تمهيد:
تفاقمت ظاهرة الغلو والتطرف والإرهاب في واقعنا المعاصر لتصبح من أكبر التحديات التي تشهدها أمتنا اليوم بعد أن كانت ردة فعل ساذجة، وهذه طبيعة الضلال والانحراف، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالبدع تكون في أوّلها شبراً، ثم تكثر في الأتباع، حتى تصير أذرعاً، وأميالاً، وفراسخ"([1])، وهذا واقعٌ في تطور فكر جماعات العنف عبر عدة عقود، حيث أصبح تكفير غالبية المسلمين هو معتقدها بعد أن كان الدفاع عن المسلمين هو مبرّر تشكيلها!
... في هذه السلسلة سنتناول العوامل التاريخية والسياسية والأمنية والثقافية لظهور جماعات العنف والقتال، ومن ثم مسار تطورها التاريخي ومسار تطور انحرافها الفكري والنتائج الكارثية لها على الإسلام والمسلمين، مع التنبيه على الثغرات التي تضخّمت وتفاقمت من خلالها هذه الظاهرة السلبية، وسيكون الإطار الزمني والمكاني الذي نتناوله في هذه المقالات هو منذ انتهاء حقبة الاحتلال الأجنبي وقيام الدول العربية (المستقلة) التي لم تلبِّ طموحات شعوبها، وتصادمت مع هوية الجماهير، مما ولّد مناخا مأزوما، وظهرت فيه ردّات فعل عنيفة، عُرفت بجماعات الجهاد.
أولاً: الساحة المصرية
6- تطور تنظيم الجهاد للذوبان في تنظيم القاعدة
إن تنظيم الجهاد الذي يرأسه أيمن الظواهري وتم حلّه وذوبانه في تنظيم القاعدة في سنة 1999 تقريباً هو تنظيم قديم الجذور، وتشكّل من مجموعات متفرقة ساهمت ظروفها وخسائر الصدامات مع السلطة على التقاء بقاياهم معًا.
البداية والنشأة:
الظواهري من مواليد سنة 1951، ونشأ قريباً من جماعة أنصار السنة المحمدية السلفية المعروفة([2])، لكنه تعرّف أيضاً على نبيل برعي مبكرا وهو لا يزال في سن الخامسة عشرة، والذي كان جارا له في حي المعادي، ودخل معه في تنظيم الجهاد الذي أسسه مع إسماعيل طنطاوي)[3]( وذكرناه في الحلقة الأولى، فابتعد عن جماعة أنصار السنة وتبنى تكفير الدولة والانقلاب العسكري منذ عام 1966م وكان عمره ستة عشر عاماً([4])، وهذا سلوك تكرر كثيراً بانفصال وتباعد حملة فكر العنف والتطرف عن الجماعات والعلماء السلفيين، ولاحقاً يقومون بتكفيرهم، واغتيالهم أحياناً !!
ولعل أوضح من يبيّن بداية وتطورات تنظيم الجهاد هو أيمن الظواهري نفسه، والذي كتب عن ذلك فقال في حوار مع صحيفة الحياة اللندنية لكنها لم تنشره: "كانت بدايتي في الحركة الإسلامية في هذه الجماعة التي أتشرف بالانتماء إليها، وكان ذلك في حوالي سنة 1966م، عندما تكوّنت النواة الأولى لهذه الجماعة بعد مقتل الشهيد سيد قطب، رحمه الله، وكان من أعضاء هذه المجموعة الشهيد يحيى هاشم - الذي كان رئيساً للنيابة العامة - والأخ إسماعيل الطنطاوي والأخ نبيل برعي، ثم نمت هذه المجموعة إلى أن وصلت إلى الحجم الحالي للجماعة.
وانضم إلينا في فترة لاحقة الأخ عصام القمري، رحمه الله، وبدأ حينئذ في النشاط داخل الجيش، ثم مرت أحداث الفنية العسكرية واستشهاد الأخ يحيى هاشم، وقضايا الجهاد في عام 1977 و1978، واستطعنا بفضل الله تجنّب هذه الضربات...
ثم جاءت سنة 1981م وتعرضنا في بدايتها لضربة أمنية، عرف على إثرها الأخ عصام القمري، وقبض على بعض رفاقه من الضباط، مثل الأخ عبد العزيز الجمل والأخ سيد موسى وغيرهم من الضباط، ولكننا استوعبنا هذه الضربة.
ومع نشاط "الجماعة الإسلامية" واتحادها مع الأخ عبد السلام فرج بدأ التعاون ينمو بيننا وبينهم عن طريق الدكتور عمر عبد الرحمن والأخ عبود الزمر إلى أن جاءت أحداث 1981م اغتيال السادات وأحداث أسيوط، وقُبض على عدد من إخواننا بسبب الروابط المشتركة بيننا، وأمضينا في السجن ثلاث سنوات، حدث فيها تعارف عن قرب بيننا وبين إخواننا في الجماعات الجهادية، وكان من نتائج ذلك تلك الثقة العميقة بين الإخوة الذين عاشوا تلك الفترة سوياً، وبعد الخروج من السجن بدأنا في تجميع الإخوة من جديد، وقررنا استغلال الساحة الأفغانية لتدريب أعداد ضخمة من الشباب المسلم، وقد وفّقنا الله سبحانه وتعالى في ذلك توفيقاً كبيراً([5])."
