الشيعة العرب أي طريق يختارون؟

الرابط المختصر
Image
الشيعة العرب أي طريق يختارون؟

في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المنطقة والتي تشهد تقلبات وأزمات وتحديات داخلية عديدة، وتدخلا خارجي كان التدخل الروسي في سوريا آخر مظاهره، وصداما طائفيا تقوده إيران في عدة دول عربية وإسلامية، هذه الأحوال كلها تجعل الشيعة العرب اليوم أمام مفترق طرق مفصلي، إما أن يختاروا طريق السلم الأهلي والتعاون والتعايش مع جيرانهم وهم الغالبية السنية، أو يكون خيارهم الانحياز للأجندة الطائفية الإيرانية، وهي أجندة طائفية عدوانية تعلن بكل وضوح على لسان الولي الفقيه الإيراني "أنهم يحاربون الكفار في سوريا"، وتصرخ بأعلى صوتها على لسان عدد من مسؤوليها: "إيران تسيطر على أربع عواصم عربية"، وتكشف علانية على لسان سعيد قاسمي زعيم مليشيا "أنصار الله" التابعة للحرس الثوري الإيراني قبل أيام بنيتها ضم البحرين لإيران بالقوة العسكرية!
في المسار الأول الذي يفضّل التعايش والسلم الأهلي جاء بيان (الشيعة المستقلون) بتاريخ 8/3/2016 في لبنان والذي كان بعنوان: "لبنانيون شيعة متضامنون مع نظام مصالحهم الوطني والعربي"، رفضوا فيه أن يكونوا في خدمة المشروع الطائفي لإيران في المنطقة، وقبله صدر بيان من لبنان أيضاً بعنوان "بيان الشخصيات اللبنانية الشيعية عن مضايا"، استنكر فيه 55 شخصية شيعية وقّعت عليه مشاركة حزب الله الشيعي في جريمة حصار منطقة مضايا وعدة بلدات سورية والتي قتل فيها نتيجة الحصار مئات الأبرياء من الأطفال والكبار.
ولكن كما يقول نديم قطيش، الإعلامي اللبناني المعروف، وهو أيضاً من الشيعة المناوئين للمشروع الإيراني الطائفي: "يكاد لبنان يكون البلد الوحيد في المنطقة الذي تجاهر فيه نخبة شيعية عريضة، من مثقفين وكتّاب وعلماء دين وشخصيات مدنية، بانحيازها للمصالح المشتركة مع العرب في مواجهة المشروع الإيراني"، وهو الأمر الذي يلفت النظر ويثير سؤالا كبيرا حول حجم تأييد الشيعة العرب للمشروع الإيراني الطائفي الذي يسعى للهدم والتخريب والاستيلاء بالقوة على الدول المجاورة، حيث تنعدم الأصوات الشيعية العربية الرافضة للمشروع الإيراني الطائفي إلا بضعة مئات في لبنان؟؟ 
أما المسار الثاني المتاح أمام الشيعة العرب وهو الاندماج في المشروع الطائفي الإيراني فيبرز عندنا إصرار حزب الله الشيعي اللبناني على المشاركة بفعالية بجرائم وعدوان المشروع الطائفي الإيراني في المنطقة، ففي حوار حسن نصر الله بمناسبة السنة الفارسية الجديدة يوم 21/3/2016 على قناة الميادين أكد على مواصلة الحزب بالعدوان في سوريا بحجة محاربة داعش –التي تفاوض معها عدة مرات- وكذلك تورط حزب الله بدعم الحوثيين -وهم شيعة عرب أيضا- في الانقلاب على الدولة في اليمن، وأيضا تورط الحزب بتكوين خلايا مسلحة تابعة له في البحرين والكويت.
ولا يتوقف الأمر على كيانات شيعية عربية كبيرة كحزب الله والحوثيين، بل نجد نائبا شيعيا كويتيا (عبد الحميد دشتي) يخالف سياسة بلده الكويت ويتبنى علانيةً سياسة إيران فيهاجم السعودية ويحرض عليها علناً ويخالف سياسة دولته باعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا بسبب تورطه في تكوبن خلايا عسكرية نائمة في الكويت!
وفي السعودية يجاهر معمم شيعي (حسين الراضي) بدعم حزب الله ومخالفة موقف الدولة من اعتبار حزب الله إرهابيا بعد ثبوت تورط الحزب بتدريب الانقلابيين الحوثيين على استهداف السعودية باغتيالات وتفجيرات.
