السلفية في الدولة العثمانية !

هذا الكتاب لا أبالغ إذا قلت لم أطالع مثله منذ عقديين من الزمن، فهو يقوم على محورين الأول:
يكشف عن جانب مجهول في تاريخ الدعوة السلفية في داخل الدولة العثمانية، من خلال دعوة الشيخ الامام محمد البركوي (929-981/ 1521-1573) وطلابه الذين نتج عنهم ظهور جماعة قاضي زاده (ت 1045 - 1635) والتي انتشرت في اسطنبول والشام ومصر.
وقد تولى البركوي ووزادة مناصب دينية رسمية كبرى وكانوا يحضون بدعم السلاطين والخلفاء وحاربوا الشركيات وهدموا بعض الأضرحة ومنعوا كثير من المنكرات والبدع وغلو الصوفية.
وهذا يكشف عن حلقة مجهولة من تطبيقات قوله صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين"، ويكشف عن سبب مهم لبقاء وتوسع هذه الدولة المجاهدة
ولكن تعاون الانكشارية والصوفية والغلاة قام باغتيال الخلفاء وهؤلاء العلماء والقضاء على دعوتهم ومحاولة طمس تاريخهم.
وفي هذا رد قوى على بعض أو كثير من السلفيين المتعصبين الجهلة الذين يهاجمون الدولة العثمانية بجهل وغباء.
والمحور الثاني الذي هو من علاقة بين دعوة القاضي زاده ودعوة الامام ابن عبد الوهاب ؟
حيث استمرت جماعة القاضي زادة في الشام حتى 1142هـ بينما ظهرت دعوة الامام ابن عبد الوهاب في 1153 هـ !! 
ومما يعزز هذه الصلة والعلاقةسواء كانت مباشرة أو غير مباشرة ما يلى:
- أهم شيوخ ابن عبد الوهاب تتلمذوا على علماء من المرجع أن لهم علاقة بتلاميذ قاضى زادة في الشام والموصل!!
- تشابه مسيرة الدعوتين.
- هناك نقل لابن عبد الوهاب من كتاب البركوي "الطريقة المحمدية"!!
- انتقج ابن عبد الوهاب عبد الغني النابلسي والذي كان أشد أعداء جماعة قاضي زادة، فعله كان مدركا لوجودهم والصراع عليهم.
عموما الكتاب يفتح باب للدراسة والبحث جديد ومبتكر وتفتقد له تاريخ الدعوة السلفية الوهابية التي قصر كثير من ابنائها من القيام بحقها ويتجلى هذا في الفارق الهائل بين الدراسات الابداعية عنها للمفكرين والسلفيين غير السعوديين في المؤتمرات القديمة والتي أصبحت ابحاثها بعيدة عن ايدى الناشئة اليوم!
الكتاب يتكون من مقدمة ودراسة طويلة حول الدولة العثمانية ومسيرة السلفية 90 ص للشيخ عبد الحق التركماني وعد فيها بالاستمرار في دراسة تاريخ السلفية في الدولة العثمانية واخراج تراث اعلامها، ودراسة للباحث محمد كوري 55 ص عن جماعة القاضي زادة ورجالاتها واعمالها وأثارها وعلاقتها بالوهابية.
وعموما الكتاب متميز وعميق ومبتكر.