هذا هو الإصدار الثاني في سلسلة الردود على الصفوية للشيخ الشريف عبد الرحمن الحسن السقاف، بعد كتابه الأول "الرد العتيد على الأفاك العنيد - فرية اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم - عرض ونقد"، وقد جاء كتاب/ موسوعة خفافيش الظلام في ثلاثة مجلدات، يبلغ عدد صفحاتها 2000 صفحة، منها 280 صفحة وثائق ملونة من كتب الشيعة النادرة، ومنها حوالي 100 وثيقة من كتب الشيعة تنشر للمرة الأولى.
الكتاب/ الموسوعة حيث فعلاً هو موسوعة شبه متكاملة عن التشيع في التاريخ والشخصيات والعقائد والمواقف والأحداث السياسية، وإن كان الجامع لها دحض فكرة التقريب بين السنة والشيعة، وبيان بطلانها بالدين والسياسة والتاريخ والواقع.
قدم للكتاب د. عبد الله سمك، الرئيس السابق لقسم الأديان والمذاهب بكلية الدعوة بجامعة الأزهر، وصدر مطلع عام 2015 عن دار البصائر بالقاهرة.
أهمية الكتاب تأتي من محورية الموضوع وهو دعوى التقريب بين السنة والشيعة، وهي الآلية التي اعتمدت عليها إيران وجحافل التبشير الشيعي في غزو بلاد المسلمين منذ عقود طويلة، وقد لقيت نجاحاً باهراً في تنفيذ مخططات التشيع وإيران في غزونا وتضليل أبناء المسلمين، فكان إبطال هذه الأداة المضللة والمخادعة أمراً في غاية الأهمية، ومن جهة ثانية تأتي قيمة الكتاب من حجم المعلومات الضخم الذي احتوت عليه صفحات الكتاب، فيما لا تجده مجموعاً في كتاب واحد.
بنى المؤلف كتابه من أربعة أبواب، وواحد وعشرين فصلاً، على النحو التالي:
في الباب الأول تناول المؤلف التعريف بالصفوية ونشأتها وتاريخها، وتوقف طويلاً مع إجرامها وبطشها وإرهابها الذي لا يكاد يصدقه العقل من مدى بشاعته، وكل ذلك من مصادر إيرانية وشيعية.
فالصفويون في سبيل ترسيخ حكمهم ونشر دينهم الجديد (التشيع) قاموا بكل ما يندى له الجبين من قتل وتعذيب وتحريق لمن يرفض أن يتشيع أو يسب الصحابة، وكما هدموا قبور العلماء كقبر أبي حنيفة وحولوه إلى مكان لقضاء الحاجة! وهذا التاريخ البشع لا تزال تسير على نهجه الميلشيات الشيعية الطائفية في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن، وهؤلاء في الحقيقة هم قدوات داعش وأمثالها من الكيانات المتطرفة، وهذا الفصل يمكن أن يكون كتابا مستقلا بذاته.
ثم استعرض المؤلف تاريخ فكرة التقريب وإنشاء دار التقريب في القاهرة، حيث بدأ بالترويج للتقريب محمد القمي الإيراني سنة 1938، وتوجت بإنشاء دار التقريب سنة 1948.
في الباب الثاني قام الشريف السقاف باستعراض حقيقة مواقف تسعة من علماء الشيعة الكبار والمعتبرين والمعاصرين تجاه فكرة التقريب وهم:
مؤسس التقريب محمد القمي، المرجع حسين البروجردي، المرجع عبد الحسين شرف الدين، المرجع الخميني، المرجع محمد باقر الصدر، المرجع محمد الحسيني الشيرازي، المرجع محمد حسين فضل الله، المرجع جعفر السبحاني، آية الله علي الأمين.
والمؤلف في استعراضه لحقيقة مواقف هذه الشخصيات من دعوى التقريب بين السنة والشيعة قام بطرح وعرض وتفنيد كثير من الشبه الشيعية، وقد توسع في ذلك بحيث يمكن الاعتماد على كتابه في مناقشة هذه الجزئيات، ومنها سميت الكتاب موسوعة.
وقد استعرض المؤلف نبذة من حياة كل شخصية ثم عرض لأفكاره الشيعية التي تتعارض مع فكرة التقريب، فهم يؤمنون بالولاية ويصرحون بكفر من لا يؤمن بها، ويكفّرون الصحابة ويطعنون بهم، فكيف تقبل بعد ذلك دعواهم بالتقريب؟ إن الحقيقة أن دعوى التقريب نوع من التقية والخداع يمارسه هؤلاء لنشر التشيع في أوساط المسلمين.
وجاء الباب الثالث ليستعرض الجهة المقابلة وهم علماء السنة وموقفهم من دعوى التقريب، وقسمهم إلى علماء ومفكرين تأثروا بدعوة التقريب، وهم:
الشيخ محمود شلتوت، الشيخ عبد المجيد سليم، الشيخ محمد المدني، الأستاذ حسن البنا، الأستاذ سيد قطب، د. فتحي يكن، د. فتحي الشقاقي، د. محمد سعيد البوطي، د. راشد الغنوشي، الأستاذ أنور الجندي، د. عبد الكريم زيدان، الشيخ محمد الغزالي، الشيخ محمد أبو زهرة، د. نصر فريد واصل، سيد طنطاوي، د. علي جمعة، د. أحمد الطيب، د. عبد الله المطلق، د. محمد سليم العوا.