وفي العراق، نجد تواصل انتقال المليشيات الطائفية لسوريا تنفيذاً لأوامر قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني بحرب الثورة السورية بحجة حماية المراقد الشيعية! فضلاً عن استمرار الحرب الطائفية ضد الأهالي السنة العزل في المحافظات السنية العراقية والعاصمة بغداد.
أما في مصر التي تشهد بداية تشكل للمتشيعين المصريين بتأثير التبشير الشيعي الذي تقوده منظمات ومرجعيات شيعية إيرانية، فلأول مرة ينظم متشيعو مصر احتفالا بعيد النيروز الفارسي في القاهرة! في إصرار على شق الصف الوطني بأي وسيلة والتقرب والتزلف لإيران بأي شكل، فالنيروز عيد فارسي لا علاقة له بالتشيع أو الإسلام، فلماذا يصر هؤلاء المتشيعون على جلب هذا التراث الفارسي لمصر دون مبرر!!      
هذه الممارسات الطائفية للشيعة العرب اليوم، والتي تتماهى مع المشروع الإيراني الطائفي العدواني يراها البعض استمرارا لمسار ساقت فيه إيران الشيعة العرب منذ نشأة نظام ولاية الفقيه في إيران، حيث تم "تثوير" شيعة السعودية للتمرد سنة 1979م، وبعد عدة سنوات ورطت إيران عددا من شيعة السعودية بتفجيرات دموية فيها سنة 1996م، وقد تمكنت السعودية مؤخراً من القبض على منفذها (أحمد المغسل) من مطار بيروت في عملية نوعية بعد اختبائه الطويل في طهران.
وشهدت الكويت في ثمانينيات القرن الماضي تفجيرات عدة وخطف طائرة الجابرية ومحاولة اغتيال أمير الكويت نفذها شيعة كويتيون بتحريض من طهران، كما تورط 16 كويتيا - بتحريض إيراني- بتفجيرات في مكة المكرمة ضد الحجاج سنة 1989م.
أما شيعة البحرين فقد نظم حزب الله البحريني سنة 1996م أحداث شغب وعنف بتوجيهات من إيران، أما حزب الله في لبنان فيكفي الاعتراف الصريح لحسن نصر الله منذ شبابه بأن الحزب هو ذراع إيران في لبنان وأنه تابع للولي الفقيه في طهران، وفي العراق شهدنا المجلس الإسلامي الأعلى بقيادة الحكيم ينضم لإيران في الحرب ضد بلده العراق!
ولم يقتصر المشروع الطائفي الإيراني على زرع الإرهاب بين الشيعة العرب، بل استقطب أيضاً العرب السنة ذوي الخلفيات الإرهابية من مصر والخليج وغيرهم كما كشفت عن ذلك رسائل ابن لادن المنشورة مؤخراً، وقد أصدرت محكمة فدرالية أمريكية قبل أيام حكماً بإدانة إيران في دعم منفذي تفجيرات 11/9 بأمريكا.
فهل يتمكن الشيعة العرب من الانتقال من هذا المسار الطائفي للمسار الآخر، مسار التعايش والسلم؟ يشكك البعض في إمكانية حصول ذلك بسهولة، خاصة مع قلة وضعف دعاة السلم والتعايش من الشيعة العرب من جهة، ومع شراسة الشحن الطائفي الذي تقوم به منابر التشيع العربي، حيث هناك 73 فضائية شيعية ناطقة بالعربية، تؤيد المشروع الطائفي الإيراني أو تنافسه في نشر الطائفية، فعلى المستوى السياسي يكفى أن تتابع حلقة من حلقات نديم قطيش (DNA) لتجد توافق هذه القنوات المختلفة على ترديد نفس المبررات الإيرانية الطائفية لجرائمها على دول المنطقة بحجة المقاومة والممانعة الكاذبة، وعلى صعيد المحتوى الطائفي فهي تنشر كثيرا من الخرافات والتحريض ضد المسلمين بحجة عدم إيمانهم بأئمة الشيعة، وتنتشر هذه المقاطع في اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، وأصحاب هذه المقاطع المسيئة والطائفية هم من الشيعة العرب.
ويبقى السؤال معلقاً: الشيعة العرب أي طريق سيختارون؟ وهل تنجح القلة الضعيفة الواعية في الانتصار؟