(6)
ما العمل؟ وهو الذي يعبر عنه فقهاء المسلمين (بواجب الوقت)، هو السؤال المركزي اليوم وكل يوم بعد أن شخّصنا الواقع وذكّرنا ببعض المفاهيم المركزية.
لعل من أهم ما يجب القيام به الآن هو الحفاظ على رأس المال والمكتسبات التي تحققت عبر الجهود المباركة السابقة.
ورأس المال والمكتسبات متعددة الأوجه، فمنها:
- شيوع ثقافة الالتزام بالكتاب والسنة وفهم السلف الصالح في أوساط الناس.
- تبجيل علماء ودعاة السنة من قبل عموم المسلمين.
- تعظيم شعائر الإسلام وعقائده في قلوب عموم المسلمين.
- قيام العديد من المؤسسات الدعوية والخيرية والتعليمية والثقافية والإعلامية وغيرها.
- جماهير غفيرة من الشباب الملتزم والمحافظ.
- نشوء الكثير من الأسر المتدينة والملتزمة.
والواجب اليوم إذا عجزنا عن زيادة هذه المكتسبات وتنميتها الحفاظ على رأس مالها ورعايته من النقصان أو الضياع، وهذا يكون بالعديد من الخطوات.
منها: المحافظة على مواقعنا وحماية ثغورنا، فاليوم بحمد الله أهل السنة يتواجدون في كل مكان في المساجد كأئمة وخطباء ومدرسين ومعلمين في المدارس والكليات والجامعات، ولهم مشاركة في بعض وسائل الإعلام وهم موظفون في كثير من الوزارات والمؤسسات والشركات والجمعيات الأهلية.
فيجب عليهم المزيد من الجد والاجتهاد في العطاء والدعوة بحلم وحكمة في أي موقع كانوا، والتركيز على ترسيخ أسس سلامة التدين الصحيح وزرع القناعة بالدين وتمكين المدعوين من تعلم الدين بطريقة واضحة ومستقيمة.
ومع هذا كله الصبر على التضييق والأذى المتوقع، وتفعيل منهج السياسة الشرعية في الموازنة بين شر الشرين وخير الخيرين، ودفع المفسدة الكبرى بارتكاب المفسدة الصغرى.
واذا عجز الإنسان في موقع معين عن قول كل الحق، فلا يفرط في قول ما يمكنه من الحق، ولا يترك مكانه لمن يقول كل الشر أو غالبه.
ولنتذكر ما قصّه القرآن الكريم علينا من قصة مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه كيف نصر موسى عليه السلام، ومثله الرجل الذي جاء يسعى من أقصى المدينة لنصرة الأنبياء في سورة (يس)، فبحسب مكانه وموقعه وقدرته نصر دين الله.
وأنت اليوم مطالب بنصرة دين الله عز وجل من موقعك بحسب قدرتك للحفاظ على رأس مال الدعوة والخير الذي تحقق بجهود الجميع عبر عقود.
وأخيرا أدعوك أخي المسلم السني لتدبر قصص الإمام محمد بن عبد الوهاب مع شيخه محمد السندي، وقصة الشيخ حامد الفقي مع الفلاح، وقصة الشيخ ابن باديس مع شيخه حسين الهندي، وكيف كان لقيام هؤلاء (الشيخ السندي، الفلاح، الهندي) بواجبهم من الدعوة والتذكير من إطلاق قامات وطاقات علمية ضخمة أصبحت من أئمة الهدى وساهمت في نهضة الإسلام والسنة وإعادة المسلمين لنور التوحيد والسنة، ونفع الله بهم العباد والبلاد وعمّ على يدهم الخير العميم.
فاحرص يا رعاك الله على صيانة مكانك وموقعك والإخلاص في الدعوة والتذكير بحسب السياسة الشرعية بما يلائم بيئتك وأحوالك، ولتكن لك بصمة عند الله عز وجل تجد حلاوتها يوم لقائه.
(7)
استكمالا للجواب عن سؤال: ما العمل؟ وما واجب الوقت في وجه هذه التحديات والمؤامرات المتعددة؟ نذكّر باتباع منهج الأنبياء بالحرص على الدعوة إلى الله عز وجل في كل وقت وبكل سبيل.
منهج الأنبياء قام على بذل كل الوسع والطاقة في ذلك وتنويع الأساليب والوسائل كما في قصة نوح عليه الصلاة والسلام "قال ربّ إني دعوتُ قومي ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا * ثم إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا"، وكذلك حال نبينا عليه الصلاة والسلام فقد أسر بالدعوة وجهر بها، وغشي نوادي الناس وأسواقهم ولم يقتصر على قريش أو مكة بل تعرض للوفود والقبائل وذهب للطائف وهاجر للمدينة.
واليوم أنعم الله علينا بنعمة وسائل التواصل وسهولة ذلك وانتشاره، وإذا كان شوقي أمير الشعراء قد وصف الصحافة في وقته بقوله:
لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ
وَآيَةُ هَذا الزَمانِ الصُحُف
لِسانُ البِلادِ وَنَبضُ العِبادِ
وَكَهفُ الحُقوقِ وَحَربُ الجَنَف
تَسيرُ مَسيرَ الضُحى في البِلادِ
إِذا العِلمُ مَزَّقَ فيها السَدَف
وَتَمشي تُعَلِّمُ في أُمَّةٍ
كَثيرَةِ مَن لا يَخُطُّ الأَلِف
فَيا فِتيَةَ الصُحفُ صَبراً إِذا
نَبا الرِزقُ فيها بِكُم وَاِختَلَف
فَإِنَّ السَعادَةَ غَيرُ الظُهو
رِ وَغَيرُ الثَراءِ وَغَيرُ التَرَف
فإن أثر وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي اليوم عظيم جدا سواء في الشر أو الخير.
والواجب على أهل السنة تجاه هذه الوسائل والوسائط أحوال:
* إن كان من طلبة العلم والدعاة والعلماء فعليه أن ينشط لبث العلم والدعوة والوعظ والتذكير من خلالها، سواء دورات وسلاسل دروس ومحاضرات مباشرة ومسجلة، ومقاطع قصيرة وأسئلة وأجوبة، وتستهدف شرائح متعددة من الناس من طلبة العلم ومن المثقفين ومن العامة ومن المخالف ومن المعاند وهكذا، وقد أصبح هذا متاحا بكل يسر وفي أي وقت وحال ومكان وبأقل التكاليف والتجهيزات، ولا يعوق ذلك إذن من أحد ولا منع وإيقاف من الخطابة والتعليم، والحمد لله على فضله وتيسيره.
* إن كان ممن يطلب العلم وهو من أصحاب المهارات والقدرات الفنية والتقنية فعليه المبادرة فورا على تجزئة المحاضرات الطويلة واستخراج فوائدها، أو ترجمتها، أو تصميم وإخراج صور أو مقاطع فيديو وما شابه ذلك.
* إن كان من عامة الناس فعليه -على الأقل- أن ينقل ما يصله من خير عبر وسائل التواصل لمحيطه من أقارب ومعارف وأصدقاء وزملاء، بشرط أن تكون الرسالة سليمة وصحيحة ومن مصدر موثوق، ولا يتعجل بنشر كل ما يصله ممن هب ودب.
وذلك لما في الدعوة إلى الله عز وجل من خير عميم "ومَن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا"، وتنفيذا لأمر المصطفى "بلغوا عني ولو آية".
وبهذه الطريقة تتحول الأمة وأهل السنة إلى كتلة دعوة مباركة تهزم جحافل الشر المصبوبة علينا عبر وسائل التواصل والإعلام والتعليم، وكما هو معلوم أن انتصار المسلمين عبر العصور يكون بإخلاصهم وبذلهم، لا لأنهم يساوون عدوهم بالعدة والعتاد.
فاجتهدوا يا أهل السنة في الدعوة إلى الله.
(8)
لا نزال مع سؤال: ما العمل؟ خاصة وأن البعض منزعج أو قلق من حالات تبدل بعض الأشخاص من اتّباع السنة إلى انتهاج سبيل البدعة والتأويل والخرافة أو شطح فتعلْمن وبعضهم ألحد!
والحقيقة أن هذا وضع طبيعي، وهو وضع يكشف في الحقيقة وجود الأزمة والفتنة التي حذرنا منها الوحي في القرآن والسنة كثيرا.
فالإقبال على الدين والسنة طبيعي في حال القوة والمنعة "إذا جاء نصر الله والفتح* ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا"، لكن إذا جاءت الشدة ودالت القوة هنا ظهرت الردة الجماعية زمن خلافة الصديق، وكذلك حين تسللت البدعة إلى الخليفة جاءت المحنة التي سجنت الإمام أحمد وغيره ومكّنت أهل الضلال، ولما صدع ابن تيمية بالحق سجنه المُفتون والقضاة!
إذًا هذه الحوادث في وقتنا الحاضر أمر مفهوم أسبابه مع مؤامرات تمكين المبتدعة والعلمانية في بلادنا، وعلى العاقل العمل على سد جوانب الخلل التي نفذ الشر منها حتى لا تصيبه.
وأظن أن الأصل العظيم الذي رسخه الإمام الألباني رحمه الله يحل المشكلة وهو (التصفية والتربية)، فالحاجة ماسة اليوم لتصفية طريقة طلب العلم والقراءة فيه والتي يشيع فيها فوضوية عند كثيرين، وهناك حاجة لتصفية الأولويات في التعلم، فمشكلة كثير ممّن فُتن بشبهات المبتدعة – إضافة إلى الضعف العلمي- خلل فهمهم لمنهج أهل السنة بسبب خلل منهج التعليم الشرعي -إن وجد أصلا في بعض الدول والأماكن- فعندما تمكنت البدعة وأصبح المبتدع محاضرا لا يمكن نقاشه في الجامعات والدورات وقد يكون دكتورا مجهزا بشبهات أعلى من مستوى عموم شباب أهل السنة شكّل ذلك صدمة لبعضهم وفتنة.
وأمر آخر وهو نقص التربية، خاصة التربية الإيمانية، التي تقي صاحبها من تقبل شهوات الدنيا وإغراءاتها بالمال والجاه والمناصب أو تهديداتها بالتضييق والسجن والإيذاء.
من مظاهر السلبية في السنوات الماضية أن غياب العلماء الكبار لم يسد، ثم جاء منع غالب الفضائيات المحافظة فتقلصت مساحة التوجيه الوعظي والإيماني، ثم نعيش مرحلة إقصاء الخطباء النبهاء، وهذا كله أضعف التوعية والتذكير بأعمال القلوب مع سيلان وطغيان الإعلام المادي الفاتن وعموم حالة الضيق الاقتصادية.
العودة للتصفية لأحوال شبابنا وإخواننا في التعلم والقراءة أولوية مهمة، وعلى علمائنا اليوم المسارعة لوضع برامج وسلّم للتعلم يلائم التحديات الجديدة والعودة لتفعيل التربية، وخاصة التربية الإيمانية في أوساطهم في غاية الأهمية.
كم كانت محاضرات وكتب الشيخ المنجد والشيخ حسين يعقوب والشيخ خالد السبت وغيرها ذات أثر عظيم ونافع، فلنحرص على إعادة الاستماع إليها ومطالعتها، وليحرص دعاتنا اليوم على معالجة ذلك في دروسهم ومقاطعهم وبرامجهم الإعلامية.
(9)
لا نزال ندور مع سؤال: ما العمل الآن؟
الجميع منا يشتكي من العبث والتخريب المتعمد الذي يجري ضد الجيل الصاعد خصوصا سواء عبر فساد الإعلام وإفساد التعليم وحصار محاضن الدعوة والتربية للنشء وتقنين القوانين "السيداوية" الخبيثة وغير ذلك.
ولذا يصبح البحث عن حل من الخارج (المدرسة، الإعلام، المسجد، ..) نوع من العبث وأحلام اليقظة!
والصواب في ظني هو إعادة تفعيل قاعدة الإمام الألباني (التصفية والتربية)، ولكن نبدأ من البيت أولا، فالواجب على كل مسلم –ومسلمة- حسن رعاية أسرته، سواء كان بحسن اختيار الزوج والزوجة والتعامل بينهما، ثم الاستعداد لاستقبال الأبناء والتهيؤ لرعايتهم وتربيتهم.
ومَن فاته بعض ذلك سابقا فعليه تعويض ذلك عاجلا من خلال القراءة والتعلم والتدرب.
وللأسف فإن مفهوم التربية الذي نادى به الألباني لم يأخذ حقه عند غالب الشباب السني، فقلما تم الاهتمام بتأصيل مفهوم التربية ومراحلها وأسسها ووسائلها بحيث تكون ثقافة عامة سائدة في الوسط السني.
وخلل التربية تظهر آثاره في تدني سلوك أبناء بعض المتدينين أو ضعف تدينهم بينما يفترض أن يكون تدينهم أفضل من آبائهم لأنهم في عائلة متدينة وتشجع عليه.
ويظهر ضعف التربية أيضا في سلوك ناشئة طلبة العلم بسوء الخلق وغياب السمت وعبودية الباطن لصالح الغرور العلمي وآفات الطلب التي حذر منها العلماء، وهو موضوع نعود له بتفصيل في رسالة تالية.
إذًا تربية الأبناء اليوم وإتقان ذلك من الأعمال الواجبة المتحتمة على كل أب وأم، وهي من أهم الأولويات التي تحقق المحافظة على رأس المال.
وتربية الأبناء لا تقتصر على توفير الرعاية الصحية والغذائية والتعليمية لهم، بل هذا في الحقيقة أقرب لمشاريع تسمين العجول.
التربية تقوم على ثلاثة أركان:
١- غرس قناعات واتجاهات ومبادئ = غرس التوحيد والإيمان والأخلاق، وذلك بالإقناع وليس بالجبر والإكراه، وغرس القناعة بذلك هو العاصم بعد الله من الانحراف في زمن المراهقة ورفقاء السوء أو بعد مغادرة فلك الأسرة والمدرسة الجيدة إلى مدار الجامعات المختلطة أو الغربة وسوق العمل.
٢ - إكسابهم مهارات الحياة الأساسية من حسن التصرف والتخطيط وموازنة الأمور وسلامة التفكير، وهذه المهارات هي عدة النجاح وأسباب التميز.
٣- تزويدهم بالمعارف والمعلومات اللازمة لدينهم ومستقبلهم = الآخرة، واللازمة لدنياهم ومعاشهم بيسر وسعة.
هذه التربية بأركانها الثلاثة لا يمكن أن يقوم بها والد أو والدة لا يعرفان التربية، ولم يقرآ كتابا في فنونها، أو يستمعا لمحاضرات عن أسرارها، أو لم يشاركا بدورة تدريبية.
فمن أراد أن تقر عينه بولده وأراد أن يقوم بحق الله في أبنائه فعليه بتعلم أصول التربية وتدارك النقص، وينتقل من مربع البكاء على اللبن المسكوب بخراب الجيل وضياع الأبناء إلى أن يكون جزءا من الحل بتعلم التربية وتطبيقها على أبنائه ولو كبروا أو يستعد لاستقبال أطفال المستقبل ويسبق ذلك للمقبلين على الزواج تعلم أسس اختيار زوج المستقبل وأحكام الاسرة وطرق السعادة الزوجية.
قد لا يمكن للوالد القيام بكل متطلبات التربية من إقناع وتوريث للمهارات، وعند ذلك يلجأ لأمور مساعدة كاختيار مقاطع ليسمعها أبناؤه أو يشتري لهم كتبا معينة أو يشركهم في دورات مناسبة وهكذا، فالغاية أن يعرف المطلوب ثم يسعى لتحقيقه بنفسه أو عبر وسائط.
وهذا يفتح الباب على ضرورة قيام الجهات التربوية بجهود توعوية بحقيقة التربية في زمن الفتنة والغربة الجديدة، ووضع فهارس للغايات المطلوبة تربويا وما يحقق ذلك من مقاطع أو كتب وكتيبات ومحاضرات أو دورات أو روايات وهكذا، حتى نحارب مشروع إفساد الجيل الصاعد بمشروع التربية السليمة في كل أسرة، وبذلك نحمي فلذات أكبادنا ونصون مجتمعنا من آفات الإدمان والانحلال والإلحاد والفساد.
وكم أحسن إبراهيم طوقان في قوله:
أْفنَيْتَ يا مسكيُن عُمرَكَ بالتَّأوُّهِ والحزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليديْن تقولُ حاربني الزَّمنْ
ما لمْ تقمْ بالعبء أنتَ فَمَنْ يقوم به إذن.
(10)
في الإجابة عن سؤال: ما العمل اليوم؟ لابد من استحضار مركز القوة في الإسلام ومنهج أهل السنة ألا وهو العلم، فالعلم كان افتتاح الرسالة والوحي والقرآن "اقرأ باسم ربك الذي خلق" والعلم كان بداية خلق الإنسان "خلق الإنسان علّمه البيان"، ولذلك كانت القاعدة القرآنية "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".
ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة بيّن أن من شرف العلم وفضله أن سلطان العلم أعلى وأقوى من سلطان اليد، وفي عالمنا اليوم كل الدراسات المستقبلية تؤكد على أن القوة الحقيقية هي قوة العلم والبيانات والمعلومات وحسن إدارتها وتحليلها والاستنباط منها، ويطلق عليها البعض اسم (نفط المستقبل).
استحضار حقيقة القوة بالعلم، العلم الصحيح بالشرع مَن خلقنا؟ ولماذا خلقنا؟ وكيف نحقق مقصد وجودنا؟
والعلم السليم بالواقع والدنيا حتى نتمتع ونستفيد مما خلق الله لنا ومن أجلنا.
وهذه هي مهمة المعلمين والعلماء اليوم، بترسيخ فضل وشرف العلم الشرعي والدنيوي أولا.
وبنشر العلم وثمرته لكل الناس بحسب حاجتهم ودرجتهم سواء كانوا طلبة في المدارس والجامعات أو كانوا كبارا تعركهم الحياة ثانيا.
وزرع أسس التعلم وطرق البحث النافعة ومنهج الفهم السليم حتى تنمو حركة العلم وتزدهر على يد الجيل الصاعد.
ويحوط ذلك كله مركزية غرس القناعات الايمانية والقيم الأخلاقية، وهذا فن يجب تعلمه وفيه كتب وأبحاث ومحاضرات مهمة، وخير وسيلة لذلك أن يكون الوالدين والمعلمون والعلماء والدعاة قدوة لمن حولهم، عبر اقتدائهم هم أنفسهم بالقدوات العظيمة وفي مقدمتهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه المسؤولية تقع على عاتق الجميع -آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات وعلماء ودعاة- كل بحسب موقعه وعلمه ومعرفته وطاقته ومنافذه على المجتمع.
وتتضاعف اليوم الحاجة للعلم وبثه لمواجهة التحديات الضاغطة على أهل السنة مع ثمار جائحة كورونا السلبية والتي من أخطرها تعطل العملية التعليمية للطلبة، حيث أن عالمنا العربي والإسلامي في العقد الأخير شهد غياب عشرات ملايين الطلبة عن مدارسهم لسنوات بسبب الصراعات في مرحلة الربيع العربي في عدد من الدول، ثم جاء تعطيل المدارس في كافة الدول بسبب كورونا، مما قد ينتج عن ذلك جيل أمّي أعمى خاصة أن نسبة الأمية في الوطن العربي قبل الربيع العربي تكاد تصل إلى النصف أصلا!!
فالعمل على تعليم أطفالنا العلم الشرعي والدنيوي وتحبيبهم بالعلم وتمكينهم من مفاتيحه مهمة أولوية.
ومخططات الداخل والخارج لإفساد التعليم الشرعي والدنيوي هو نتيجة إداركهم لقوة العلم وخطره على هدم مخططاتهم، واليوم من انحرف لضلالات البدع كان بسبب جهله بالحق وضعف يقينه وصبره، وهزيمة الأمة تجاه أعدائها ثمرة شيوع الجهل ونقص التصنيع والتقنية التي أورثها الضعف المتواصل.