دور إيران في فلسطين بين الدوافع والنتائج

الرابط المختصر
Image
دور إيران في فلسطين بين الدوافع والنتائج

هذا الكتاب يعالج قضية ساخنة على الساحة السياسية ومتجددة، وهي حقيقة دور إيران في فلسطين، وهل إيران جادة وصادقة في دعم قضية فلسطين أم هي شماعة لتمرير أجندة إيران في المنطقة وفلسطين؟
يقدم المؤلف بلال وليد حمدي عابدين رؤيته في دور إيران في فلسطين من خلال فصول هذا الكتاب الصغير الذي يقع في 134 صفحة وبدون دار نشر.
ينطلق أ. بلال من بدء انتشار التشيع في فلسطين بحسب شهادة د. صالح ، وكيل وزارة الأوقاف الفلسطينية بغزة سابقا والقيادي المعروف في حركة حماس، ليدلل على خطورة المشروع الصفوي في المنطقة وأن هذا المشروع لم يعد خيالاً أو وهمًا، وأن تعرية الباطل مطلب شرعي.
جاء الفصل الأول للتعريف بدولة إيران، ففي المبحث الأول تناول تسميتها وموقعها ومساحتها، ثم حالة أهل السنة فيها، وفي المبحث الثاني تناول قضية تصدير الثورة في فكر ملالي إيران، والذي ضمّنوه في دستورهم، ويوضح المؤلف أن تصدير الثورة يعني محاربة مَن ليس شيعيا من المسلمين ليتشيع، وأن إيران أسست الميلشيات الطائفية في إيران وخارجها من أجل هذه الغاية.
وأن أدواتهم في تصدير الثورة تتراوح بين توظيف القوة المسلحة، والخطاب الحماسي الموجّه، والصفقات الاقتصادية، والمنح الدراسية.
ولا تتورع إيران في الوصول لتصدير الثورة وبسط هيمنتها على دول الإسلام من التهادن والتآمر مع أعداء الأمة كما حدث في أفغانستان والعراق، وإشعال الحروب الطائفية في الدول السنية، ولتجاوز العوائق في وجه تصدير الثورة الشيعية والإيرانية والتي تتمثل في رفض الهيمنة الفارسية والشيعية من قبل الشعوب والدول ومعارضة الأطماع الأمريكية في المنطقة تلجأ إيران لكسب الشعوب لصالحها من خلال تبني الشعارات البراقة (الممانعة والمقاومة والوحدة الإسلامية ومقاومة أمريكا) مما يحدث اصطفافا بين الشعوب وحكوماتها، أما الأطماع الأمريكية فقد ساوم الملالي الغرب على الحصص كما حصل في الاتفاق النووي.
أما الفصل الثاني الذي يبيّن الدوافع الإيرانية تجاه التلاعب بالقضية الفلسطينية فقد تضمن ثلاثة مباحث: الأول تناول القضية الفلسطينية في السياسية الإيرانية، والتي تدرك أنها رافعة مهمة لها بين الشعوب العربية والإسلامية، فمنذ سنة 1979 أعلن الخميني أنه "لا قيمة لسياساتنا إذا لم يكن لنا يد في القضية الفلسطينية"، وسار على نفس النهج حزب الله اللبناني، وقد تسبب ذلك في حصول الحزب على شعبية كبيرة في الشارع العربي والإسلامي، وكذلك استفاد النظام السوري من استضافة قادة حماس ليحصل على شعبية كبيرة ويتمّ تجاهل هويته النصيرية الطائفية.
في المبحث الثاني تناول الباحث الأهداف من زعم إيران دعم القضية الفلسطينة وأنها الرغبة بعودة الأمجاد الأمبراطورية لفارس ونشر التشيع وتوسيع النفوذ وتسهيل بناء التحالفات وحماية مصالحها السياسية من خلال التلاعب بالورقة الفلسطينية وكسب التعاطف العربي والإسلامي الذي يمهد لها قيادة العالم الإسلامي، وهو الحلم الأكبر الذين تسعى له.
في المبحث الثالث تناول وضع التشيع في فلسطين قديما وحديثا، حيث أن فلسطين بلد سني فتحه الفاروق عمر بن الخطاب، عدو الشيعة الأول، وكان جزءا من بلاد الشام الأموية التي يناصبها الشيعة العداء، ولم تَعرف فلسطين التشيع إلا على يد دولة العبيديين الفاطميين بشكل مؤقت، حتى هدمها صلاح الدين، فاندثر التشيع من مصر وفلسطين وبقي في بعض جبال لبنان، ومع ضعف الدولة العثمانية ظهرت جيوب شيعية في فلسطين تصدى لها الولاة والحكام.
أما في عصرنا الحاضر فقد كان لقيام دولة الخميني دور في انخداع بعض الفلسطينيين بالتشيع وتبنّيه ثم جاء دعم إيران لبعض الشخصيات والفصائل في تسهيل تكوين جيوب للتشيع في فلسطين.
وقد استخدمت إيران وسائل عدة من أجل هذا الاختراق من تقديم المساعدات والإغاثات والتمويل، ونشر الكتب والمجلات وتأسيس جمعيات موالية لها كجمعية الغدير في بيت لاهيا بغزة، وتبني بعض الفصائل الفلسطينية كتنظيم الجهاد.
وجاء الفصل الثالث ليعرض النتائج التي حققتها إيران من خلال اختراقها للساحة الفلسطينية، بدايةً تناول العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية، فبرغم أن منظمة التحرير لها يد الفضل على الثورة الخمينية بتدريب أفرادها ودعمهم ورعاية نشأة حركة أمل، وكون ياسر عرفات أول الواصلين لطهران لتهنئة الخميني بالثورة، إلا أن الخميني حاول تسخير المنظمة لتمرير مخططاته الطائفية في إيران ولتأييده في حرب العراق، ومع رفض المنظمة لذلك هاجمتها إيران ودعمت المنشقّين على عرفات.
وسعت إيران لمد الجسور مع العديد من الفصائل الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية، التي لا تزال لليوم تخدم إيران، وكتائب الأقصى التي تعاونت مع إيران ثم انقطعت الصلة بينهما، وبعض الفصائل الصغيرة.
المبحث الثاني هو للعلاقة مع حركة الجهاد، حيث أيّد قادة الجهاد الخميني منذ اللحظة الأولى وتجاوزوا البعد العقدي الشيعي في فكره، وقد نمت الجهاد بفضل الدعم الإيراني، حتى تشيّع عدد من قادتها، وتُلقى عليها التبعة في انتشار التشيع في فلسطين في العصر الحاضر.
وتقوم الحركة برعاية بعض المناسبات الإيرانية في غزة كيوم القدس، والتعاون مع المؤسسات الإيرانية في توزيع المساعدات ونشر الفكر الشيعي أحيانا في منابرها الإعلامية.
وجاء المبحث الثالث ليستعرض العلاقة الإيرانية مع حركة حماس، حيث كانت حماس في البداية معادية للتشيع، وهو ما تنتقدها عليه صحف الجهاد حاليا بعد اختلاف موقفها من ايران، وكان مبعدو مرج الزهور سنة 1992 الخطوة الأولى في تواصل حماس الداخل مع الشيعة في حزب الله، حيث تم فتح مكتب لحماس في لبنان وعقد تفاهم مع حزب الله لتدريب كوادر حماس، وتصاعدت العلاقة مع إيران عقب فوز حماس بانتخابات 2006، حتى أعلن خالد مشعل أن حماس ستصعّد ضرباتها ضد الاحتلال إذا تعرضت طهران لهجوم عسكري!
وتبرّر قيادة حماس علاقتها بإيران بأنها علاقة تقاطع مصالح وليست تبعية، ومصالح إيران هي استخدام حماس كجسر للعبور للشارع العربي والإسلامي وتحقيق مشروعها السياسي الذي يتقاطع جزء منه مع جماعات الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
لكن وقوف حماس على الحياد في الثورة السورية أضرّ بعلاقتها بسوريا وإيران، فبرغم عدم إعلان حماس تأييدها للثورة السورية ولا استنكار الإرهاب بحقّ الشعب السوري والفلسطيني في سوريا إلا أن إيران لم تقبل منها هذا الموقف، وحرصت حماس على أن لا تقطع العلاقة مع إيران برغم كل جرائمها في سوريا وغيرها من البلاد العربية، وفعلا وصلتا لتفاهم على تنحية الملف السوري من علاقتهما المشتركة، وعاد الدعم الإيراني بوتيرة أقل بعد انقطاعه.
وتحاول إيران عدم قطع العلاقة مع حماس لتمرّر دعايتها برعاية المقاومة والممانعة، ولكنها أيضا تحاول اللعب على ورقة حماس الخارج وحماس الداخل، ودعم كتائب القسام، وبرز ذلك في تعزية الكتائب في سمير قنطار وعماد مغنية برغم أن ذلك من شأن المكتب السياسي للحركة! في محاولة لفرض سياسة فتح أكثر من خط مع حركة حماس مما يلبي متطلبات الأجندة الإيرانية من هذه العلاقة.
اضطرت حركة حماس للتغاضي عن بعض السلوكيات والتصريحات لمتشيعين في غزة بسبب الحصار والدعم الإيراني برغم أنها ترفض التشيع وتتصدى أحيانا لبعض الاستفزازات كموقفها من حركة الصابرين، لكن هناك تساهل في الموضوع بين الفينة والأخرى، وهو ما يجب أن تتنبه له قيادة حماس، خاصة في الداخل.
المبحث الرابع هو العلاقة مع حركة الصابرين، والتي تعد النسخة الفلسطينية من حزب الله اللبناني، في فكره وشعاره، وهم منشقون عن حركة الجهاد.
وكانت الغاية الإيرانية من تأسيس الحركة نشر التشيع عبر العمل الثقافي والإغاثي، وإلاّ فدورها الجهادي باهت لقلة عدد أفرادها، وخطورة الحركة تكمن في أنها ستكون بديلا عن حركتي حماس والجهاد أو منافسا قويا خلال بضع سنوات كما جرى مع الحوثيين في اليمن مثلا، وقد استعرض الباحث مواقف "الصابرين" من عدد من القضايا الشيعية والإيرانية كالموقف من الثورة السورية والحوثيين وشيعة البحرين فإذا هي متطابقة مع السياسات الإيرانية.
ويختم الباحث كتابه بعدد من التوصيات للتصدي للمشروع الشيعي الإيراني في فلسطين والمنطقة، وبملحق فيه صور لبعض المقالات والبيانات المؤيدة لإيران والتشيع من غزة.