وفي مقابلة لهاني السباعي مع صحيفة الحياة اللندنية([6]) نقل السباعي أنه سأل الظواهري عن نشأة الجماعة فقال: "سألتُ الدكتور أيمن كيف أسس جماعته، وقلت له إن الناس تحكي أن الذي أنشأها هو نبيل البرعي ومعه المهندس إسماعيل طنطاوي وبعض الإخوة الآخرين وأنت كنت بينهم. فردّ بالحرف الواحد: أنا الذي كنتُ أميراً على هذه المجموعة بمن فيهم الدكتور سيد إمام (صاحب كتاب طلب العلم). قال إن المجموعة التي تشكّلت في ناحية المعادي، ضمّت طلبة في الثانوية كانوا يذهبون إلى المسجد معاً كونهم يعرفون بعضهم بعضاً من المدرسة. في تلك الفترة اجتمعوا وكوّنوا أول خلية لنواة جماعة صغيرة واختاروه (الظواهري) أميراً للمجموعة الصغيرة التي ضمت الدكتور أيمن ونبيل البرعي وإسماعيل طنطاوي والدكتور سيد إمام وغيرهم"!!
وهذا يتعارض مع حواره مع صحيفة الحياة ومع اعتراف الظواهري في التحقيقات عقب اغتيال السادات حيث قال: "في عام 66-67 كنتُ منضماً في تنظيم ديني يرأسه إسماعيل طنطاوي، وكان معنا شخص يدعى سيد حنفي، وكنا نسعى من خلال هذا التنظيم إلى العمل على قلب نظام الحكم، وانضم إلينا بعد ذلك شخص يدعى علوي مصطفى عليوة، كما انضم إلينا شخص آخر اسمه محمد عبد الرحيم الشرقاوي، كما انضم أيضاً عصام الدين القمري"([7])، وهذا الكلام هو المتفق مع سير الأحداث وعدم بروز الظواهري على الساحة ولا حتى ورود ذكر له في كل الوقائع في ذلك الوقت المبكر، وأيضاً حين استقلت القيادة عن قيادة عبود الزمر اختير سيد إمام قائداً للتنظيم وليس الظواهري، بل وحتى لما ضغط التنظيم لعزل سيد إمام كان المرشح هو أبو عبيدة البنشيري، ولولا تنازله للظواهري لما أصبح أمير الجهاد([8])!
العجيب أن سيد إمام في حوار له مع صحيفة الحياة عن قصة تعرفه على الظواهري وانضمامه لتنظيم الجهاد يورد قصة مختلفة تماماً عن السائد في الدراسات عن جماعة الجهاد ورواية الظواهري نفسه! يقول سيد إمام: "تعرفت على أيمن الظواهري في 1968 إذ كان زميل دراسة في كلية الطب، وكنا نتناقش مع زملاء آخرين في موضوعات إسلامية مختلفة، وكنتُ أعلم من زميل آخر أن أيمن مشترك في جماعة إسلامية حدثت بها انشقاقات، لكنه لم يفاتحني في الانضمام إلى الجماعة إلاّ عام 1977، وقدّم نفسه لي على أنه مندوب من هذه الجماعة لدعوتي، فسألته: هل في جماعتهم علماء شريعة؟ فقال: نعم، فطلبتُ مقابلتهم لبحث بعض الأمور المتعلقة بذلك معهم، فظل يماطلني ويقابلني على فترات خاصة مع اختلاف أماكن العمل والسكن، وظل أمر انضمامي لجماعتهم معلقا على مقابلتي لمن معهم من المشايخ، ولم أكتشف إلا بعد قضية الجهاد 1981 أن أيمن كان مراوغا ويتعلل بالسرية، واكتشفت أنه كان هو أمير هذه المجموعة وأنه لم يكن معهم أحد من المشايخ، وأنه هو الذي تسبب في اعتقال أصحابه وشهد ضدهم"([9])، وهذا يطرح تساؤلات في مصداقية أخبار ومعلومات هذه القيادات من جهة، ومدى التزامهم بأخلاق الإسلام وتطبيق الشريعة إذا كان هذا سلوكهم مع بعضهم البعض عن الخلاف وستأتي بقية رواية سيد إمام بعد قليل.
وقد تعرف الظواهري في هذه السن المبكرة على فكر صالح سرية الذي يصفه الظواهري بأنه "كان متحدثاً جذاباً ومثقفاً على درجة واسعة من الإطلاع والمعرفة وكان حاصلاً على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس، كما كان متضلعاً في عدد من العلوم الشرعية ... وبمجرد استماعي له أدركت أن للكلام وقعاً آخر وأنه يحمل معاني أوسع في وجوب نصرة الإسلام وقررت أن أسعى للقاء هذا الزائر ولكن كل محاولاتي للقائه لم تفلح"([10]).
وبقي الظواهري ورفاقه في التنظيم يتدربون على السلاح ويعمّقون فكرهم المتطرف في سنوات السبعينات في القرن الماضي، وكان انضمام الملازم عصام القمري للتنظيم سنة 1973 بداية اختراق الجيش([11])، وبسبب انشقاق علوي مصطفى عنهم وتبعه عدد كبير وبسبب بدء محاكمات حادثة الكلية الفنية هرب إسماعيل طنطاوي لهولندا خشية القبض عليه مما شتت التنظيم([12]).
التأسيس الثاني:
وبعد تجاوز أزمة محاكمة تنظيم صالح سرية أعاد ترتيب وبناء التنظيم من جديد كل من الظواهري وعصام القمري وسيد إمام وأمين الديمري([13])، وكعادة تنظيمات العنف فقد تكونت من شباب صغير في السن وغير مؤهل علمياً في الشريعة الإسلامية، فالظواهري وسيد طبيبان جراحان، والديمري صيدلي، والقمري ضابط عسكري! وكلهم في العشرينات من عمرهم آنذاك!
