"مؤتمر " التحولات السلفية: الدلالات، التداعيات، والآفاق

الرابط المختصر
Image
"مؤتمر " التحولات السلفية: الدلالات، التداعيات، والآفاق

عقد مركز الدراسات الاستراتيجيه بالجامعه الاردنيه بالتعاون مع مؤسسه فريدريش ايبرت يوم الاثنين الماضي في عمان مؤتمر "التحولات السلفيه الدلالات والافاق"، وهو المؤتمر الثاني حول السلفيه، وقد كان مؤتمرًا ثريًا بالمعلومات والنقاشات وصريحًا وكاشفًا في طرح المواقف والاراء. واظن ان كل من شارك في المؤتمر او شاهده عبر قناة الجزيرة مباشر قد استفاد بشكل ما، كما اظن ان هذا التواصل بين السلفيين وبقيه القوي مهم وضروري وخاصه في هذه المرحله الهامه والحرجه والتي تشهد تقلبات وتغيرات كبيره جدًا وسريعه جدًا، وسيكون عامل الفهم والحوار احد المفاتيح الهامه لتفادي تفاقم الصراعات والخلافات والازمات. بالطبع هناك من يرفض مثل هذه اللقاءات بحجج شتي وذرائع مختلفه، ولكن توسيع دائره التواصل والاتصال سيقلب هذا الرفض الي قبول مع الوقت. لن يتمكن مؤتمر ولا عشره من تغيير قناعات السلفيين او خصومهم بشكل كلي الا ان هذه المؤتمرات تساهم في الوصول لفهم افضل بين الاطراف، وتساهم بتعديل بعض المواقف الثانويه وغير المقصوده، وتكشف عن المساحات الواسعه من المناطق المشتركه بين الجميع والتي يمكن ان تتكامل فيها الجهود دون اشتراط التطابق التام. الجميع يؤمن بالعيش المشترك وهو الشيء القائم والحاصل في مراحل الظلم والاستبداد فكيف بمراحل الحريه والكرامه؟ ان التعايش المشترك سيكون اكثر سهوله كلما كان الجميع يسعي نحو العداله والكرامه.\nالسلفيونيؤمنون بدوله قادمه علي منهاج الخلافة الراشدة وهذا ايمان لا ينكرونه ولا يخفونه، كما ان العلمانيين يؤمنون ويحلمون بالدوله العلمانيه الكامله، ولكن علي الطرفين الاقرار بان هذا ليس ممكنًا في المدي المنظور وان هناك شوطًا طويلًا جدًا جدًا للوصول الي تلك الامنيات! وعليه فان علي الطرفين: السلفيين والاسلاميين من جهه، والعلمانيين من جهه اخري التركيز علي انجاز نظام سياسي يحقق الاستقرار والعدل والكرامه والتقدم، ويعمل علي تحسين حياه الناس ويتيح لهم المشاركه والبناء. كما عليهم جميعًا محاربه الفساد بمختلف اشكاله وصوره، وفتح المجال للعمل الشعبي التطوعي، وترسيخ دوله القانون العادله علي الجميع، ويجب احترام قرار الاغلبيه والكف عن ابتزاز الاقليه للاغلبيه لان هذا لن يجر الا الي الشر والخراب. وفيما بعد علي الطرفين التنافس علي تقديم الحلول الصحيحه للمشاكل التي تعاني منها دولنا، فعلي الاسلاميين سلفيين وغير سلفيين تقديم حلول صحيحه والتي لن يستطيع ان يعارضها احد طالما كانت حلًا صحيحًا، برغم انها تستند للمرجعيه الاسلاميه، لقد كشفت التجربه في عدد من الدول عن قصور في اجتهادات وحلول قدمها الاسلاميون وعجز احيانًا عن تقديم حلول اصلًا، وعليه فان رفض بعض او كثير من الناس للحلول التي قدمها