اختلطت مشاعر الأردنيين وتضاربت هذا الأسبوع بين الفرح والسرور بيوم الاستقلال وبين الخوف من استفحال المنكرات في المجتمع، والتي كان أبشعها مؤخراً رعاية السفيرة الأمريكية لاجتماع العصاة الشاذين جنسياً والدعوة لتقبل المجتمع الأردني جريمتهم بصدر رحب! في خضم فرحة الأردنيين بيوم استقلالهم استشعر الجميع نعمة الأمن التي يسبغها الله عز وجل على الأردن في وسط الإقليم الملتهب، واستشعر الجميع نعمة السلامة في خضم الحروب الطائفية الطاحنة التي يدفع الأبرياء ثمنها من دمائهم وأرواحهم وأبنائهم، واستشعر الجميع حلاوة الاستقلال فيما يعاني أهلنا في فلسطين بشاعة الاحتلال وقذارته. وبرغم التحديات والمصاعب التي يمر بها الأردن والأردنيون إلا أن إيمانهم بالله عز وجل كبير بأن يحفظ عليهم إيمانهم وأمنهم ويسهل لهم أمرهم ويفك من أزمتهم، كما أن الأردن والأردنيين موقنون أن الصبر والمصابرة مع الجد والمثابرة هي الكفيلة بعون الله في تجاوز الأزمة التي تمر بهم، وأن زيادة التزام الجميع بالأحكام الشرعية والأخلاق الفاضلة كالعدل والإتقان والصدق والإحسان والأمانة، وتجنب كل محرم هو صمام الأمان لهذا البلد الطيب في الأرض المباركة. وقد حذرنا الله عز وجل في كتابه من خطورة شيوع المنكرات والمعاصي في المجتمعات، وأن ذلك يجذب الفساد المالي والسياسي وتدخل تلك المجتمعات في دوامة من الأزمات المالية والأخلاقية والأمنية والسياسية والبيئية، فقال سبحانه وتعالى: "وضرب اللّهُ مثلاً قريةً كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" (النحل: 112). ووعد سبحانه وتعالى المجتمعات المؤمنة التي أخذت بالأسباب أن يبارك لها في رزقها، فقال عز من قائل: "فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" (نوح: 11 - 12). فتكرار حدوث انتهاكات جسيمة بحق الله عز وجل وشريعته والمؤمنين مؤخراً، من الدعوة لصناعة الخمور، والدعوة لحماية الشذوذ والقبول به، ومن قبل انتشار جريمة القتل بين الناس، وتكاثر ظاهرة اللقطاء، وتصاعد نسبة إدمان الخمر والمخدرات، وشيوع الزنا ودور الدعارة والعري في شوارعنا، كل هذه مؤشرات خطيرة تهدد أمن البلد وأهله، بل لعل هذه المؤشرات تشكل التهديد الأكبر بينما نحن مشغولون بالخطر الإسرائيلي أو الإيراني الميلشياوي أو الإرهاب الأعمى بزعامة داعش. ولهذا فإن شكر هذه النعم يكون بمزيد من الطاعة والاستقامة والبر والإحسان لله عز وجل ولعباده، خاصة ونحن على أعتاب شهر رمضان، شهر القرآن. ومن هنا فإن (مسمار جحا) لقاء العصاة الشواذ الذي رعته السفيرة الأمريكية، والذي هو أحد متطلبات ومخرجات اتفاقية سيداو المشؤومة، يجب أن يُرفض علانية من جميع الأردنيين، حفاظاً على أمنهم وإيمانهم، وهذا موقف يشترك فيه الجميع المسلمون والمسيحيون، فالشذوذ أمر مستنكر ومرفوض من كل الديانات والعقلاء في العالم. فبابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، أعلن موقفه بوضوح في تصريح شهير سنة 2012 قال فيه: "إن زواج المثليين جنسياً من بين مخاطر عدة تتهدّد النظام التقليدي للأسرة وتقوّض "مستقبل البشرية نفسها". وفي أمريكا نجد السيد لير توني بيركن رئيس مجلس الأبحاث الخاصة بالعائلة في أمريكا يقول وبكل وضوح: "إن العلاقة المشينة التي تربط بين زوجين مثليين تؤدي لتدمير الزواج السوي مما يهدد الجنس البشري بالفناء". وقد سبق للرئيس الاميركي الأسبق "نيكسون" أن حذر من انهيار المجتمع الأمريكي بسبب الشذوذ، فقال: "إن هؤلاء الشاذين يقوّضون أركان المجتمع، وإن الذي أضاع الإمبراطورية الإغريقية هو الشذوذ الجنسي، فأرسطو كان شاذا وكذلك سقراط! وإن الذي هدم الإمبراطورية الرومانية هو انحلال الأباطرة، ومضاجعة البابوات للراهبات! وإن أميركا تتجه إلى المصير ذاته"! وفاحشة الشذوذ والزنا لها أخطار كثيرة على