أحداث رفح تؤكد حاجة الإسلاميين للتغيير!!

الرابط المختصر
Image
أحداث رفح تؤكد حاجة الإسلاميين للتغيير!!

تعالت الأصوات وتسارعت الأنفاس وكثرت المقاطعات بين الضيوف في أمسية رمضانية حين تناول الحديث أحداث رفح الأخيرة بين "جند الله" وحركة حماس، فأحدهم وكان متعاطفاً مع زعيم "جند الله" أبو النور صب غضبه على حماس وقادتها لقتلهم أبو النور، والمتعاطف مع حماس لم يصبر على هذه العبارات الشديدة بحق حماس فترك الجلسة وهو يتمتم بكلمات غاضبة. وبقية الحاضرين كانوا يتوزعون بين سلفيين ومستقلين وبعض العامة.
وكعادة الحورات العربية، في زمن "الاتجاه المعاكس"، فإنها لا تصل لنتيجة ولا تفيد المستمع بفائدة، لأن الغرض منها –غالبا- هو الانتصار للنفس لا الوصول للحق، ولذلك أعتقد أن من أكبر أسباب من بقائنا نراوح مكاننا هو تجذر كثير من السلبيات في أوساط الإسلاميين.
إن ما جرى في رفح لا يجب أن يكون مجرد حادثة حدثت ثم تمضي الحياة على حالها، بل يجب أن تكون سبباً لوقفة جادة لدراستها واستخراج مدلولاتها، فحادثة رفح هي أول صدام إسلامي علني مسلح وفي بيت من بيوت الله عز وجل في ظل وجود سلطة إسلامية في المشرق العربي. 
فهل ما جرى هو نموذج ما ستكون عليهم الأحوال مستقبلاً؟ وهل هذا هو الذي سعى الإسلاميون للوصول إليه طوال العقود الماضية؟
لو حاولنا دراسة سلوك أطراف النزاع والقوى الإسلامية الأساسية في المشرق – بشكل أخص – تجاه ما حدث فإنه يمكن تلخيصها بالعناوين التالية:
1- "جند الله" ومعها تنظيم القاعدة وأنصارها: 
* رغم مرور 30 سنة على محاولة جهيمان الاستيلاء على الحرم استناداً على المنامات     – وهذه مخالفة أساسية للمنهج السلفي- إلا أن المنامات لا تزال تلعب دوراً في سلوك ومواقف هذه المجموعات، فأبو النور أعلن عن مجموعة منامات رآها تجاه حماس، ومن قبل ذكر تنظيم القاعدة في محاولة تبرير شرعية ضربة 11 سبتمبر أن البعض رأى مناما لتلك الضربة!
* لاتزال هذه المجموعات المحدودة تحاول خطف القيادة وإجبار كافة الأمة أن تسير خلفهم دون استئذانها أو حيازة ثقتها.
* ولعل أبو محمد المقدسي خير من وضح السلبيات المستمرة لهذا التيار حين كتب رسالته     "مناصرة ومناصحة" من سطحية التخطيط والتنظيم لديهم، والتورط في وسائل وأساليب غير شرعية، وغياب الأولويات، وغيرها. وقد سبق للدكتور كمال حبيب – أحد القيادات السابقة للجهاد في مصر – أن ركز على الضعف العلمي بعامة وأصول الفقه خاصة لدى هذا التيار.
* ردا على ما حدث تم تكفير حماس وقادتها ووصمهم بالردة والعمالة.
 
2- حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين:
* لا ينكر الدور المحورى والهام الذي قامت به فروع جماعة الإخوان من نشر الصحوة الإسلامية وإنشاء المؤسسات المتنوعة لخدمة هذا الدور، إلا أن دخولهم في صعيد العمل السياسي لم يلقَ النجاح بالمقارنة مع دورهم الدعوي.
* لا تزال جماعة الإخوان رغم مسيرتها الطويلة الممتدة لأكثر من 80 سنة لا تهتم بالتجانس الفكرى بين أفرادها، ولا في الأوساط الدعوية مما يساعد على نشوء محاور في داخلها أو ظلها لأفكار منحرفة حتى تصبح أوراماً مزعجة لا تقلع إلا بكلفة باهظة الثمن.
* للأسف تميز السلوك الحركي لجماعة الإخوان على الصعيد السياسي وبعض الدعوي بتجاوز الآداب الشرعية في كثير من المواقع والفعاليات (انتخابات المجالس الطلابية والنقابية والبلدية والبرلمانية وغيرها) تحت تبريرات متعددة مثل مصلحة الدعوة والتنظيم، وجماعة المسلمين، ولعل كتاب د.سيد عبدالستار المليجي "الإخوان المسلمون رهائن التنظيم السري" يوضح بعض هذه الممارسات تجاه الإخوان فضلا عن غيرهم.
* تساهل الإخوان باستخدام العنف بدل ضبط النفس وتنويع الخيارات وخاصة مع منافسيهم من الإسلاميين، وما حدث في رفح خير شاهد (مهاجمة المسجد، ضرب سماعات المسجد بالرصاص، إصابة بعض المجاورين للمسجد).
* مما يؤخذ على الإخوان مراعاتهم للعلمانيين في تصريحاتهم السياسية والصحفية، والقصور أحياناً في مراعاة الأحكام الشرعية في هذه التصريحات، مما جعل لتيار القاعدة مبرراً لتكفير جماعة الإخوان كما في كتاب "الرد الأمثل على مفتى حماس" للمقدسي.
3- السلفيون: 
* السلفيون الحركيون – على تنوع بلدانهم – كانوا أقرب لقبول رواية حماس لأحداث رفح، دون نقد أو اعتراض على طريقة حماس في معالجة الحدث، ولعل ذلك يعود إلى دعوى حماس أنها سلفية المنهج، ولرغبة هذا التيار برؤية نصر للمسلمين يكون لهم نصيب فيه، وهذا الموقف عاطفى أكثر من كونه علميا أو عقلانيا.
* السلفيون العلميون اتسم موقفهم بالسلبية عبر إطلاق نصائح عامة وفضفاضة كما في بيان المجلس العلمي السلفي في فلسطين، وانتقاد نسبة "جند الله" للسلفية دون التطرق للحدث نفسه ومعالجته ووضع حماس الآن.
وبعد فهذه جملة لبعض السلوكيات المرفوضة شرعاً وعقلاً، وهي تعرقل الجهود الصحيحة والسليمة وتدخل المسيرة الإسلامية في دوامة النزاع والخلاف، وللأسف أن هذه السلوكيات ليست شيء عارض بل أصبحت عادات راسخة!!
على الإسلاميين أن يكونوا النموذج في تغيير سلبياتهم للشعوب والقوى غير الإسلامية والحكومات، وبهذا يمكن لهم تقديم نموذج مشرق يحتذي به الآخرون.
إن التعصب والانغلاق والتهور والسطحية والسلبية وعدم التعاون وسوء التخطيط آفات يجب التخلص منها، كما يجب على الإسلاميين اليوم تقديم نماذجهم المشرقة في مواقع المسؤولية التي تناط بهم. لا نريد أن نبقى نفتخر بروائع الماضي بل نريد أن نرى ونحس هذه الروائع في دنيا الواقع الذي نعيش.