الاسلاميون ليس دومًا رفضًا للشريعه بل كثيرًا ما يكون رفضًا لحل قاصر!! فعلي الاسلاميين اليوم وخاصه السلفيين التركيز علي مربع التفكير والتقديم للحلول الصحيحه المنبثقه من الشريعه والتي تنافس الحلول العلمانيه القائمه لعلاج واقعنا ومشاكلنا، وان هذا هو السبيل الصحيح لتطبيق الشريعه في كثير من المجالات التي غابت عنها الشريعه، وليتذكر اخواني السلفيين ان "تقديم حلول اسلاميه (واقعيه) للمشكلات العصريه الراهنه"، هو احد اصول دعوتنا السلفيه. وقد كان تعقيبي الدكتور نبيل عبد الفتاح من مصر متميزًا وموضوعيًا، فمِن البدايه انتقد شيوع عدد من الاساطير والشائعات الخاطئه عن السلفيين، فقد بيّن ان السلفيين تيار اصيل في المجتمعات الاسلاميه وهم ليسوا طارئين علي العمل السياسي، وذكر مشاركات محمد رشيد رضا في مصر والشام وعلال الفاسي في المغرب. وان هناك فارقًا بين السلفيه العلميه والدعويه والسياسيه وبين تيارات التكفير والتطرف. وبين ان الاستاذ حسن البنا استفاد من قاده السلفيين امثال محمد رشيد رضا ومحب الدين الخطيب. اما الدكتور عماد عبد الغني من لبنان فقد عرّفنا بتاريخ السلفيه المعاصر في لبنان، فاذا به تاريخ يعود لرشيد رضا ايضًا بحكم اصوله اللبنانيه، وان الجماعة السلفية سبقت الوجود الاخواني في لبنان فالشيخ سالم الشهال (ت 2008م) اسس جماعه (مسلمون) عام 1947م وكان من اعضائها الشيخ سعيد شعبان والاستاذ فتحي يكن، وانه منذ الستينات من القرن الماضي كانت له مشاركه سياسيه جعلته يترشح للبرلمان سنه 1972م. وكشفت الورقه عن الظلم الواقع علي اهل السنه وطرابلس منذ عهد الاستقلال، وختم حديثه باستفهامات كثيره حول ما جري مع الشيخ احمد الاسير في صيدا، وان النفس الطائفي عند حزب الله هو ما يزيد التوتر في لبنان. في ختام الندوه طالب الاستاذ صلاح الجورشي من تونس السلفيين بثلاثه امور: عدم ادعاء امتلاك الحقيقه، وان العنف خط احمر، وعدم تغذيه الطائفيه وتقبل الاختلافات المذهبيه، وهذه المطالب ستكون مقبوله اذا كانت مطالب عامه لجميع القوي والاتجاهات اما اذا قصرت فقط علي السلفيين فلن تجد استجابه منهم، والا فهل يوجد فصيل سياسي اسلامي او علماني لا يدعي احتكار الحقيقه؟ وهل لا يقع العنف اليوم علي السلفيين في اماكن كثيره جدًا، وقد وضح الاستاذ فتحي السعيدي طرفًا من العنف المقصود ضد حركه انصار الشريعه في تونس بهدف دفعها الي العنف قصرًا، وا ليس العنف يمارس في مصر من قبل العلمانيين اليساريين والبلطجيه ضد الاخوان جهارًا نهارًا، وا ليس العنف في سوريا والعراق تمارسه الدوله وعبر الجيش الوطني ضد المواطنيين ولماذا يتعامي عن عنف الطائفيين كحزب الله والحوثيين واقباط المهجر؟ اما تغذيه الطائفيه فهذه يُسال عنها من يقوم بالقتل الجماعي للالاف في سوريا والعراق واليمن من الميليشيات الشيعيه، ويُسال عنها من يصرف مئات الملايين لتشييع السنه في مصر وتونس وليبيا وسوريا.