مرتكبيها أولاً، تتمثل في الأمراض المستعصية وأخطرها الإيدز، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: "لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يُعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا" رواه ابن ماجة وصححه الألباني. وهذه الأمراض سببها استخدام الأعضاء الجنسية في غير وضعها الطبيعي، التي خلق الله عز وجل الناس عليها، ولذلك تتبدل طبيعتها وخصائصها من العمل بكفاءة وسلاسة لتنتج "بكتيريا أكلة لحوم البشر" (ستافيلوكوكّس أوريوس) المقاومة للمثيسيلّين وأغلب المضادات الحيوية المعروفة. ثم لا تقتصر هذه الأمراض عليهم بل تشيع في المجتمع من خلال نقلهم للعدوى لأزواجهم وأطفالهم بشكل مقصود أو غير مقصود، ومن خلال تبرعهم بالدم الملوث، وما أكثر الأبرياء الذين جنى عليهم العصاة الشواذ والزناة بدمهم الملوث. كما أن هذه الأمراض الجنسية تجبر أصحابها على الانزواء عن المجتمع بسبب أعراضها البدنية البشعة، مما يفتت العلاقات والروابط المجتمعية بين هؤلاء أنفسهم وبين الباقين. ومع استفحال الأمراض وإدمان الشذوذ تنتشر بينهم الأمراض النفسية، وبذلك تتدهور إنتاجيتهم في العمل مما يضعضع قوة المجتمع والدولة حين تصبح ظاهرة منتشرة، كما حدث في أفريقيا من تدهور القطاع الزراعي بسبب استفحال الأمراض الجنسية بين الشباب، وهو ما حدا بمنظمة الصحة العالمية من التحذير من عواقبه بعد دراسة وضع 30 دولة أفريقية تنتشر فيها الأمراض الجنسية. كما أن عاقبة هذا الشذوذ والزنا هي فناء الجنس البشري، وهو الذي تعاني منه الدول العلمانية اليوم والتي تصرخ من اقتراب أجلها لانخفاض نسبة المواليد بسبب الشذوذ وما يترتب عليه من عقم، وبسبب إباحة الإجهاض بدون قيود، وبسبب مفاهيم الحداثة وما بعد الحداثة في قنص المتعة الجنسية دون تبعات ولادة وتربية، وارتفاع سن الوفاة من جهة أخرى بسبب تطور السياسات الصحية، مما يخلق فجوة سوداء في عدد السكان تبتلع أموال الضرائب للرعاية الاجتماعية ورواتب التقاعد، والتي ستنفجر فجأة على رؤوس الجميع. ونحن في الأردن يجب أن نكون أكثر الناس على كوكب الأرض حذراً من الشذوذ وانتشاره في بلدنا، فنحن لعلنا البلد الوحيد الذي عرف تاريخ البشرية فيه العقوبة الربانية لجريمة الشذوذ، حين أهلك الله عز وجل قوم لوط بسبب شذوذهم وإصرارهم على رفض التوبة من هذا الانحراف المخالف للطبيعة البشرية والفطرة الإنسانية. لقد قصّ علينا القرآن الكريم قصة قوم لوط، فقال تعالى: "ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون" (الأعراف: 80-82)، فلما رفضوا وأصرّوا على شذوذهم كانت العقوبة "فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين" (الحجر: 73-75)، وقال تعالى: "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسوّمة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد" (هود: 82-83)، وقال تعالى: "ثم دمرنا الآخَرين * وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذَرين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" (الشعراء: 172-174). وكلمة أخيرة: يبدو أن هذا اللقاء للشواذ في الأردن ليس حدثاً عابراً، بل هو نتيجة أجندة خفية لمعالجة تبعات الربيع العربي والاستفادة من الحرائق المشتعلة – والتي لا يراد لها أن تنطفئ - لتمرير سياسات وإجراءات وقوانين مرفوضة شعبياً، ولذلك في تونس تم ترخيص جمعية للشواذ مؤخراً، وفي المغرب أُنتج فيلم سينمائي يناصر الدعارة، وفي مصر لا تنفك دعوات الشذوذ والانحلال تصدم الشارع المصري كل أسبوع عبر القنوات الفضائية! ولذلك على الجميع حماية أمنهم وإيمانهم وعدم الاستهانة بهذا الخطر العظيم، الذي لعلنا نجاور بقايا معذبيه دون دول العالم!
بالشذوذ تدمر الأوطان ولا تصان
2015/05/01
الرابط المختصر
Image