الفلوجة ضحية الإرهاب الطائفي مرتين!

الرابط المختصر
Image
الفلوجة ضحية الإرهاب الطائفي مرتين!

لم نكد نأمل برفع الحصار عن مضايا وأخواتها في سوريا وتعز في اليمن حتي جاءت الصرخات من الفلوجة في العراق، بأن الفلوجة يموت أهلها جوعا وتفجيراً من قبل المليشيات الشيعية التي تحاصر سكان الفلوجة والذين يبلغ عددهم 100 ألف نسمة من سنتين بحجة محاربة داعش!
وبالمقابل قامت داعش بالسيطرة على الفلوجة وهجرت في البداية معظم أهلها وفعلت ذلك بحجة محاربة الرافضة والمليشيات الشيعية!
لقد كنا نظن أن حكايات التاريخ عن جرائم التتار بحق أهل العراق من الحصار والجوع والقتل والتعذيب حكايات طواها التاريخ وأنها انطوت على مبالغات لاستدرار العواطف، فإذا الواقع يصفعنا بكل قسوة بجرائم أشد مما دونته محابر المؤرخين السابقين، وإذا بجرائم التتار الذين جاؤوا لهدم الدين والإسلام والمسلمين، أقل بطشاً من هؤلاء الطائفيين الإرهابيين الذين يدعون حمل راية الدين! 
وكانت النتيجة أن من بقي من أهالي الفلوجة وهم بعشرات الألوف تتساقط على رؤوسهم القنابل والبراميل المتفجرة من السماء، والتي تطلقها المليشيات الشيعية، ولا يجدون ما يأكلونه إلا حشائش الأرض التي لا تصلح إلا للبهائم بفضل الدواعش الذين لا يهتمون بحياة الناس.
يبدو أن الطرفين الميلشيات الشيعية والدواعش مسرور وسعيد بما يلاقيه سكان الفلوجة، فالطرفين يعتبران سكان الفلوجة الذين لا يؤمنون بما يؤمنون هم بهم كفار لا يستحقون الحياة، ولذلك نرى بعض نواب التيار الصدري يغرد على توتير بقتل وذبح كل سكان الفلوجة، ونرى الدواعش يهددون من يحاول الخروج من الفلوجة بالقتل.
كل هذا والطرفين يزعم أنه يطبق الإسلام ويسعى لرفع لوائه، حتى نعرف حقيقة دين هؤلاء الإرهابيين والطائفيين وأنهم جميعاً من أشد الناس مخالفة ومصادمة وانتهاك لإسلام بتكفير الأبرياء والمساهمة في تعذيبهم وقتلهم، وكل هذا يجرى على مشهد من الناس والاعلام والحكومات والعالم، مما يكشف عن مدى تواطئ جهات عديدة في هذه الجريمة الإنسانية البشعة.
ومن الجرائم التي تمارس بحق أهل الفلوجة امتناع الحكومة الطائفية والقوى الدولية من رفض إيصال المساعدات الغذائية لهم عبر الإسقاط الجوي كما فعل في أماكن أخرى.
بالمقابل إن إصرار الميلشيات الشيعية على اقتحام الفلوجة والذي تعارضه القوات الأمريكية وتطالب باستبداله بقوات عشائرية تنتمى للسنة تجنبا لتكرار جرائم الحشد الشيعي بحق المناطق السنية، من أسباب تجمد العمليات ضد داعش في الفلوجة.
الطرفيين يستغل شعارات مقاتلة خصمه (الميلشيات – داعش) لينفذ أجندته الخاصة على حساب أرواح أهل الفلوجة من السنة الأبرياء، فالميلشيات تهدف لإبادة المكون السني في العراق عبر تهجيرهم وقتلهم والتخلص منهم، بينما داعش تسعى لجر مناطق سنة للصراع والاصطدام بدول الجوار السنية كالأردن والسعودية!
كل هذا يجرى وسنة العراق المشاركين في اللعبة السياسية أصبحوا في دائرة الاتهام بالتواطئي في هذه الجريمة البشعة، فلاهم أنقذوهم ولاهم أدانوا قاتليهم بشكل مباشر، بل لا يزالون يجملون سمعة المجرمين.
أما الدول السنية فقد تهاونت كثيراً في نصرة إخوانهم الذين يسامون سوء العذاب من وقت طويل، ولا تزال الخطوات لنصرتهم بطيئة ولا تأثير لها في انقاذ من تبقي منهم، وهذه جريمة سيحاسب عليها الكثيرين في الدنيا في ميزان التاريخ، وفي الآخرة في ميزان الله عز وجل.
إن نصرة الأبرياء في الفلوجة وفي غيرها من المناطق من القتل بالجوع وغيره لهو من أوجب الواجبات على الجميع، وإن مقاتلة الإرهابيين والطائفيين وكف شرهم هو السبيل الوحيد لإنهاء هذه الجرائم البشعة.
ويجب الحذر من التفريق بين الإرهابيين الطائفين، فقسم يحارب وقسم يفاوض، فهذا لن يجلب إلا مزيد من الخراب والهلاك، فالإرهاب والطائفية جريمة لا تجزء، وليس منه قسم حميد وقسم ردئ، وإن الإرهاب والطائفية التي يمكنها تبديل جلدها والظهور بمظهر رجالات الدولة وملتزمي القانون لهم أشد خطراً وجراماً عبر التاريخ.
وختاماً إن لم يكن لنا اليوم موقف حازم من هذه الجرائم والسياسات فإننا سنكون على موعد ولابد مع فلوجات ومضايات وتعزات كثر في قابل الأيام، وقديما قال الشاعر:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة     فإن فساد الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوما بقدرة        وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا