ظاهرة داعش في تجارب القاعدة نقد مزاعم اعتدال التنظيم

الرابط المختصر
Image
ظاهرة داعش في تجارب القاعدة نقد مزاعم اعتدال التنظيم

هذا بحث جديد للزميل سعيد بن حازم السويدي تناول فيه تفنيد مغالطة تباين تنظيم القاعدة فكرا وقادة عن منهج وسلوك الدواعش، وهي المغالطة التي يرددها كثير من أتباع القاعدة وجماعات التطرف وكثير من العاطفيين المحبين للجهاد لكنهم قليلو الوعي والفهم لحقائق الواقع الحركي والجهادي، فهذا البحث يهدف لبيان أن كل انحرافات الدواعش هي تكبير لانحرافات تنظيم القاعدة.
فقد ساعدت وسائل التواصل الإعلامي على سرعة فضح جرائم داعش وسعة انتشار الوعي بانحرافات تنظيم دولة الخلافة، بينما مرت كثير من جرائم وانحرافات تنظيم القاعدة السابقة دون اكتراث واهتمام لعدم علم كثير من الناس بها، ولتحريف حقيقة ما جرى على كثير من العلماء والدعاة.
الكتاب جاء في 125 صفحة من القطع المتوسط، وصدرت طبعته الأولى سنة 2016م عن مركز ثبات للبحوث والدراسات بالسعودية، وتناول فيه المؤلف سبع قضايا من الغلو والانحراف التي سبق فيها تنظيم القاعدة تنظيم داعش، وأخذها داعش عنه وبالغ فيها، حتى طبقها على تنظيم القاعدة نفسه!
1- التطاول على العلماء وإسقاط شرعيّتهم وهيبتهم، وهو أمر بدأته القاعدة قديما مع كل العلماء الذين لم يوافقوا على تهوّرهم وغلوهم، وخرجت دعوات أن فقه الجهاد للميدانيين لا للشرعيين، وهي نوع من العلمانية المغلفة!
وإذا كان الزرقاوي قد تجاوز شيخَه المقدسي وأسقط هيبته، وتابعه الدواعش على إسقاط المقدسي والفلسطيني والظواهري، فكذلك الظواهري اصطدم بشيخه ومنظّره الدكتور فضل إمام، فأسقط احترامه ومكانته بين أتباعه منذ عام 2008!
2- الاستعلاء على المناهج الجهادية الأخرى سمة ورثها داعش عن تنظيم القاعدة، الذي كان ينظر للجماعات الأفغانية نظرة تعالٍ وازدراء باعتبارهم عجما! وحتى العلاقة بين القاعدة وطالبان والتي يفترض أنها متميزة، إلا أن القاعدة في الحقيقة بقيت تنظر لطالبان على أنها حركة محدودة، ولذلك لم يبايعها ابن لان إلا بيعة شكلية وغير مباشرة ومتأخرة جداً! وفوق هذا تم تجاوز البيعة وعدم التزام أوامر قائد طالبان الملا عمر وتنفيذ تفجيرات نيويورك، وتم التحايل على ذلك أن أوامر الملا عمر تلزمهم داخل أفغانستان دون خارجها، مما ترتب عليه هدم إمارة طالبان.
وهو ما سار عليه الزرقاوي في العراق بعد مبايعة القاعدة، حيث رفض أن يندمج مع الفصائل المجاهدة، وأصر أن يكون مستقلاً، وهو من يحتضن الفصائل الأخرى ويدمجها في تنظيمه، وهو ما كررته جبهة النصرة في سوريا، ثم جاء البغدادي مدّعي الخلافة ليطلب من الجميع حلّ تنظيماتهم واللّحاق به.
3- لقد سبق تنظيمُ القاعدة الدواعش في العدوان والبطش بمخالفيه من المجاهدين والدعاة والعلماء وعامة المسلمين، فقد قامت القاعدة في العراق بالتفجيرات الانتحارية بين جموع المسلمين السنة في الشوارع والمساجد، وقصفت مناطقهم بالهاونات لأنهم مرتدون في نظرها!
4- من الملاحظ أن كثيرا من المقاطع التي تنشر لأتباع داعش يظهر الجهل فيها بصورة كبيرة جداً، لكن الحقيقة أن هذا الجهل الداعشي هو استمرار للجهل القاعدي، يقول أبو مصعب السوري عن حالة الجهل بين صفوف القاعدة والجهاديين قبل ظهور داعش بعقدين: "لاحظتُ خلال الشوط الثاني للأفغان العرب في ظل طالبان: أن الجيل الثالث من الجهاديين بدأ يميزه الجهل والفاقة التربوية في أكثر شرائحه".
5- بات اليوم معلوما للجميع مقدار التعاون والتحالف بين داعش ونظام بشار والحرس الثوري الإيراني مقابل العداء الشديد للسعودية، وهي حالة غير طبيعية عند كل ذي عقل سليم وضمير حي، إلا أن هذا أيضا هو إرث تلقاه الدواعش من تنظيم القاعدة الذي له علاقات وصلات بإيران منذ عام 2001، وأيضا هو على حالة عداء مع السعودية بخلاف إيران!
6- يكاد يُجمع ويتفق السوريون على أن داعش هو أشد ما أضر بالثورة السورية والفصائل المجاهدة، وهو عين ما قامت به القاعدة في أفغانستان والقاعدة وبعض مناصريها في غزة، إذ اعتبرت بقية الفصائل الجهادية مشاريع ردّة وعمالة، ولذلك عملت على تفكيكها وتحجيمها مما خدم الأعداء وأضعف المقاومة في هذه الدول، وهذا ما نفذه داعش اليوم في سوريا.
7- إن عدوان داعش على الفصائل الأخرى هو نتيجة لعقلية الحزبية والاستبداد التي ورثها عن تنظيم القاعدة، حيث كان ينعزل عن بقية الفصائل ولا يقبل إلا بالانصياع لرؤيته، وبرغم الشكاوى التي وصلت لقيادة القاعدة ضد فرعها العراقي بقيادة الزرقاوي من عدة تنظيمات مقربة من القاعدة إلا أن قيادة القاعدة تعامت عنها انحيازاً وحزبية، وهو ما يكرره داعش اليوم في الحزبية لأي فصيل يتبع له مهما ارتكب من جرائم وموبقات.
الخلاصة: تنظيم القاعدة يحتاج إلى مراجعة نقدية جادة من قبل العلماء، لحماية الشباب من أفكار الغلو والتطرف بكافة أشكالها، وحتى لا يُخدع البعض بنقد القاعدة لتنظيم داعش فيظن أنها رمز الاعتدال والصواب.