كانت قناعة هذه المجموعة أن الانقلاب العسكري من داخل الجيش هو السبيل الوحيد، ولذلك لم تشترك هذه المجموعة في ما تم من أحداث، سواء حادثة الفنية العسكرية أو محاولة يحيى هاشم تهريب مساجين حادثة الكلية الفنية، وركزت على فكرتها اختراق الجيش وتكوين تنظيم عسكري([14]).
ويبدو من أجل تنفيذ غايات التنظيم قام الظواهري بالسفر لأفغانستان مبكراً مرتين في عامي 80-81 في مهام إغاثية قاربت مدتها سبعة أشهر، تحدث عنها الظواهري في كتابه "فرسان تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم" فقال: "باحتكاكي بساحة الجهاد الأفغاني تبيّن لي منذ عام 1980 مدى ثراء هذه الساحة ومدى النفع الذي تقدمه للأمة المسلمة عامة، وللحركة الجهادية خاصة، وأدركت ضرورة الاستفادة من هذه الساحة"، ويضيف: "اتضحت لي حقائق في غاية الخطورة لا بد من تسجيلها أهمها أن الحركة الجهادية في حاجة إلى ساحة جهادية تكون لها بمثابة المحضن الذي تنمو فيه البذور النابتة وتكتسب فيها خبراتها العملية والقتالية والسياسية والتنظيمية"([15])، وواضح هنا الرؤية المصلحية لحركته وليس لخدمة القضية الأفغانية.
في هذه المرحلة نجح عصام القمري باستقطاب عدد من الضباط في الجيش للتنظيم ووضع خطط لعمل انقلاب عسكري، ولم تكن المجموعات الجهادية الأخرى تعرف عن ذلك، ولكن حين قَبض الأمن على بعض عناصره في مايو 1981 قبل مقتل السادات بخمسة شهور وحصل الأمن على حقيبة فيها وثائق التنظيم السرية فأصبح القمري والظواهري وسيد إمام مطلوبين للأمن ومطاردين([16]).
الانضمام لتنظيم الجهاد الكبير:
أثناء مرحلة التخفي والمطاردة تواصلت هذه المجموعة مع مجموعة محمد عبد السلام فرج وقبلت الانضمام للتنظيم الكبير لكنها لم تشترك في عملية اغتيال السادات([17])، وبقيت مجموعة الظواهري تؤمن بالانقلاب العسكري فقط كحل، واهتمت بتوفير الإمكانات كالمال والسلاح والمخابئ([18])، ولذلك حين قابلوا عبود الزمر بعد اغتيال السادات لم يشجعوه على تنفيذ ثورة شعبية بل طرحوا عليه فكرة مساعدته في الهروب من مصر([19])، ولذلك تمت تبرئة الظواهري من تهمة قتل السادات وإدانته بتهمة تخزين أسلحة لصالح القمري بعيادته وحكم عليه بالسجن لفترة قصيرة، وتبرئة سيد إمام غيابياً حيث كان تمكن من الفرار لخارج مصر، أما عصام فقد حكم عليه بـ 15 سنة بسبب تكوينه تنظيما عسكريا في الجيش!
بعد اغتيال السادات بأسبوعين قُبض على الظواهري وعندها حزم سيد إمام أمره وهرب للأردن ثم الإمارات ومنها إلى الباكستان سنة 1983([20])، وتحت التعذيب اعترف الظواهري على مكان عصام القمري فتم القبض عليه([21]).
في السجن توثقت العلاقة بين مجموعة الظواهري ومجموعة محمد فرج، وخاصة عبود الزمر، الذي أصبح القائد بعد إعدام محمد فرج والقمري نائبه، ولكن بقي لمجموعة الظواهري رابطها الخاص ضمن التنظيم الأكبر للجهاد الذي يضم مجموعة عبد السلام فرج ومجموعة سالم الرحال / كمال حبيب، ومجموعة الظواهري، ولما انفصلت الجماعة الإسلامية عن الجهاد في السجن عام 1984 كان للظواهري دور في ذلك فقد كان أبرز المعارضين لتولي الشيخ عمر عبد الرحمن القيادة والتي أثارها أول مرة عصام القمري بعنوان ولاية الضرير([22]).
سرعان ما تسببت مجموعة الظواهري بتفتت تنظيم الجهاد واستقلالها عن جماعة عبود الزمر التي قادها خارج السجن مجدي سالم وأحمد النجار وأحمد سلامة مبروك، حتى توج ذلك بمغادرة عبود الزمر تنظيم الجهاد لينضم للجماعة الإسلامية في 1991([23])، بينما قام كمال حبيب بمراجعة فردية مبكرة في السجن وتخلى عن أفكار العنف والتطرف وأكمل دراسته الجامعية في العلوم السياسية وأصبح من الشخصيات البارزة التي لها دور في نشر الوعي والمراجعات بين القيادات التاريخية([24]).
التأسيس الثالث:
عقب الإفراج عن الظواهري سنة 1984 سافر إلى السعودية فترة ثم اتّجه إلى أفغانستان منتصف عام 1986 حتى 1990، وأعاد مع سيد إمام تشكيل التنظيم من جديد عام 1986، واختير سيد إمام أميراً للتنظيم، لكنه كان شديد السرية حتى أن الناس كانت تظن أن أيمن الظواهري هو الأمير وأن أدبيات التنظيم المنشورة باسم عبد القادر عبد العزيز هي من تأليف الظواهري، والذي ساعد الظواهري رغبة سيد إمام بالسرية والانعزال تقليدا لسياسة بني العباس في إخفاء شخصية القائد، وكون الظواهري شخصية محروقة عند رجال الأمن([25])، وفي أفغانستان عام 1988 تم إعادة توحيد مجموعة مجدي سالم ومجموعة الظواهري([26]).
