من مؤتمر "جهود الصحابة رضوان الله عليهم في نشر الإسلام في أفريقيا"،

الرابط المختصر
Image
من مؤتمر "جهود الصحابة رضوان الله عليهم في نشر الإسلام في أفريقيا"،

 مؤتمر الصحابة وأفريقيا
أسامة شحادة
أحسنت جامعة الخرطوم حين دعت أكثر من 120 شخصية أفريقية من العلماء والمشايخ والدعاة والباحثين، جاءوا من 35 دولة أفريقية، للمشاركة والاستفادة من مؤتمر "جهود الصحابة رضوان الله عليهم في نشر الإسلام في أفريقيا"، وذلك في 10-12/1/2014، وقد رعى هذا المؤتمر المبارك كل من: منظمة ذي النورين الخيرية بالسودان، واتحاد علماء أفريقيا، وهيئة السنة العالمية.
أما أهمية عقد هذا المؤتمر فلأنه يأتي في وقت تشهد فيه أفريقيا مخططاً مدروساً وبرنامجاً مرسوماً، يسعى لقطع علاقة أفريقيا بالصحابة الكرام الذين كانوا السبب في دخول الأفارقة في دين الله أفواجا، حتى أصبح الإسلام هو الدين الأول بين سكان أفريقيا بنسبة تفوق 50 %، وأنه بين كل 10 أفارقة يتركون دينهم الوثني فإن 9 منهم يدخلون الإسلام.
فالقارة الأفريقية تشهد غزوا لفكر وافد يدعو للطعن بالصحابة وشتمهم والطعن فيهم وتكفيرهم بكل وقاحة وجرأة، في المحاضرات والصحف والمجلات والفضائيات، ومن رموز هؤلاء الشتامين للصحابة حسن شحاته المصري، والتيجاني السماوي التونسي، والنيل أبو قرون السوداني، الذي حكمت عليه محكمة أردنية سنة 2010 بالغرامة لطبعه كتاباً بالأردن فيه إساءة للصحابة رضوان الله عليهم.
ولذلك جاء هذا المؤتمر بمبادرة إيجابية من قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم، لترسيخ مكانة الصحابة في قلوب الأفارقة وتؤكد على وجوب محبتهم شرعاً لكونهم حملة القرآن والإسلام، واعتبار الطعن فيهم طعنا بالقرآن والسنة والإسلام وقطعا للصلة بالوحي الإلهي، والتثقيف بالدور الرائد والحضاري للصحابة على القارة الأفريقية، حيث حرر الصحابة عقول الأفارقة من الوثنية والكفر والخرافة، كما حرروا أجسادهم من ظلم الطغاة كالرومان وغيرهم، من الذين استعبدوهم وسرقوا خيراتهم ولا تزال لليوم قوى الشرق والغرب تنهب ثرواتهم وتسرق خيراتهم باسم الديمقراطية والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية! 
كشفت أبحاث المؤتمر أن علاقة الصحابة رضوان الله عليهم بأفريقيا علاقة قديمة تعود للسنوات الأولى من تاريخ الإسلام، فهي علاقة قديمة، تسبق حتى علاقة الإسلام مع كثير من المدن والقرى والقبائل العربية في جزيرة العرب كالمدينة المنورة والأوس والخزرج.
ورقة د. عمر بخيت محمد من جامعة الخرطوم، والتي كانت بعنوان "جهود الصحابة رضى الله عنهم في نشر الإسلام في الحبشة"، تناولت تفاصيل علاقة أفريقيا مع الصحابة وأنها تعود إلى السنة الخامسة للبعثة حين هاجر بعض الصحابة بقيادة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للحبشة بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم فراراً من بطش قريش، وهناك وجدوا الأمن والأمان والعدل والإحسان تحت حكم الملك الصالح أصحمة النجاشي، وقد بقي الصحابة في الحبشة حوالى 15 سنة، وقد كان لبقائهم هناك أثر في نشر الإسلام بين الأحباش، فقد أسلم الملك النجاشي نفسه، ثم أرسل وفدا من عشرين رجلا للنبي صلى الله وسلم فأسلموا، ثم أرسل ابنه وستين رجلا ً للنبي صلى الله عليه وسلم لكن سفينتهم غرقت في الطريق، وقد دخل بعض الأحباش في الإسلام، إذ تبلغ نسبة المسلمين اليوم في الحبشة 60 % برغم كل محاولات الدول الاستعمارية وما خلفته من أنظمة ماركسية أو ليبرالية فضلاً عن حملات التنصير.    
كما بينت أن هناك عددا من الصحابة الكرام من أصول أفريقية وخاصة من الحبشة، هم:
1- أبو بكرة بن نفيع بن مسروح (صاحب الحديث الشهير: زادك الله حرصا ولا تعد).
2- يسار أو أسلم الحبشي الشهيد الأمين رضي الله عنه، أسلم يوم خيبر واستشهد بها.
3- أم أيمن بركة الحبشية حاضنة رسول الله وخادمته، زوجة زيد بن حارثة، ووالدة أسامة بن زيد رضي الله عن الجميع.
