العلامة ابن باديس كان له باع كبير في التفسير ومع الأسف أنه لم يدون منه الا جزء يسير جدا قدر مجلد، برغم أنه جلس يفسر القرآن الكريم أسبوعيا لمدة ربع قرن!
ولم يدون من التفسير الا ما كتبه ابن باديس على شكل مقالات في افتتاح مجلته الشهاب، وبذلك ضاع علينا علم كبير وفهم عظيم.
ومما يؤكد ذلك التأثير العظيم الذي صنعه تفسير ابن باديس وبقية دروسه في نهضة الشعب الجزائري ومقاومته للاحتلال الفرنسي.
إن كان من وصف يلخص سمات تفسير ابن باديس فهو كونه تفسير حضاري نهضوي تعبوي، تتجلى فيه بقوة معادلة الأصالة والمعاصرة والاتباع مع التجديد.
عندى نسختين من تفسير ابن باديس، الأولى جمعها د توفيق شاهين ومحمد رمضان والثانية جمعها د عمار طالبي ضمن مجموع اثار ابن باديس.
تمتاز نسخة شاهين ورمضان بحسن الصف وتنسيق الفقرات والدقة والتعليق والتخريج الذي قام به أحمد شمس الدين، والحق بها تلخيص محاضرة لابن باديس بعنوان: العرب في القرآن، كشف فيها عن جانب بسيط من عقليته الاجتهادية والابداعية وافاق نظرته الواسعة لمزج الماضى بالحاضر.
وفي المقدمة مقالة مهمة لرفيق درب ابن باديس العلامة البشير الإبراهيمي بعنوان: خصائص التفسير الباديسي.
بينما نسخة عمار طالبي (طبعة ابن حزم ٢٠١٤) فهي مريحة للقراءة أكثر، ولكن تنسيقها غير مريح للقارئ بخلاف النسخة الاخرى، مع وجود أخطاء مطبعية.
لكن تتميز هذه النسخة بأمرين:
الأول ترتيب تفسير الآيات على ترتيب السور في المصحف، بخلاف نسخة شاهين ورمضان فقد اعتمدوا جمع أيات سور: الاسراء، الفرقان، النمل، يس معا في أربعة أقسام، ثم جمعوا بقية الايات المتفرقة معا في قسم خامس ولو كانت من سور تتقدم سورة الإسراء، ويبدو أنهم التزموا ترتيب ابن باديس في نشر المقالات والتي غالبا ما كان يراعى فيها المناخ والأحوال السائدة في وقته، وهو ما قد انتفت الحاجة له الآن ويكون صنيع د عمار الأحسن والله أعلم.
الثانية أن في هذه النسخة بعض الزيادات، أهمها تفسير الآيتين ٨٠-٨١ من سورة الإسراء.
وأيضا فيه زيادة رأي ابن باديس حول حكم كشف وجه المرأة من خلال تعليق على تفسير آيات الحجاب في سورة الأحزاب رد به على رأي قاله أحد علماء تونس، ونصر ابن باديس مشروعية كشف الوجه إذا لم يكن هناك فتنة.