بينما عصام القمري بقي مسجوناً حتى عام 1988 حيث تمكن من الفرار من السجن لكن الأمن تمكن من العثور عليه واشتبك معه وقتله بعد أسبوع من هروبه([27]).
في أفغانستان هيمن فكر تنظيم الجهاد لعدة أسباب منها وصول سيد إمام مبكراً هناك ومن ثم أصبح أكبر شخصية علمية لهذا التيار وأصدر عدة دراسات أصبحت معتمدة لدى كل جماعات العنف والتطرف، ولكون الجهاد هو التنظيم الأول الذي تكون هناك وكان يملك رؤية وتصور واضح لتاريخه الطويل([28]).
بدأ سيد إمام في قيادة التنظيم من جديد، وضخّ فكره المتشدد والمتطرف بين أفراده، وأخذ بتجميع الأفراد والأنصار، والعمل على استقدامهم لأفغانستان للتثقيف والتدريب العسكري في معسكرات خاصة بهم، كان عبود الزمر يطلب من التنظيم تنفيذ عمليات مسلحة ضد النظام المصري تنافس عمليات الجماعة الإسلامية، لكن التنظيم كان يعتقد أن المهم هو استقطاب عسكريين يقومون بالمهمة ويكون هؤلاء الشباب رديفا جاهزا لمساعدتهم([29])، وكان استمرار رفض القيادة لطلب الزمر قد دعاه للانتقال للجماعة الإسلامية سنة 1991 كما ذكرنا من قبل.
لكن بسبب قيام الجماعة الإسلامية نهاية سنة 1990 بمحاولة اغتيال وزير الداخلية عبد الحليم موسى الذي تغيب عن خط سيره فقُتل بدلاً منه رئيس البرلمان المصري رفعت المحجوب، وبعد القبض على المنفذين تكشفت قصة تسلل شباب الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد لأفغانستان وتدربهم العسكري هناك، ومع توسع التحقيقات تم القبض على أكثر من 800 من شباب جماعة الجهاد لم يكن يعلم عنهم الأمن المصري([30])، وتم تقديمهم للمحاكمة وعرفت القضية باسم قضية طلائع الفتح، وتسبب هذا بخلاف في تنظيم الجهاد انشق على إثره أحمد حسين العجوز وعدد من القادة وكونوا تنظيما مستقلا سموه "طلائع الفتح" على اسم القضية التي يحاكم عليها المعتقلون في مصر، معترضين على بقاء التنظيم بدون نشاط، واعتقال هذا العدد الكبير من دون أن تطلق رصاصة واحدة ولم يقبلوا بأن ذلك التزاما بإستراتيجية بعيدة المدى([31]).
وطالب الآخرون بعزل سيد إمام من القيادة برغم أن الظواهري هو الذي كان في الصورة غالباً، وفعلا قدّم سيد إمام استقالته سنة 1991 وتولى الظواهري الإمارة بعد تنازل أبي عبيدة له، وتسبب ذلك في انتقال الزمر للجماعة الإسلامية التي كانت تخوض معركة مع النظام المصري([32]).
لكن سيد إمام يقدم رواية مغايرة تماماً لذلك حيث يقول: "وصلتُ باكستان في 1983، وحُكِمَ عليّ غيابياً بالبراءة عام 1984 في قضيه الجهاد الكبرى، ولم يصل الظواهري إلى باكستان إلا عام 1986. وقد كلمني في تكوين جماعة للجهاد في مصر من أجل تطبيق الشريعة، فرفضت وقلت له: الأمر في حاجة إلى دراسة شرعية مستفيضة وليس بالبساطة التي تتصورها، وكنت في هذه الفترة توسعت في دراستي الشرعية مستعيناً ببعض المشايخ الأفغان من أهل الحديث، فأصرّ الظواهري على أهمية استغلال الجهاد الأفغاني وأهمية إحضار شباب من مصر للمشاركة فيه، فقلت له: هذا شيء لا بأس به، ولكن لا دخل لي بهم لا إدارياً ولا في المعيشة، فطلب مني القيام بدور شرعي معهم فوافقت إذ كنت أقوم به مع غيرهم من الشباب العرب.
وشيئاً فشيئاً كثر عددهم ومشاكلهم، وبصفتي معلمهم الشرعي صارت المشاكل تأتيني بعدما يهرب الظواهري من حلّها على رغم اشتراطي عليه منذ البداية - التي لم يحضرها أحد إلا أنا وهو - ألاّ دخل لي بالإخوة ومشاكلهم، فطلبت عقد اجتماع لهم في 1991 وقلت لهم: لا تشغلوني بمشاكلكم وإلا فسأقطع صلتي بكم. فقال الظواهري: إن وجودك معنا رفَع عنا الحرج لأن الجماعة الإسلامية تقول إن معها عالماً هو الشيخ عمر عبد الرحمن وأنت كل الناس تشهد بعلمك، وفي الاجتماع نفسه قال الأخ مجدي كمال: تأكد يا دكتور أنك إذا قطعتَ صلتك بالإخوة فسينقسمون إلى جماعات.
