الحزم مع الأعداء والأشقياء هو التعامل الصحيح، وقد أثبت الواقع والتاريخ أن التساهل والتراخي معهم يجلب الكوارث، وهو كالمغناطيس يجذب إليه برادة الحديد، وصدق المتنبي في قوله: ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى والعرب والمسلمون اليوم يواجهون مشروعاً إسرائيلياً متغطرساً، ومشروعاً إيرانياً متنمراً، ومشروعاً أمريكياً مراوغاً، وحالة من الغلو والتطرف يتلاعب بها لصالح هذه المشاريع وأطراف كثيرة محلية وإقليمية. ومع اعتراف الجميع بالتقصير في مواجهة هذه المشاريع العدوانية وأطماعها المعلنة والمضمرة، والتأخر في التصدي لجرائمها وعدوانها، إلا أن "عاصفة الحزم" وضعت نهاية لهذا التقصير والتأخير، فتجمعت الأمة العربية والإسلامية من أطرافها المتعددة وأعراقها المتنوعة (العرب، الأتراك، باكستان) لوضع حدٍ لهذه الحالة المزرية، وكانت البداية في اليمن، بضرب الحوثيين الانقلابيين، الذين اعتنقوا الإرهاب منذ مدة طويلة وشنوا حروباً متعددة على الدولة وكثير من مكونات المجتمع اليمني، حتى أصبح الإرهاب من القتل والتفجير والعدوان والخطف والسرقة والنهب سلوكا لازما لهم، وبقوة السلاح يريد الحوثيون السيطرة على اليمن كله باسم الحوار الوطني!! والتحالف العربي والإسلامي ضد عدوان المشروع الإيراني تحالف قديم ومتجدد، ففي الحرب العراقية الإيرانية اصطف العرب والمسلمون مع العراق ضد تصدير الثورة الخمينية التي تمثلت في حرب مع العراق، ومحاولة انقلاب في البحرين، وتفجيرات في مكة المكرمة، ومحاولة اغتيال أمير الكويت، وقد كان للأردن دور مركزي في التحالف العربي والإسلامي ضد العدوان الإيراني وسياسة تصدير الثورة الخمينية، ففتح الأردن ميناء العقبة للعراق حتى يتزود باحتياجاته المدنية والعسكرية، حتى أصبح ميناء العقبة رئة العراق التي يتنفس منها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شارك الملك الراحل الحسين بنفسه في المجهود الحربي ضد تصدير الثورة الظلامية والعدوانية، فزار الجبهة العراقية وأطلق القذائف على إيران، ومن هنا نفهم سبب الحنق الشديد لدى القيادة الإيرانية الطائفية ضد الحسين والأردن الذي كان دوما يقظاً لمؤامرات القيادة الطائفية في إيران. وواصل هذا النهجَ الملك عبد الله الثاني حين حذر من خطر الهلال الشيعي، وفعلاً ها هي الوقائع على الأرض تكشف عن مدى خطورة الإرهاب الإيراني على الأردن والمنطقة العربية والعالم، ولأن هذا التحذير فضح مخططاتهم وكشفها للعالم من قبل قيادة عربية تنتسب لآل البيت فقد أصابهم ذلك بخسارة كبيرة، ولذلك انطلقت أبواقهم الوقحة في العراق وإيران تطعن وتذم فيه، برغم أنه من آل البيت، الذين تتشدق إيران والشيعة بتعظيمهم، لكن الحقيقة أنهم يعظمون من يوافقهم من أي ملة أو نسب كان، وأنهم يعادون ويذمون من يخالفهم ولو كان من آل البيت، وقد سبق لأجدادهم أن سبوا الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه حين جمع شمل الأمة وأجرى الصلح مع الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، بل لم يكتفوا بسبّ الحسن بل قام بعضهم بمحاولة اغتياله فطعنه في فخذه رضي الله عنه. وحين حاولت إيران الاستيلاء على البحرين تحت شعار الربيع العربي، تصدى التحالف العربي ممثلاً بقوات درع الجزيرة، وأبطل مؤامرة إيران بالتعاون مع الطائفيين البحرينيين الذين خانوا البحرين لصالح المشروع الطائفي لإيران، وهو ما يتكرر اليوم في اليمن. فالحوثيون ومنذ اللحظة الأولى لاحتلالهم العاصمة صنعاء مكنوا الإيرانيين من مقدرات اليمن فاستقدموا الخبراء الإيرانيين ونظموا رحلات جوية يومية بين صنعاء وطهران، فضلاً عن تلقيهم الدعم المالي والعسكري طيلة السنوات الماضية. ومن هنا جاءت مشاركة الأردن في عاصفة الحزم، في استمرار لنهج ثابت يرفض ويتصدى للعدوان ويقاومه. إن الحزم هو العلاج الصحيح للعدوان الإيراني الشيعي الطائفي، ويجب أن لا يتوقف عند كسر شوكتهم العسكرية، بل إن كسر شوكتهم في الإعلام والسياسة هو الأهم، فلا يعقل أن يقوم هؤلاء بكل جرائمهم ثم لا يقدمون للمحاكمة، بل يُدعون لطاولة الحوار، وإلا ما المانع إذا من دعوة القاعدة في اليمن لطاولة الحوار؟؟ ومن الحزم التيقظ للخلايا الإرهابية النائمة في الدول العربية التابعة لإيران، وكذلك الطابور الخامس الإعلامي والسياسي الموالي للمشروع الإيراني. ومن الحزم بعد الانتهاء من إرهاب الحوثيين، العودة لعلاج العدوان الإيراني في سوريا والعراق والبحرين. ومن الحزم التصدي باستراتيجية شاملة لمحاربة الغلو والتطرف الذي يتسرب بين شبابنا وبدعم من قوى محلية وإقليمية ودولية. ومن الحزم العمل على جمع كلمة الشعب الفلسطيني وتقويته ودعمه، والتصدي للبلطجة الإسرائيلية وعدوانها المستمر على فلسطين، كمقدمة لحل نهائي للقضية الفلسطينية.
"الحزم" التام هو الحل
2015/04/01
الرابط المختصر
Image