تناقلت وكالات الأنباء العالمية منذ يومين خبر توقيع 17 وزيرة سابقة في فرنسا من أحزاب يسارية ويمينية رسالة تحث على اتخاذ إجراءات صارمة لحماية النساء من التحرش الجنسي، على إثر اتهام نائب رئيس مجلس النواب الفرنسي دنيس بوبان، بالتحرش الجنسي بعدد من زميلاته النائبات في البرلمان!
وتعد هذه خطوة جريئة أن تعلن النساء عما يتعرضن له من تحرش جنسي، في خطوة نادرة حتى في فرنسا معقل العلمانية والتنوير الحداثي!
وهذا التحرش الجنسي بالنساء لا يقتصر على أصحاب السوابق في الشوارع الخلفية، بل يشمل حتي أصحاب الياقات الأنيقة من أصحاب المناصب الرفيعة وفي أعلى وأهم مكاتب السلطة والدولة!
لم ينس الناس بعد فضيحة الفرنسي رئيس صندوق النقد الدولي السابق الذي تورط في قضية تسهيل الدعارة وفي قضية اغتصاب عاملة في فندق في نيويورك، ومن قبله فضائح رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني.
فلماذا تتفشى هذه الجرائم والمشاكل تجاه المرأة بين هذه الطبقات السياسية العلمانية بل المغالية في العلمنة والمتعلمة والمتحضرة والحداثية، والتي لا تعاني من عقدة كبت تجاه النساء ولا نظرة دونية تحصر المرأة في ذهنية جنسية جسمانية كما تثرثر وتبربر عواجيز فكر النسويات؟!
والجواب الصحيح عن سبب فشل العلمانية في تقديم علاقة سليمة بين الرجل والمرأة هو مصادمة الرؤية العلمانية للفطرة الربانية التي خلق الله عز وجل عليها الرجل والمرأة، وكل من حاول مصادمة الفطرة لابد أن يخسر ويندم.
ومن فطرة الله عز وجل التي فطر الرجل والمرأة عليها روحا وجسداً ما كشفت عنه الدراسات الحديثة والتي نشرتها الغد يوم 13/5/2016 نقلاً عن موقع روسيا اليوم، بعنوان (5 دقائق مع امرأة جميلة تسبب لك 8 أمراض)، حيث "أكدت دراسة لجامعة فالنسيا الإسبانية أن بقاء الرجل مع امرأة جميلة لمدة 5 دقائق يؤدي إلى رفع معدل هرمون الكورتيزول في الدم، الذي يعتبر هرمون الإجهاد في الجسم.
وهناك دراسة تقول إن "سيستيم" الرجل يصاب بخلل لدى رؤيته امرأة جميلة فيما يتعطل كمبيوتر الدماغ لدقائق وربما لساعات، ولمعرفة تأثير ذلك على الدماغ أجرى باحثون في جامعة أوسلو النرويجية تجربة على 30 شخصا.
وكشفت دراسة جديدة أن الرجل يتخذ قرارات متهورة وخطيرة أكثر بوجود امرأة جميلة، وبينت إحدى الدراسات أن الرجال الذين يقضون ولو بضع دقائق رفقة امرأة جذابة يقل أداء عملهم عن أولئك الذين يدردشون مع سيدة لا يجدونها جذابة.
الباحثون الذين أجروا الدراسة التي نشرتها مجلة "إكسبيريمونتل" يعتقدون أن السبب قد يكون أن الرجال يستخدمون الكثير من وظيفة الدماغ أو "المواد المعرفية" في محاولة للَفت انتباه الجميلات مما يبقي القليل من أجل الأمور الأخرى.
إلى ذلك أظهرت إحدى الدراسات أن نسبة التوتر ترتفع لدى بعض الرجال عند لقاء سيدة جميلة جدا مما يسبب ضررا للقلب.
هذه هي فطرة الله عز وجل التي خلق الرجال والنساء عليها، ولا حل للسيطرة على هذه الأضرار الجسدية أو منع هذه الجرائم الجنسية إلا باتباع شريعة الله عز وجل التي أمرت الرجال بغضّ البصر عن النساء من غير المحارم، وأمرت النساء بالحجاب الشرعي الذي يخفي المحاسن عن الأغراب من الرجال.