ثم بعد عام في 1992 طلب الإخوة الاجتماع بي وعرضوا مسألة قيامهم بعمليات قتالية في مصر كما تفعل الجماعة الإسلامية لأن الناس يعيّرونهم بذلك فقلت لهم: إننا قد جاهدنا في أفغانستان ودرّبنا الكثيرين ممن نعرف وممّن لا نعرف وعلّمناهم علوماً شرعية نافعة، بما لم يفعل أحد مثلنا، أما القتال في مصر فلن يأتي بمصلحة وفيه مفاسد جسيمة، وأما الجماعة الإسلامية فلن تصل إلاّ إلى طريق مسدود، ونصحتُ الإخوة ببذل مزيد من الجهد في شؤون الدعوة، فقال لي الأخ مجدي كمال: انتهى وقت الكلام وجاء وقت العمل، وهدّدتهم إن هم تكلموا في ذلك ثانية، وعقدت العزم على قطع صلتي بهم بعد تصفية أوضاعهم في باكستان، وكان ذلك في مطلع عام 1993"([33])، وهذا التضارب في توصيف علاقتهم مع بعضهم البعض يدلّ على مدى الفساد الذي ينتشر في هذه التنظيمات ومدى عجزها وعدم كفاءتها لما تتصدى له من قيادة الأمة برغم جهلهم وتفرقهم وخلافاتهم وصراعاتهم!
العجيب أن الظواهري نفسه لم يستطع تحمل الغلو الذي ينشره الأمير أو المسؤول الشرعي للتنظيم سيد إمام فقام بحذف أكثر فصول كتاب "الجامع في طلب العلم الشريف" لما فيه من تشدد وغلو وطعن بالجماعات الأخرى، وهذا جعل سيد إمام يشن هجوما على الظواهري وهاجم جماعة الجهاد واعتبرها جماعة ضالة أكثر من الحكام!([34]) وهذا يعطينا مؤشرا على مدى سلامة فكر ومنهج هذه الجماعات التي يضلل بعضها البعض فلا تعرف المصيب منهم! وبرغم ذلك لا تزال كتب سيد إمام تعدّ عمدة للشباب المتطرف والمتهور في العالم!!
انفصال الأمير:
بعد استقالة الأمير أو انفصال سيد إمام اعتزل التنظيم وانشغل بكتاباته ورحل للسودان عام 1993، وقطع علاقته بأسامة بن لادن في 1994 لكونه لا يستمع إلا لنفسه! ثم رحل لليمن في نفس العام، وبعد عملية 11/9/2001 تم اعتقاله في اليمن وبقي معتقلاً حتى سلّمه اليمن لمصر في 2004([35])، وبقي في السجن وأتم مراجعاته باسم وثيقة ترشيد العمل الجهادي، وأفرج عنه عقب ثورة 25 يناير 2011.
تكرار كارثة العنف والتطرف:
ومع تنفيذ الظواهري لعمليات عسكرية تحت ضغط أعضاء التنظيم([36]) بعد سنة 1993 ضد النظام المصري على غرار الجماعة الإسلامية إلا أن تنظيم الجهاد حرص على أن تكون عملياته ذات صبغة عسكرية أكثر احترافية من خلال اختيار نوعية الأهداف المستهدفة أو طريقة التنفيذ (قنابل عبوات مفخخة وموقوتة وموجهة عن بعد وهجمات انتحارية)([37])، وأدى فشل بعض العمليات كعملية اغتيال وزير الداخلية حسن الألفي وعملية اغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي وعملية اغتيال الرئيس مبارك في أثيوبيا، وحملة الاعتقالات الواسعة للإعلان عن توقف عمليات الجهاد سنة 1995 بمبرر الضعف وعدم الاستطاعة، "فالحصيلة التي تمت أسفرت عن اعتقال العديد من الشباب ومصادرة كثير من البيوت والشقق والأموال. وقُتل أيضاً العديد من القيادات الكبيرة مثل عادل عوض الذي كان من أحسن الشخصيات في جماعة الجهاد. فقررت جماعة الجهاد وقف العمليات. قالوا إن الله لا يكلّف نفساً إلا وسعها، والجهاد مناط القدرة، ونحن غير قادرين، فلن نستطيع. فانتظروا واجلسوا وتعلّموا. العملية صعبة ونحن نخسر كثيراً بتنفيذنا اليوم هذه العمليات. وهكذا أوقفت جماعة الجهاد عملياتها لعدم القدرة في العام 1995"([38])، وهذه خبرة لا تصل إليها التنظيمات المتطرفة إلا بعد كوارث في الأرواح سواء من أفرادها أو المجتمع أو قوى الجيش، ولا تزال التنظيمات الجديدة لا تستفيد من تجارب وأخطاء من سبقها.
تطور علاقة الظواهري وابن لادن:
في أفغانستان التقى سيد إمام وأيمن الظواهري لاحقا بابن لادن، هما كانا يحملان فكرا جهادياً بينما ابن لادن يحمل فكرا أقرب لجماعة الإخوان والشيخ عبد الله عزام، وقد حدث تنافر بينهما وبين الشيخ عزام أدى للقطيعة وفصل بن لادن عن مكتب خدمات المجاهدين التابع لعزام وتأسيسه بيت الأنصار سنة 1986، وتحول اسمه في 1988 إلى القاعدة !([39])
كانت رؤية التنظيم هي محاولة الاستفادة من إمكانيات قاعدة ابن لادن لصالح تنظيم الجهاد([40])، وبرغم أن الحلقة المحيطة بابن لادن أصبحت من قيادات الجهاد المصرية والتي بدأت تؤثر في أسامة بن لادن إلا أن علاقة الظواهري بابن لادن بقيت تنظيمياً منفصلة بل وفيها تباينات، فقد كتب الظواهري في أحد أعداد نشرة (كلمة حق): "جاد الشباب بأرواحهم وضنّ الأغنياء بأموالهم" في إشارة لابن لادن كما ينسب ذلك الزيّات لمقربين من الجهاد فترة عامي 93 -95 ([41])، لكن في السودان حصل التقارب الذي مهّد لانضمام الظواهري للقاعدة لاحقاً.
