الطائفية العفنة تحت قناع حرب الإرهاب والسياحة الدينية

الرابط المختصر
Image
الطائفية العفنة تحت قناع حرب الإرهاب والسياحة الدينية

يكاد الناس يعتقدون أن التتار وزمانهم عادوا من جديد من أعماق التاريخ، فرغم مرور مئات السنين على غزو التتار لبغداد وما قاموا به من جرائم وفظائع شاب لهولها الأطفال ولا تزال الجلود تقشعر منها عند قراءتها في بطون كتب التاريخ، إلا أن ما يجري اليوم في العراق وبغداد بالجملة، وفي الرمادي على وجه التحديد، من جرائم ومجازر وأهوال جسام، تجعل مما سطره ابن الأثير وابن كثير عن جرائم تتار زمانهم نوعا من الفكاهة!
لقد أبكى ابنُ الأثير الحجرَ حين وصف بعض مذابح التتار، وكتب قائلاً: "قد بقيتُ عدة سنين معرضًا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها، كارها لذكرها، فأنا أقدّم إليه رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني متّ قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا". علمًا بأن ابن الأثير كتب كلامه هذا في بداية الهجمات التترية على المشرق الإسلامي، وقبل أن يُقدم التتار على غزو بغداد واستباحتها وارتكاب المذبحة الكبرى فيها سنة 656هـ، فما عساه سيقول إن كان قد أدرك هذا اليوم الحزين؟!
وإذا كانت عبارات المؤرخين وكلماتهم التي مزجت دموعهم بحبر أقلامهم هي التي سجلت تلك الأعمال الرهيبة، فإن الكاميرا اليوم هي التي تسجل الأحداث حية كما حصلت، فتجتمع فيها المناظر البشعة لظلم الأبرياء مع صرخاتهم الرهيبة من الفزع والخوف والألم، ولم يتخلف عنها إلا شم رائحة الدماء البريئة المسفوحة أو رائحة لحومهم المحروقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الذي نسأله أن يتقبل الشهداء، وينتقم عاجلاً من الإرهابيين الطائفيين.
وإذا كان ابن الأثير وابن كثير اعتمدا على روايات الناجين من الضحايا في تدوين ما حدث وأخبار العالم بحقيقة الوحشية التترية، فإن وحوش اليوم الطائفيين من الحشد الشيعي هم الذين يسجلون هذه المقاطع قبل غيرهم من الضحايا والإعلاميين.
ومن أوجه الشبه بين تتار التاريخ وتتار العصر الحاضر زعمهم جميعاً أنهم مسلمون ويريدون الخير! فحين غزا التتار دمشق خرج للقائهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فخاطب زعيمهم قازان بقوله: "إنك تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون -على ما بدا لنا-، فغزوتَنا، وأبوك وجدّك كانا كافرين وما عملا الذي عملت، عاهَدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلتَ فما وفيت وجُرت...".
وأما تتار هذا الزمان فقد تشكلوا من فتاوى مرجعيات الشيعة لدحر الإرهاب ومقاومة التكفير والعدوان، لكن ما قاموا به هم أنفسهم من تكفير وقتل وإرهاب فاق كل خيال وإجرام سواء من تتار التاريخ أو دواعش الحاضر.
لقد عجز الخيال أن يتصور إمكانية أن يصل الإرهاب والطائفية لحد أن يُربط إمام مسجد سني بمئذنة مسجده ثم يفجرا سوياً من قبل أفراد الحشد الشيعي، هذا الحشد الذي يزعم أنه تشكل بفتوى دينية وأنه يحارب الإرهاب!
ومقاطع بشعة ومقززة أخرى سجلوها لتكون دليل إدانة لهم في الأرض والسماء من قطع أذن رجل حي، ومن قتلٍ بدم بارد لمئات السنة في الرمادى دون جريرة أو ذنب، لكن الإعلام اليقظ سجل وأذاع خبر قتل داعش لأبرياء في دير الزور!!!