4- أنجشه الحادي رضي الله عنه صاحب الحديث الشهير (رفقا بالقوارير).
5- أنسة أبو مسرح رضي الله عنه، شهد بدراً وأحداً، كان يؤذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات في خلافة أبي بكر الصديق ولم تعرف له رواية.
6- أيمن بن نابل أبو عمران مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه. روى حديث التشهد الشهير.
7- بلال بن رباح رضي الله عنه مؤذن رسول الله .
8- ذو مخمر الحبشي رضي الله عنه ابن أخي النجاشي.
9- رباح بن زيد الحبشي رضي الله عنه كان يؤذن على رسول الله صلى الله.
10- سفينة أبو عبد الرحمن رضي الله عنه مولى رسول الله الذي عرف بحمل الأثقال خدمة لرسول الله، وهو صاحبة القصة الشهيرة في مخاطبة الأسد.
11- شقران الحبشي رضي الله عنه، شهد بدرا وتولى حراسة الأسرى، وتشرف بوضع القطيفة تحت رسول الله في قبره.
12- سعيرة الأسدية رضي الله عنها، ويقال سُعَيرة.
13- نبعة الحبشية جارية أم هاني.
14- وحشي الحبشي رضي الله عنه  قاتل حمزة رضي الله عنه ومسيلمة الكذاب.
أما د. سعيد محمد بابا سيلا، أمين عام اتحاد علماء إفريقيا، فقد تناول الأثر العلمي والفكري لجهود الصحابة على مجتمعات إفريقيا، فبين دور الصحابة في تعليم الأفارقة للإسلام حتى أصبح في أفريقيا لاحقاً مراكز علمية شرعية بمثابة منارات هداية، مثل: الأزهر، وجامع الزيتونة بتونس، وجامع القرويين بالمغرب، وجامع سنكوري في تمبكتو بدولة مالي. وأيضاً دور الصحابة في ترسيخ منهج التفكير السليم وحرب الخرافات والأساطير التي كانت رائجة في أفريقيا بسبب الوثنية، ومن ذلك إبطال الصحابة لعادة القرابين البشرية التي كانت تقدم لنهر النيل أو لبعض الحيوانات في بعض أنحاء أفريقيا، كما أن جهود الصحابة جعلت من شعوب القارة الأفريقية شعباً واحداً ينعم بالسلام والأمان.
 وفي ورقة د. حسن عباس من المغرب بيان لجهود الصحابة في فتح أفريقيا، وكيف أن هذا الفتح قام على إشاعة العمران، فرأينا عمرو بن العاص يشيد مدينة الفسطاط، وجهود عقبة بن نافع في بناء مدينة القيروان سنة 50 هجرية، وكان في جيشه 14 صحابيا مكثوا معه 5 سنوات يعلمون البربر الإسلام حتى أصبح الإسلام هو دين هذه البلاد.
إن مكانة الصحابة ودورهم لا يكفيه مؤتمر ولا عشرة مؤتمرات، إذ يجب أن يكون هناك اتجاه علمي عام لدراسة فضل الصحابة على البشرية إذ حملوا لها الرسالة الإلهية الخاتمة وشيدوا الحضارة البشرية النموذجية التي شهد لها القاصي والداني، ومن العناوين المقترحة لأبحاث ودراسات هامة في مجال الصحابة الكرام ما يلي:
كيف عالج الصحابة شؤون الدولة والسياسة، دراسة الفتوحات في أفريقيا عسكريا وإداريا، الصحابة وإنشاء المدن/ العمران (الفسطاط، الكوفة، القيروان ...)، الصحابة والإدارة، الصحابة والحرب (أخلاق، ومفاهيم)، الصحابة والمفاوضات، الصحابة والتجارة، الصحابة والزراعة، الصحابة والصناعة، الصحابة والبحر، الصحابة والمياه (سدود، قنوات، أنهار...)، الصحابة وأوروبا، الصحابة والثقافة والفن (مسارح الرومان، فلكلور الشعوب، ...)، الصحابة والمجتمعات، الصحابة والبلديات، الصحابة والطب والصحة، الصحابة والعلوم الدنيوية، الصحابة وتأسيس المدارس الفقهية والمدارس المادية، الصحابة ولغات الشعوب/ الترجمة، الصحابة وأولويات دعوة الشعوب، الصحابة وآليات تغيير المجتمعات، الصحابة والشعر والأدب، الصحابة والأسرة (تربية الأبناء- علاقات اجتماعية)، الصحابة ومصاهرة القبائل، عوائل وقبائل تنتسب للصحابة، علماء/ قادة من أحفاد الصحابة، أماكن قبور الصحابة خريطة لكل قارة.
هذه بعض الأفكار لأبحاث وندوات تكشف عن ضخامة الدور الذي قام به الصحابة في تاريخ البشرية، والذي يتم اختزاله –بطيب نية- بدورهم الشرعي في نقل الإسلام فحسب. 
نشرت في صحيفة الغد 2014/1/10