر للدراسة في الأزهر كوالده، لكن أحوال السودان –آنذاك- لم تكن تسمح بذلك، فقد كان ممنوعًا من السفر من السودان إلى مصر من (الخليفة) عبد الله التعايشي، ثاني خلفاء الثورة المهدية في السودان ضد الحكم البريطاني والمصري، وذلك سنة 1885م، فعزم على السفر للحجاز لانزعاجه من ظلم دراويش المهدية وتسلط التعايشي([2]).

ولا نملك أي تفاصيل عن منهج السوركتي وفكره في هذه الحقبة، لكن يبدو أنه لم يكن صوفيًا، كما أنه لم يتقبل نهج دولة المهدي، والذي كان خليطًا من أفكار متناقضة[3]، ويبدو أن ذلك نابع من أن والده حين درس في الأزهر غالبًا تأثر بالشيخ محمد عبده (ت 1905م)، الذي كان يدعو إلى العلم والانفتاح على العلوم العصرية، ويرفض خرافات التصوف والشرك، واعتناء أسرة والده وجده الرابع بجمع الكتب والمطالعة فيها قد يعزز هذا التصور.