القابلية للتضليل

الرابط المختصر
Image
القابلية للتضليل

توصل المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله لمصطلح كاشف لتخلف الأمة الإسلامية المعاصرة وهو مصطلح "القابلية للاستعمار"، ورغم ما دار ويدور حول مدى صواب فكرة مالك بن نبي (1905 – 1973م) أو خطئها أو دقة انطباقها على الواقع الإسلامي، فإن جوهر نظريته يقوم على أن الخلل في نظام التفكير والروابط الاجتماعية بسبب سيادة حالة الجهل والانحطاط الأخلاقي يُولِّد في أي مجتمع القابلية لتقبل الاستعمار والتبعية والخضوع له وتقمّص عاداته وتنفيذ مصالحه مهما سلبت من حقوق المجتمع المستعمر.
واليوم نحن نعيش واقعا شبيها بفرضية مالك بن نبي، فالمسلمون يعانون من خلل في التفكير يطال جميع شرائح ومكونات المجتمع، ولذلك تعالج الأخطاء بمزيد من الأخطاء غالباً، من قبل الحكومات والمعارضة، ومن قبل العلمانيين والإسلاميين، وقلما نجد رؤية تقدم حلاً مقنعاً موضوعياً، حتى على مستوى المشاكل الفنية والخالية من أي ظلال أيدلوجية.
وأيضاً نعاني من حالة تزايد في التردي الأخلاقي سواء بانتشار العري والسفور والعلاقات الآثمة، أو انتشار الرشوة والغش، أو تفشي الكذب والخداع.   
ويصاحب هذا حالة إعراض عن العلم والمعرفة لناحية الإعلام الهابط والغوص في المتع والكماليات الزائفة، مما يجعل المناخ مناسباً وملائماً للقبول بالتضليل الفكري والإعلامي والسياسي والاقتصادي!
فمنظومة التفكير فيها خلل ولا تحسن تمييز الصدق من الكذب، والممكن من المستحيل، فضلاً عن فلترة مصادر المعلومة، هل هي منحازة أو حيادية، هل هي منحازة فقط أو تكذب وتدجل أيضاً؟
ومنظومة الأخلاق النازفة تجعل البعض يقبل الباطل ويؤيده بسبب تناغمه مع هواه المنحرف!
والجهل بالتاريخ والخلفيات للأحداث والشخصيات والفاعلين تساعد على تقبل خلط الأوراق وتزوير الحقائق.
فكيف إذا كانت الحالة مركبة ومعقدة؟، فالموضوعي والمحايد هنا كمصدر إعلامي أو فاعل سياسي، هو في مربع آخر منحاز وصاحب أجندة خفية.
أو حين تتعقد شبكة التحالفات فالأعداء في الموضوع الفلاني يتحالفون في القضية العلانية!
ومن هنا نجد أن قطاعات واسعة من الناس بمختلف أيدلوجياتهم أو مراتبهم العلمية أو المهنية هم قابلون للتضليل!
فاحذر أن تكون منهم، بالقراءة والتعلم وتجويد التفكير والسمو الأخلاقي.