هذا كتاب صغير قدمه جورج مقدسي في الملتقي السنوي للجمعية الامريكية لأبحاث الاستشراق سنة ١٩٦٢م!
وهو يتناول ثلاثة محاور اساسية:
١- اشكالية المعتقد الأشعري والأشعري نفسه حيث يحمل رؤيتين متعارضتين رؤية اتباع نهج السلف بإثبات الصفات ونبذ علم الكلام ورؤية تأويل الصفات واستحسان علم الكلام!
ولذلك كان المعتمد في المعتقد الأشعري يخالف ما دونه الأشعري في كتبه الإبانة ومقالات الاسلاميين!
كما أن سيرة الأشعري وكبار الأشاعرة المتقدمين إنتهت بالعودة لمذهب السلف وذم علم الكلام !
وابطال نسبة كتاب استحسان الخوض في علم الكلام للأشعري.
٢- تفنيد وهم ان الأشعرية هي الرؤية السنية الأوسع انتشارا، اذا أن هذا ما حاول بعض الأشاعرة ترويجه دون مستند علمي موضوعي.
وذلك من خلال استعراض جهود ابن عساكر ومن ثم السبكي في تسويق الأشعرية عند الشافعية.
اذ كان المسلمون السنة ينقسمون لمذاهب فقهية على معتقد واحد وهو معتقد أهل الحديث، فلم يجد الأشاعرة من سبيل لترويج عقيدتهم إلا بمزجها مع مذهب فقهي، ولما كان المعتزلة غالبهم أحناف والحنابلة من أهل الحديث والمالكية قلة في بغداد ودمشق فإن الأشاعرة ركزوا على التسلل للشافعية!
ولكن الشافعية والشافعي من أهل الحديث وعلى معتقدهم وقد ذم الشافعي علم الكلام! فمن هنا عمل ابن عساكر على تحريف كلام صاحب المذهب! ومحاربة الشافعية من أهل الحديث! وواصل نهجه السبكي! وقد فصل الكاتب ذلك بشكل كبير وذكر امثلة عديدة.
ومن حيلهم في ذلك تمرير طريقة الفقه بتعدد الاقوال للأئمة على تعدد اراء الأشعري العقدية وعدها كلها صواب او الترجيح بينها!
٣- لجوء ابن عساكر والسبكي لتشويه صورة خصومهم من أهل الحديث في كل المذاهب بوصفهم بالمجسمة والجهل وأنهم شرذمة قليلة وأنهم محصورون في المذهب الحنبلي
بينما الحقيقة أن صراع الأشاعرة كان من علماء الشافعية المناوئين لعلم الكلام والتأويل، وأن المذهب السني الغالب والسائد هو مذهب السلف أهل الحديث.
عموما الكتاب مهم لطلبة العلم وفيه فوائد جمة ومنهجية في الفهم، مع وقوع أخطاء كعدم إدراك جورج مقدسي لحقيقة مذهب السلف وأنه اثبات الصفات وتفويض الكيفية وليس تفويض المعنى.
أيضا يبدو انه لم يطلع على تفاصيل سيرة الأشعري وتحولاته ولذلك بقي محتارا هل بدء الأشعري متكلما وانتهى أثريا أم العكس بدء أثريا وانتقل لعلم الكلام.
بهذه المناسبة في رحلتي الاخيرة لتركيا قابلت أحد الباحثين الاتراك ممن له عناية وشغل بالتراث وهو من الخط الأشعري لكني صدمت حين طرح تساؤلات عن حقيقة شخصية الأشعري وهل هو حقيقة أم أسطورة تم اختراعها، وذلك عدة إشكالات قوية في ذلك؟! وهي قضية أشار لها ولمح لها مقدسي بشكل مقصود أو غير مقصود.
الأشعري والأشاعرة في التاريخ الديني الإسلامي
2018/11/01
الرابط المختصر
Image