وعلى غرار عمله في استعراض علماء الشيعة قام بتقديم نبذه عن كل شخصية ثم استعرض كلام أو موقف هذه الشخصيات من التشيع، وقد يكون هناك نوع من التباين في الرأي تجاه موقف بعض هذه الشخصيات من التشيع، لكنه قام بجهد متميز في جمع كلامهم ومواقفهم ومناقشتها.
والقسم الثاني من علماء وشخصيات السنة هم الذين كشفوا خدعة دعوى التقريب، وهم:
الشيخ رشيد رضا، د. مصطفى السباعي، الأستاذ محب الدين الخطيب، الشيخ موسى جار الله، الشيخ أحمد عرفة، الأستاذ محمود الملاح، الشيخ حسنين مخلوف، الشيخ إحسان إلهي ظهير، الشيخ محمد منظور نعماني، الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ الألباني، الشيخ أبو الحسن الندوي، الشيخ عبد اللطيف السبكي، الشيخ علي الطنطاوى، الشيخ إبراهيم الجبهان، الأستاذ سعيد حوى، د. محمد الجوزو، الشيخ محمد سرور زين العابدين، الشيخ محمد مال الله، د. علي السالوس، د. ناصر القفاري، الشيخ يوسف القرضاوي، د. وهبة الزحيلي، الشيخ موسى كرمبور.
ثم استعرض عقائد الشيعة التي تتعارض مع دعوى التقريب بنوع من التفصيل، وهي:
عصمة الإمام، عقيدتهم في الله عز وجل، الغلو في الأئمة ورفعهم لمقام الربوبية، معنى الشرك عند الشيعة، تحريف القرآن، تكفير الصحابة، عقيدة الطينة التي تعني أن الشيعة خلقوا من طينة أفضل من طينة بقية البشر! وعقيدة الرجعة والتقية.
وعرج المؤلف على موقف الشيعة من المخالف لهم والذي يقوم على: جواز واستحباب سب ولعن المخالف/ المسلم، وانتفاء الأخوة معهم، وهتك حرمتهم، وعدم صحة عبادات المسلمين المخالفين للشيعة، وتكفير المسلمين السنة، ثم قارَن بين اعتدال أهل السنة في عدم التسرع للتكفير بخلاف الشيعة، وهذا الفصل يصلح أن يكون كتابا مستقلا كذلك.
ثم تناول باستعراض سريع تطبيقات هذه العقائد العدوانية تجاه المسلمين، والتي تجسدت في اعتداءات الشيعة على المواطنين في العراق والكويت ولبنان.
وخصص المؤلف الفصل الرابع لفضح دعوى التقريب من المنظور السياسي، فاستعرض فيه طائفية الجمهورية الإيرانية الخمينية الشيعية من ناحية الاسم ومواد الدستور، والنزعة الشعوبية الفارسية المهيمنة على النظام الحاكم، وفصل في الأطماع التوسعية لإيران تجاه الدول المسلمة المجاورة لها، عبر تصدير الثورة الإيرانية، وكشف خطورة التقية السياسية التي ترتكز عليها السياسة الإيرانية ثم تناول تلاعب إيران ووكلائها بالقضية الفلسطينية، وعدوانها باحتلال الجزر الإماراتية.
وبعد ذلك أفرد فصلاً خاصاً بالقضية العربية المنسية وهي القضية الأحوازية، وأعقبه بفصل طويل عن نموذج سياسة شيعة البحرين وإيران كنموذج لحقيقة ولاء التجمعات الشيعية في البلاد العربية، وختم هذا الفصل بفتاوى عديدة لمراجع الشيعة بحرمة الأمر بالمعروف عند الشيعة في الظروف الحالية، ومع هذا لا يتقيدون بهذه الفتاوى لأنها تتناقض مع المصالح والمخططات الإيرانية ومقدار القوة التي يمتلكونها الآن.
ثم ختم الكتاب/ الموسوعة بنداء للسنة ضمّنه توصيات للتصدي للخطر الإيراني والشيعي، ونداء للشيعة بمراجعة دينهم ومراجعة سياستهم، حتى لا يخسروا الآخرة والدنيا مهما تجبروا وطغوا.
بعد هذه الجولة الطويلة والطواف الواسع يخلص القارئ للكتاب/ الموسوعة بعبثية التقريب، فدعاته لا يؤمنون به وإنما يتخذونه سلما لنشر التشيع، وهم إنما يؤمنون بالعقائد الشيعية الغالية، وسلوكهم السياسي في إيران والبلاد العربية سلوك عدواني إرهابي يستند لتلك العقائد المتطرفة، وعليه فالتقريب أكذوبة.
في الختام: الكتاب بذل فيه مؤلفه جهداً عظيماً، في جمع المادة من مصادر كثيرة نادرة ومتنوعة، وألّف بينها ورتبها بشكل يفيد القارئ، وبقيت ملاحظة مهمة تجعل من الكتاب أكثر نفعاً وفائدة وتقرب كنوزه ودرره للباحثين، وهي ضرورة القيام بعمل فهارس علمية وموضوعية تفصيلية لمباحثه، فالفهرس الحالي يظلم الكتاب كثيراً.
خفافيش الظلام أكذوبة التقريب بين السنة والشيعة
2015/04/01
الرابط المختصر
Image