ديالى تُباد علناً من قبل الطائفيين الشيعة الذين يحظون بشرعية الوجود الرسمي ويتقاضون على هذه الجرائم مرتبات من الدولة العراقية! ويهددُ رئيس البرلمان سليم الجبوري وهو ممثل السنة بعدم السكوت عن هذه الجرائم، لكن لا قيمة لتهديداته ولا لتهديدات النواب والوزراء السنة بالعراق، لأن هذه التهديدات لا سند "مليشياويا" خلفها كما هو حال حزب الله في لبنان أو نواب شيعة الكويت الغاضبين على الحكم بالإعدام على أعضاء خلية حزب الله الكويتية التي حازت أسلحة بكميات ضخمة لأغراض إرهابية.  
فباسم محاربة الإرهاب يُمارس أبشع أنواع الإرهاب، وهذه قمة الإرهاب، ويبدو أن سياسة إسرائيل في قلب الحقائق وتمثيل دور الضحية أصبحت نموذجاً يقتدى به من هذه القوى الطائفية التي صدّعت رؤوسنا عقوداً بشعارات المقاومة والممانعة ومحاربة الشيطان الأكبر ثم في النهاية تنسّق بشكل مباشر مع إسرائيل من خلال الروس في سوريا، وعقدت صفقة مع الشيطان الأكبر بكل براءة!
ولكن المسلمين على ثقة من ربهم بأنه ناصرهم لا محالة، وكما محق باطل تتار التاريخ فباطل تتار العصر إلى زوال أيضاً، ودوّن لنا هذا شرف الدين بن الوحيد في قصيدته التي قال فيها:
ولمـــــا غـــــزا قــــازان عُقْــــرَ دِيارِنــــا          وأَعطـاه مَـن يُعطـي ومَـن يَمنـعُ النَّصْرا 
تَمَـــــــــرَّد طُغيانًـــــــــا وزاد تَجــــــــبُرًا                 ولــم يَنتبِــه بَغيًــا ولــم يَســتفِق سُـكْرا 
وجــاءت مُلــوكُ المُغْــلِ كــالرمْلِ كــثرةً          وقــد مَلكَــت ســهلَ البَسـيطة والوَعْـرا 
فـــأَنصفَت الأيـــامُ فـــي الحُـــكم بيننــا            فكـانت لـه الأولـى ، وكـانت لنـا الأخـرى 
وكـــان نَهـــارُ السّــبت بــالنصْر شــاهِدًا         بصِـدقٍ ، وكـان الـوقت قـد زَحَـم العصـرا 
 
ومن جهة أخرى، لا يزال هؤلاء الطائفيون يكررون طلبهم بتفعيل السياحة الدينية مع الأردن، وهم في الحقيقة يقصدون السياحة الشيعية، إذ أنهم يقصرون طلبهم على زيارة قبر الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، فبرغم أن قبر جعفر لا يبعد إلا بضعة أمتار عن قبر رفيقه في الشهادة زيد بن حارثة رضي الله عنه ويبعد ببضعة مئات الأمتار عن قبر رفيقه الآخر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إلا أن الشيعة لا تحتفي بهما!!
وذلك أن اهتمامهم بقبر جعفر الطيار رضي الله عنه أصلاً هو من باب "مسمار جحا"، فجعفر الطيار استشهد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنوات، ولذلك ليس له ذكر عند الشيعة، ولكنهم في الحقيقة يبحثون عن "مسمار جحا" في الأردن، لإعادة سيناريو حماية الأضرحة في سوريا، وهي "مسمار جحا" التي توسل بها حزب الله الشيعي وكل الميلشيات الشيعية في العالم للتنقل عبر الحدود ومحاربة وإجهاض الثورة السورية.
فباسم حماية المراقد والأضرحة تنقّل الإرهاب الشيعي دون نكير من العالم ولا قلق من "بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة، وباسم السياحة الدينية تمت كل تلك المجازر والفظاعات والأعمال الإرهابية من استخدام السلاح الكيماوي وإلقاء البراميل المتفجرة إلى فرض الحصار الخانق حتى مات الناس جوعاً في مضايا والغوطة وبابا عمرو وغيرها.
والعاقل من اتعظ بغيره وتعلم من تجارب التاريخ، إيران ليست بلداً حضارياً يهتم بالسياحة والثقافة، والشعب الإيراني شعب مطحون وكادح وليست السياحة من ثقافته، وما قصة السياحة إلا أداة من أدوات الغزو الإيراني الناعم، ولذلك من يسعى لها ويروج ويبشر بها وزارة الخارجية الإيرانية، رغم أن هذا يفترض أن يكون من جهد شركات السياحة الإيرانية، ولكن في الواقع ليس هناك شركات سياحة إيرانية ترى فرصة تجارية في السياحة في الأردن أو مصر أو تونس، ولكن يوجد شركات تتبع الحرس الثوري الإيراني تتستر خلف واجهة السياحة لاختراق ساحات الدول العربية، ودمشق خير شاهد على تحول منطقة السيدة زينب لمستعمرة استيطانية إيرانية في قلب دمشق على غرار حارات اليهود في الخليل المحتل! 
ومؤخراً، وبحجّة السياحة الدينية، عبَر الحدودَ الإيرانية العراقية نصفُ مليون (سائح) إيراني! عبروا الحدود رغما عن الأمن العراقي دون تأشيرات، مما استدعى وزير الداخلية العراقي أم يندد بذلك علناً! وخرجت تصريحات رسمية أنه من الصعوبة بمكان إعادة هؤلاء السياح، والذين سيستقر كثير منهم قرب المراقد المقدسة، في عمليات توطين إيرانية ممنهجة.
وأخيراً متى سنفيق من الانخداع بالشعارات البراقة لهؤلاء الطائفيين؟
خُدع الكثيرون عقودا طويلة باسم الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب وثبت أنها خدعة وكذبة كبيرة، وصرح بهذا بوضوح الشيخ يوسف القرضاوي، وكثير من الوفود الرسمية الدينية العربية تصرح بهذا في الجلسات الخاصة أن الوحدة والتقريب بين السنة والشيعة وهْم وخرافة، ولكنهم للأسف يصرون على استمرار المشاركة في الكذبة بسبب متطلبات السياسة القائمة على المجاملات الكاذبة، والإيرانيون يعرفون أنها كذبة ويعرفون أن كثيرا من الوفود العربية غير مؤمنة بالوحدة والتقريب، لكن ما يهدفون إليه هو خداع العامة في إيران أن النظام له شعبية وقبولا عند الدول الأخرى، وخداع العوام في العالم بقصة الوحدة والتقريب للتغلغل بينهم وإنشاء خلايا نائمة!
وخُدع الكثيرون بشعارات الممانعة والمقاومة، ثم ظهرت الحقيقة أنها أداة لكسب عواطف السذج، وأن العدو الحقيقي لهم هو من يرفض أن يكون عبداً وتابعاً لهم، عندها لن يجد إلا الذبح والسجن، بينما التفاهم والتعاون سيكون مع إسرائيل وتهدئة الحدود لعقود طويلة.
وخدع كثيرون بشعارات الموت لأمريكا والشيطان الأكبر، فإذا الشيطان يصبح وليا حميما!
فهل آن الأوان لفهم حقيقة شعار حرب الإرهاب وتنمية السياحة الدينية؟ هل أيقظتنا دماء إخواننا من جيراننا في العراق والشام أم لا زلنا بحاجة لجريان دماء أهلنا في الأردن -لا سمح الله- حتى نفهم حقيقة الطائفية المتوحشة خلف هذه الشعارات؟