لو تنبأ أحد من قبل أن فايروسا سيعطل حركة الكوكب هل كان سيصدقه أحد؟
مخلوق حقير لم يبلغ عتبة الحياة ولا يتجاوز حجم الآلاف منه سمك شعرة واحدة تسبب بفزع كوكب الأرض بأجمعه بمليارات البشر الذين عليه! ولم تنفع معه علوم الفضاء والوصول للمريخ ولا أجدت معه التقنيات الهائلة على الذكاء الصناعي ولا أفلحت تجاهه الأسلحة النوعية لجيل الحروب الخامسة وما بعدها!!
لطالما استهان الكثير من الناس بأخبار هلاك الأمم السابقة والتي قصتها علينا الكتب السماوية من قبل، أو ما حوته كتب التاريخ عن تلك العقوبات والكوارث وغيرها من المصائب التي نزلت ببعض المدن والمجتمعات ولا تزال آثارها ماثلة للعيان كمدينة بومبي الإيطالية والتي اشتهرت بالفجور فدمرها بركان فيزوف المجاور في لحظات سنة ٧٩م ولما اكتشفت آثار المدينة في سنة ١٧٤٨م وجدوا جثث الناس محنطة على أوضاعها المختلفة لحظة العذاب!
واليوم يأتي فايروس كورونا كوفيد ١٩ ليدق الناقوس مجددا للناس جميعا أن الكون هذا لا يسير بفوضى أو أنه ليس له نظام! وأن قوتكم معشر البشر لا تساوي شيئا برغم تسخير الله الخالق الكون لكم!
يأتي فايروس كوفيد ١٩ ليشعل الضوء الأصفر في إشارة حركة العالم لينبههم إلى أن الضوء الأحمر قد اقترب اشتعاله وعندها ستتوقف حركة العالم تماما ونهائيا، وليس بشكل مؤقت كما حدث حيث الآن يعاود العالم الانفتاح بشكل تدريجي على تفاوت بين الدول وبأولويات مختلفة.
إن فايروس كوفيد ١٩ نموذج مصغر جدا جدا عن عظيم قدرة الله عز وجل والذي رأى الناس اليوم عيانا وبلا واسطة ما تسبب به من أذى وضرر وعجز البشرية بكل قوتها عن مدافعته، ولذلك العاقل يأخذ العبرة من هذا الحدث المشاهد ليصدق بالخبر الصادق عن عظيم قدرة الله عز وجل في الآخرة.
يقول الله عز وجل: "الذين يُحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شرٌّ مكانا وأضل سبيلا" (الفرقان: ٣٤)، والمقصود بالآية أن الكفار يُحشرون ويساقون للنار وجهنم وهم يمشون على وجوههم وليس أقدامهم!
وقد استغرب رجل من ذلك فسأل النبيّ صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أليس الذي أمشاه على رجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة" قال قتادة بلى وعزة ربنا، متفق عليه.
فالله عز وجل الذي جعل البشر وبعض الحيوانات في الدنيا يمشون على رجلين وحيوانات أخرى على أربع أو أكثر وغيرها تزحف على بطنها وبعضها يطير في الهواء وغيرها يسبح في الماء، ومنها من يمشى على البر ويسبح في الماء لن يعجزه أن يجعل الكافر يمشى على وجهه للنار!
فهل نعتبر من الكورونا بشكل صحيح ونأخذ العبرة السليمة بتجنب مخالفة أوامر الله عز وجل أولا، والاستقامة على نهجه وشرعه ثانيا، ونتجنب عقوبته وعذابه ثالثا، لنفوز برضاه وننعم بجنته في الآخرة؟
هذه حقيقة محنة الكورونا لمن يعقل!