الانتقال للسودان:
مع سوء أوضاع أفغانستان عقب انسحاب الروس ووقوع الصراع بين المجاهدين ودخول حركة طالبان وتشدد حكومة بناظير بوتو ضد المجاهدين العرب جاء عرض سوداني من حكومة البشير باستضافة الحركات الإسلامية في السودان والذي يعد موقعا استراتيجيا لابن لادن وجماعات متعددة مصرية وليبية وجزائرية، فبدأ انتقال القيادات بين عامي 1991 – 1993، وتسارعت هذه الهجرة للسودان من اليمن خاصة، والتي كانت تحوي عددا من قيادات الجهاد خاصة بعد فشل اغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي سنة 1993، حيث اكتشف الأمن وجود محطة لتنظيم الجهاد بصنعاء([42]).
في السودان توطدت العلاقة بين ابن لادن وتنظيم الجهاد وبقية الجماعات الأخرى، ولكن تنظيم الجهاد كان أكثرها نشاطاً، وقد وفر لهم ابن لادن مزرعة خاصة في شمال السودان([43])، وهناك أصبح للتنظيم دولة داخل دولة السودان، فمِن هناك نظموا محاولة اغتيال الرئيس مبارك وشحنوا قوافل السلاح والمتفجرات لمصر، ولكن قيام التنظيم بقيادة الظواهري بقتل صبيين تابعين للتنظيم بسبب عمالتهما للمخابرات المصرية التي تسببت بانحرافهم الأخلاقي أزعج السلطات السودانية وطلبت منهم مغادرة السودان فوراً في نهاية سنة 1995.
العودة لأفغانستان وذوبان تنظيم الجهاد في القاعدة:
تشتت أفراد التنظيم عقب خروجهم أو طردهم من السودان، عاد الظواهري وابن لادن لأفغانستان في سنة 1996 وهناك تقارَب أكثر مع ابن لادن لدرجة الانضمام "للجبهة الإسلامية العالمية" التي أسسها ابن لادن عام 1998، ويلخص منتصر الزيات نهاية علاقة الظواهري بابن لادن بالتأثير المزدوج فـ "الظواهري استطاع أن يُحدث تحولات جذرية وإستراتيجية في فكر أسامة بن لادن بعدما التقيا معاً في أفغانستان منتصف عام 86 بسبب العلاقة الإنسانية بينهما التي وصلت إلى الصداقة، واستطاع الظواهري أن يقنع ابن لادن بالفكر الجهادي الانقلابي، وحوّله من داعية سلفي يهتم بأمور الإغاثة إلى مقاتل جهادي معني بأحكام الجهاد ضد الطواغيت وضرورة إجلاء القوات الأمريكية عن بلاد العرب، وزرع الظواهري حول ابن لادن نخبة مِن أخلص خلصائه ممّن صاروا لاحقاً أبرز العناصر المعاونة لابن لادن وقادة تنظيم القاعدة، وهؤلاء كانوا يدينون بالولاء للظواهري شخصياً –وتاريخياً- مثل علي الرشيدي (أبو عبيدة البنشيري) وأبو حفص (محمد عاطف)، ... لكن ينبغي أن نقرر في الوقت نفسه أن تأثير الظواهري في فكر ابن لادن وخطته الحركية لم يكن أحادي الجانب وإنما الإنصاف يلزمنا أن نقرر أن أسامة بن لادن أثّر أيضاً في فكر ومنهج الظواهري –وجماعة الجهاد- حين وجّه النصح بضرورة وقف العمليات المسلحة داخل مصر وأن يتحالف معه ضد عدو مشترك هو أمريكا وإسرائيل، وكان هذا بعد عودتهما إلى أفغانستان مع دخول طالبان كابول"([44]).
هذا الانضمام المنفرد أربك قيادة تنظيم الجهاد التي لم تُستشر أغلبها في ذلك([45])، فانقسمت الجماعة: قسم ذهب مع الظواهري في تحالفه مع ابن لادن، وقسم رفض ذلك، فتنازل الظواهري عن إمارة التنظيم في منتصف 1999، ولكنهم فشلوا في اختيار أمير بديل عن الظواهري وعاد بعضهم للتعاون معه وتلاشى تنظيم الجهاد وذاب في القاعدة، وبقي أفراد في السجون وفي المهاجر ملتزمون بوقف العنف([46]).
نتائج فكر تنظيم الجهاد:
كان سيد إمام أبرز منظري تنظيم الجهاد، ورغم انفصاله عن التنظيم وتضليله له، إلا أن كتبه بقيت هي المعتمدة في التنظيم وبقية التنظيمات كالقاعدة وداعش من بعدها، ورغم أن سيد قام ببعض المراجعات لكنه بقي يحمل فكراً متطرفاً غالياً.
وبرغم كل ذلك فقد أدان الكثيرَ مما تقوم به جماعات العنف كتنظيم الجهاد وغيره من التنظيمات، يقول ابنه إسماعيل: "والدي هو الذي قطع صلته بجماعة الجهاد عام ١٩٩٣ عندما أصروا على ضرورة المواجهة مع الدولة، كما أنه وخلال المجازر الدامية والبشعة التي ارتكبت في الجزائر في أواخر التسعينيات أبلغ والدي الإخوة أن يوصلوا رسالة منه إلى تلك الجماعات، عندما علم أنهم يستخدمون كتبه في التبرير للقتل والإجرام بحق الآمنين المسالمين، بأنه بريء من أعمالهم وأفعالهم، وأعتقد أنه ذكر ذلك في بيانه الذي صدر في مايو الماضي ونشرته كاملاً صحيفة الحياة يوم ٦ مايو ٢٠٠٧، عندما أشار إلى أن كتبه استخدمت مرجعاً لأعمال العنف رغم أنها تخلو من التحريض على شيء من ذلك" ([47])، ومع ذلك فهذا لا يعفيه من المسؤولية.