العلاقة بين الرجال والنساء والفطرة التي خلقهم الله عليها كالعلاقة والفطرة التي خلق الله عز وجل الكهرباء عليها، لابد من علاقة بين طرفين ولكن هذه العلاقة يجب أن تكون مغلفة وآمنة إلا في أماكن وأوقات محددة وبطريقة سليمة مما ينتج عنه نشر الضياء والنور والاستفادة من خيراتها، وإلا كانت سببا في كوارث مميتة بسبب (التماس) الكهربائي!
وفي علاقة الرجال بالنساء حين ينزع الغلاف الواقي -من الحجاب للنساء وغض البصر للرجال والتزام العفة والحشمة في التعامل والتعاون- يحدث (التماس) في الوقت والمكان غير الصحيحين وتحدث الكوارث، وهل انتشار الأمراض الجنسية المهلكة في العالم إلا بسبب هذا (التماس)؟ وهل (موت الغرب) وهو عنوان كتاب للمفكر الأمريكي باتريك بوكنان مستشار ثلاثة رؤساء أمريكيين إلا بسبب كوارث هذا (التماس)، حيث نزع الغلاف الواقي ودمرت الأسرة واحتقر إنجاب الأطفال فطالت أعمارهم مع الأمراض وأظلمت قلوبهم مع الوحدة والعزلة دون ذرية وسكن من زوج أو زوجة، فأصبحت مجتمعاتهم شائخه، وعوضت حنان الطفولة والأمومة الضائعة بالحنان على الكلاب! وللأسف أصبحت الكلاب تطل علينا من نوافذ كثير من السيارات وفي الطرقات والشوارع تقود الرجال والنساء!
العجيب أن العلمانية والحداثة روجتا لرفض الحجاب ونزعه ودعتا لحرية العري باسم الحرية ورفض الكبت، لكنهما في نفس الوقت ترفضان أن يكون الحجاب داخلاً في باب حرية التعبير والتعددية والاختيار الشخصي! ولذلك تم إصدار قوانين تمنع الحجاب وتعاقب من ترتديه، في تناقض عجيب مع شعارات الحرية الزائفة التي يلوحون بها!
والعلمانيون يقعون في تناقض آخر مع الحجاب، فهم يحاربون الحجاب باسم الدين –في توظيف سياسي للدين- حين يزعمون أن الحجاب ليس من الدين والإسلام والشريعة أصلاً، بل هو رمز وعلامة سياسية! وذلك لزعزعة المسلمات والمؤمنات عن ارتدائه، كما تفعل مؤسسة راند الأمريكية.
لكن من جهة أخرى يبرر القانون الفرنسي منع ارتداء الحجاب في المدارس أو الشوارع بحجة أنه رمز ديني! فليحدد لنا العلمانيون موقفهم من الحجاب هل هو ديني أو لاديني، حتى نستوعب حقيقة موقفهم من الحجاب.
ومما يكشف زيف شعارات الحرية العلمانية والحداثية أن حزب العدالة والتنمية التركي لم يتمكن من رفع الحظر على منع المحجبات من دخول الجامعات التركية من خلال تعديل القانون في البرلمان التركي سنة 2008م، برغم أنها رغبة أغلبية الشارع التركي وإحدى الحريات المفترضة في منظومة حريات الإنسان العلمانية، وتعرض حزب العدالة بسبب هذه المطالبة القانونية والديمقراطية في دين العلمانية إلى العقوبة من المحكمة الدستورية التي كادت أن تحل الحزب حيث صوت 5 مع حل الحزب و6 مع عدم حلّ الحزب، فعوقب حزب العدالة بحسم 50% من الدعم الحكومي له.
ولم يتمكن حزب العدالة من منح المحجبات حقهن في التعليم والمساواة -وهي شعارات الفكر النسوي العلماني- إلا في سنة 2010م، حين طرح الحزب تعديلات على الدستور شملت بنداً يحرم منع أية تركية من إكمال تعليمها لأي سبب وتحت أي مبرر، وبذلك أصبحت فريضة الحجاب الإسلامي مسموحاً بها في بلد عضو مؤسس بمنظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي سابقاً) منذ عام 1969م!
إن الحجاب فريضة شرعية شرعها الله عز وجل لتتكامل مع فطرة الإنسان رجلاً وامرأة التي خلقهما الله عليها، ومن عارض ذلك فهو خاسر في الدنيا والآخرة، ومن تمسك به هو الرابح في الدارين.
الحجاب وجرائم ما بعد الحداثة
2016/05/01
الرابط المختصر
Image