خيانة داعش في غزة وأفغانستان هل توقظ المخدوعين بها؟

الرابط المختصر
Image
خيانة داعش في غزة وأفغانستان هل توقظ المخدوعين بها؟

كشفت أحداث الربيع العربي عن حقائق صادمة في بنية الدول العربية العميقة، وكشفت عن مؤامرات النظام الدولي تجاهنا، وكشفت حقيقة الطائفية الشيعية الحاقدة، وكشفت انتهازية العلمانية الليبرالية، وكشفت دناءة العلمانية اليسارية الرخيصة، وكشفت أيضاً عن فقر العقل السياسي عند التيارات السياسية، وكشفت عن خلل في التفكير عند جماهير من النخب والشباب المتحمس لنصرة الإسلام، الذين انساقوا خلف داعش.
صحيح أن بعض النخب الداعمة للعنف والسلاح قد تراجعت عن دعمها لداعش، وأن قسما لا بأس به من الشباب قد تبينت له حقيقة انحراف داعش، لكن مع هذا فإن كثيرا من نخبة العنف لا تزال تتحرج من الإدانة الكاملة لداعش وأهم سبب لذلك أنهم يشتركون مع داعش في كثير من الأصول والخلاف بينهم في التطبيق فقط توقيتاً وطريقة، وهذا يشمل المقدسي والفلسطيني والقنيبي وغيرهم.
وبسبب رمادية هذا الموقف من دعاة العنف هؤلاء، لا تزال شريحة مقدرة من الشباب تتعاطف مع داعش ودعايتها وإعلامها، مما يترتب عليه مواصلة التحذير من انحراف داعش وخارجيتها والتحذير أيضاً من الخطر القادم بعد حين من فكر العنف الذي يتبناه تنظيم القاعدة بتلاوينه المتعددة، وأشباهه وحلفائه.
فإذا كانت داعش في العراق والشام تلبّس على الناس أنها تحارب الرافضة وإيران وأمريكا، وتحارب الفصائل الأخرى لأنها تتعاون وتتحالف مع هؤلاء الأعداء –في زعمها- فما بالها في أفغانستان تشق الصف هناك في طالبان وتفتعل شقاقاً في أفرادها وهم في حرب مع أمريكا؟ وداعش فعلت هذا حين أفلس الاحتلال من القضاء على طالبان، وضج الشعب الأفغاني من الاحتلال وأصبحت أمريكا في مرحلة تراجع، فجاءت الخيانة الداعشية لتخلط الأوراق وتقدم المبرر لبقاء الاحتلال واستمرار التضييق على المسلمين والإسلام بحجة محاربة الإرهاب الداعشي، فهل فعلاً داعش لا تدرك هذه المآلات أم أنها لا تكترث لها عمالة، وهذه طامة، أو لا تكترث لها لأنها ترى طالبان والأفغان مرتدين لا قيمة لهم، ظلمهم الأمريكان أم لم يظلموهم، وهذه طامة أخرى!
وما بال الدواعش في غزة المحاصرة والتي تألب عليها اليهود والنظام الدولي وجارتها بدلاً من نصرة المحاصرين، تبدأ في تطبيق لوازم نظريات المقدسي في أن حكومة حماس كافرة مرتدة، فتصدر البيانات بالتكفير والتحريض على بعض أعضاء حماس، ويقال إنه تم اغتيال بعض عناصر حماس.
وتعالوا نتأمل المشهد –لا قدر الله عز وجل- إذا توطنت داعش في ناحية من غزة وبدأت تجاهد المرتدين/ حماس، كم سيكون هذا مريحاً لليهود، وكم سيكون نافعاً للمسلمين والإسلام والمسجد الأقصى؟
إن ما جرى في أفغانستان وغزة يجب أن يكشف الحقيقة لكل مخدوع بداعش، ولكن متحير في أمرها في العراق والشام، إذ قد يلتبس عليه الصراع مع النظامين السوري والعراقي وهو في الحقيقة صراع صوري، يفضي دوماً لتسليح داعش ودعمها بالمال، لتقوم بمقاتلة الفصائل الأخرى بدلاً من النظام، وتكون النتيجة النهائية بعد سكون الغبار هي:
إما إنقاذ النظامين السوري والعراقي من ضربات الفصائل والمقاومة والمعارضة.
أو تهجير السكان السنة وتدمير المدن والانسحاب منها لصالح النظام أو الحشد الشعبي.
أو تحرير المدن المحررة من قبل الفصائل الأخرى والدخول في هدنة مع النظام العراقي أو السوري.
ولكن هذه النتيجة لا يتمكن أن يراها كثير من الناس بسبب الغبار المفتعل كل فترة هنا أو هناك، ولكن ما حدث في غزة وأفغانستان كفيل برفع الحجاب عن كل عاقل أن داعش نتيجتها:
شق الصف، وعون المعتدي، وتدمير الوضع القائم لغير مصلحة السنة، ولكن كل ذلك يتم بمصاحبة صيحات التكبير وأفلام التشويق وأناشيد الجهاد وبيانات الحماس، ولكن الحقيقة هي كما قال الشاعر القديم:
غدا سينجلي لك الغبار   وترى أفرس تحتك أم حمار
وغدا سينجلي الغبار للآلاف من المخدوعين ليدركوا أن داعش ليست فرساً أصيلة في خدمة الإسلام، بل هي حمار وحمار كبير في خدمة الأعداء!!