ويقول سيد إمام في مقدمة وثيقته "ترشيد العمل الجهادي": "ونظراً إلى اتجاه كثير من الشباب هذه الأيام إلى الجهاد في سبيل الله وملاحظتنا لوقوعهم في بعض الأخطاء الشرعية فإننا كتبنا هذه النصيحة ترشيداً للعمل الجهادي وتنقيةً له من هذه الأخطاء"، فيرد عليه الظواهري: "الهدف من هذه الوثيقة هو كف جهاد المسلمين"([48])، وهكذا هو حال قادة (الجهاد) يمدحون بعضهم في البداية ثم ينظرون للجهاد ثم يتبرؤون من نتائج أفكارهم، ويتهم بعضهم بعضا بالعمالة والخيانة!!
وقد رد هاني السباعي على حوارٍ لسيد إمام مع صحيفة الحياة يكشف فيها تناقض سيد إمام علميا وعمليا، وهو أمر سائد عن قادة التطرف والعنف، لكنه لا يظهر إلا بعد الخلاف والصدام وليس من أجل اتباع الحق!
يقول السباعي عن موقف سيد إمام من وجوب إذن الوالدين في الجهاد: "يقول د. فضل في حواره في «الحياة» - الحلقة الثانية: «لا يجوز الخروج إلى الجهاد إلا بإذن الوالدين وإذن الدائن، لأن بر الوالدين فرض عين ولهما حق في ابنهما فلا يخرج إلى الجهاد إلا بإذنهما».
لكن إذا رجعنا إلى كتابه «العمدة» نراه يقول: «قلت: هذا إذا كان الجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد تسقط أربعة شروط من هذه التسعة وهي: الحرية والذكورية وإذن الوالدين وإذن الدائن، وتكون شروط وجوب الجهاد العيني خمسة فقط وهي: الإسلام والبلوغ والعقل والسلامة من الضرر ووجود النفقة، ويسقط كذلك شرط وجود النفقة وتصير الشروط أربعة فقط إذا دهم العدو بلاد المسلمين ولم يكن هناك خروج إليه، وهذا أحد مواضع الجهاد العيني».
وقوله في حوار «الحياة» مخالف لرأي جمهور العلماء الذين قالوا إن اشتراط إذن الوالدين في الجهاد الكفائي وليس في جهاد الدفع! يعني: هل يجب أن تستأذن والديك إذا أردت الصلاة؟ بالطبع لا، وإن رفض أبوك ذلك لأن الصلاة فرض عين. وهكذا الجهاد إذا تعين، أي صار فرض عين!
ولعل سائلاً يسأل سيد إمام: عندما كنتَ أميراً لجماعة الجهاد هل كان الشباب الذين يذهبون إلى أفغانستان يستأذنون آباءهم وأمهاتهم أم لا؟ الحقيقة المرّة أن معظم هؤلاء الشباب المصريين، إن لم يكن كلّهم، لم يستأذنوا ذويهم، لأنهم يعلمون أن أهلهم سيرفضون ذهابهم إلى أفغانستان! وبعض هؤلاء الشباب استشهد في معارك جلال آباد وخوست وقندهار، فهل أخطأوا وخالفوا الشرع لأنهم لم يستأذنوا آباءهم، أم أنهم شهداء أتقياء بررة؟ لأن الدكتور فضل اشترط إذن الوالدين في جهاد الدفع! فإذا قال الدكتور فضل إن الجهاد في أفغانستان كان جهاداً كفائياً فجمهور العلماء متفقون على اشتراط إذن الوالدين! وفي هذه الحالة يعتبر الدكتور سيد إمام مغرراً بالشباب عندما كان أميراً وحرّضهم على الذهاب إلى أفغانستان من دون إذن ذويهم! وأما إذا قال إن الجهاد في أفغانستان عندما كان أميراً لجماعة الجهاد كان جهاداً عينياً، أي فرض عين! فقد وقع أيضاً في خطأ جسيم، لأنه الآن اشترط إذن الوالدين وهو ما لم يقل به جمهور العلماء؟! إذاً فدم هؤلاء الشباب مرهون في عنقه لأنه غرّر بهم، ومن حق ذويهم أن يحاكِموه على تغريره بأبنائهم!"([49])
هذا هو حال أهم شخصية علمية في تيار العنف والتطرف، والتي حقيقتها كما يقول د. راشد الزهراني: "واسع الاطلاع لديه معلومات وفيرة لكنه يفتقد للتأصيل العلمي... وقد ظهر لي أحد أسباب الخلل العلمي في شخصيته وهو أنه حاول أن يتفقه في كتب السلف بفهمه الخاص، دون التلقي عن العلماء والرجوع إليهم"([50]).
أما تقييم سيد إمام لابن لادن فيجمله بقوله: "عام 1990 لاحظ بعض مَن بايع بن لادن من ذوي الخبرة في العمل الإسلامي أن بن لادن يغير أهدافه وخططه سريعاً ... فطالبه بعض أتباعه أن يكون للقاعدة منهج (دستور) يحدد أسس قيامها وأهدافها، والتي بناءً عليها يأخذ بن لادن البيعة من الشباب، فرفض بن لادن ... وطَرد مَن طالبه بمنهج... فإنني أقول ليس للقاعدة منهج ولا فكر ولا منظّر ولا مفتٍ إلا ما يراه بن لادن برأيه الشخصي و(من اعترض تم طرده)"([51])، هذه هي رؤية القيادات لبعضها البعض، فإن كانوا صادقين في ذلك فلا يصلحون لقيادة الجهاد ولا الأمة، وإن كانوا كاذبين وأصحاب أهواء فالحال أدهى وأمرّ.
[1]- مجموع الفتاوى، 8/425.
[2] - الحركة الإسلامية من المواجهة إلى المراجعة، د. كمال حبيب، ص 33.
[3] - التنظيم والتنظير: تنظيم الجهاد وشبكة القاعدة، عبد المنعم منيب، ص 44.
[4] - أيمن الظواهري كما عرفته، منتصر الزيات، ص 36.
[5]- منشور في الإنترنت باسم (حوار الشيخ الظواهري مع جريدة الحياة، 1414هـ)، موقع منبر التوحيد والجهاد.
[6] - نشرت على أربع حلقات 1-4/9/2002، ومنشورة على موقع المقريزي لهاني السباعي، على الرابط التالي: http://ilmway.com/site/hansib/ar/news.php?readmore=34
[7] - موسوعة العنف، مختار نوح، ص 480.
[8] - مقابلة هاني السباعي مع صحيفة الحياة.
[9] - تجده على الرابط التالي: http://www.murajaat.com/dr_fadhel_01.php ، ونقله عبد المنعم منيب في كتابه مراجعات الجهاديين، ص 143.
[10] - المصدر السابق، ص 47.
[11] - الإسلام السياسي، محمد مورو، ص 185.
[12] - التنظيم والتنظير، ص 44ـ الإسلام السياسي، محمد مورو، ص 193.
[13] - التنظيم والتنظير، ص 44، واعترافه في تحقيقات اغتيال السادات، انظر: موسوعة العنف، مختار نوح، ص 480.
[14] - مقابلة هاني السباعي مع صحيفة الحياة.
[15] - نقلاً عن أيمن الظواهري كما عرفته، منتصر الزيات، ص81.
[16] - دليل الحركات الإسلامية المصرية، عبد المنعم منيب، ص 85. الإسلام السياسي، محمد مورو، ص 278
[17] - الحركة الإسلامية من المواجهة إلى المراجعة، كمال حبيب، 34.
[18] - دليل الحركات الإسلامية المصرية، عبد المنعم منيب، ص 90.
[19] - المصدر السابق، ص 177، التنظيم والتنظير، عبد المنعم منيب، ص 52.
[20] - مقابلة مع إسماعيل سيد إمام بعنوان: مؤسس «الجهاد» بعيون ابنه، على الرابط: http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=84250
[21] - موسوعة العنف، مختار نوح، ص 478.
[22] - دليل الحركات الإسلامية المصرية، عبد المنعم منيب، ص 102. ومقابلة هاني السباعي مع صحيفة الحياة.
[23] - دليل الحركات الإسلامية في العالم، مركز الأهرام، ص 137، 140، دليل الحركات الإسلامية المصرية، عبد المنعم منيب، ص 103، 178.
[24] - الجماعات الإسلامية المصرية المتشددة، ممدوح الشيخ، ص 58.
[25] - دليل الحركات الإسلامية، مركز الأهرام، ص 139. ومقابلة هاني السباعي مع صحيفة الحياة.
[26] - دليل الحركات الإسلامية المصرية، عبد المنعم منيب، ص 103.
[27] - الإسلام السياسي، محمد مورو، ص 279.
[28] - القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، 46.
[29] - المصدر السابق، ص 60.
[30] - المصدر السابق، ص 139.
[31] - مراجعات الجهاديين، عبد المنعم منيب، ص 16. ومقابلة هاني السباعي مع صحيفة الحياة، القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 174.
[32] - دليل الحركات الإسلامية المصرية، ص 179.
[33] - تجده على الرابط التالي: http://www.murajaat.com/dr_fadhel_01.php ، ونقله عبد المنعم منيب في كتابه مراجعات الجهاديين، ص 143.
[34] - التنظيم والتنظير، عبد المنعم منيب، ص 54.
[35] - الجماعات الجهادية المعاصرة، د. راشد الزهراني، ص 209.
[36] - القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 178.
[37] - دليل الحركات الإسلامية في العالم، مركز الأهرام، ص 137.
[38] - من مقابلة هاني السباعي مع صحيفة الحياة، والقاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 185.
[39] - القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 48، 295.
[40] - دليل الحركات الإسلامية في العالم، مركز الأهرام، ص 143، الجماعات الجهادية المعاصرة وأبرز قياداتها الفكرية، د. راشد الزهراني، ص 205.
[41] - أيمن الظواهري كما عرفته، منتصر الزيات، ص 101، القاعدة أخواتها، كميل الطويل، ص 295.
[42] - القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 134، 144، 171.
[43] - المصدر السابق، ص 135، 145، 150.
[44] - الظواهرى كما عرفته، منتصر الزيات، ص 104، القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 285، 290.
[45] - القاعدة وأخواتها، كميل الطويل، ص 294.
[46] - دليل الحركات الإسلامية في العالم، مركز الأهرام، ص 142.
[47] - مؤسس «الجهاد» بعيون ابنه «٣ - ٣»، http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=84441
[48] - التنظيم والتنظير، عبد المنعم منيب، ص 137، 168.
[49] - على الرابط التالي: http://islamists2day-a.blogspot.com/2007/12/blog-post_8756.html
[50] - الجماعات الجهادية المعاصرة، د. راشد الزهراني، ص 199.
[51] - مراجعات الجهاديين، عبد المنعم منيب، ص 152.
حكاية جماعات العنف (6) تطور تنظيم الجهاد للذوبان في تنظيم القاعدة
2017/12/01
الرابط المختصر
Image