لا يزال للخرافة سوق كبير بين البشر ومنهم المسلمون، ولذلك كم قرأ الناس عن رؤساء في العالم المتقدم وغيره يلجؤن للعرافين والسحرة في بعض شؤنهم!! أما الفنانين فهؤلاء حالهم عجيب مع الخرافة والأباطيل فهو يقفون بالطوابير أمام منازل المشعوذين ومدعى القدرات الخارقة، ومع كل هذا يصر البعض على جعل هؤلاء الفنانين من حملة الثقافة ورسل التنوير للعالم!!! وللأسف أن المسلمون اليوم تروج بينهم سوق الخرافة، ولا تقتصر على الأوساط الشعبية البسيطة، بل حتى بين أصحاب الشهادات الجامعية من الرجال والنساء الذين يوصى بعضهم البعض بزيارة فلان أو علانة من ( المكاشفين)!! ففي دراسة ميدانية حديثة للدكتور محمد عبد العظيم من مركز البحوث الجنائية في القاهرة، أن هناك زهاء 300 ألف شخص في مصر يدعون علاج الأمراض بتحضير الأرواح، وأن هناك ربع مليون دجال(مشعوذ) في عموم الدول العربية، وأن مقدار ما ينفقه العرب على الدجل يقارب 5 مليارات دولار سنويا، وأن نصف النساء العربيات يعتقدن بفعل الخرافات والخزعبلات ويترددن على المشعوذين سراً وعلانية. وفي دراسة للباحثين المصريين رشدي منصور ونجيب إسكندر في المركز القومي للبحوث النفسية بالقاهرة أن 63 % من المصريين يؤمنون بالخرافات والخزعبلات ويمثل الفنانون والسياسيون والمثقفون والرياضيون منهم نسبة11.% وليت الأمر اقتصر على بعض الدجالين البسطاء ممن نراهم عند الإشارات وأمام بعض المحلات التجارية من التستر تحت غطاء بيع بعض كتب الأدعية وماشابه ذلك ليعرض عليك قراءة الكف والبخت ومعرفة طالعك، والعجيب أن البعض يصدق قدرة هؤلاء على معرفة المستقبل ومدى الخير القادم في الطريق إليه، ويغفل عن حال هذا الذي يبشره من رثاثة الثياب وقلة النظافة والفقر فلماذا لم يرى طالعه ويحسن امره هو؟؟ لم يقتصر الأمر على هؤلاء فدخل الميدان في عمان من مؤخراً "علامة" من سوريا يقوم بتقديم امسيات مجانية كدعاية لدورات تدريبية على علوم هو مكتشفها لم تعرفها البشرية من قبله!! أما مواضيع هذه الدورات فهي مواضيع دجلية تعتمد مبدأ الكشف الصوفي وتوظفه في خداع البسطاء بمزجها بالموضة الدارجة اليوم بهالات الطاقة ومن ثم الإدعاء أن هذه العلوم مستمدة من الكتاب والسنة!! ولا تقتصر هذه الدورات على كشف أسرار الحروف والأرقام والألوان بل تمتد للفضاء والإدارة والطب والماورائيات... وهذا "العلامة" حسب موقعه الرسمي من مواليد 1970م وحاصل على دكتوراه في علوم الحرف القرآني!! ودكتوراه في الطب المكمل بتخصص العلاج بطاقات رقائق النور!! ويحمل درجة بروفسور في الطب المكمل!! كما أنه يشغل منصب عميد كلية إدارة الأعمال في هيئة الـ FG العلمية العالمية!! ورئيس وعميد هيئة الـ FG العلمية العالمية!! وطبعأ بعد إتصالى الشخصي بمندوبه بعمان هذه الشهادات وهمية وليست من جامعة رسمية! بل من FG التي هي قد تكون من اختراعه لعدم وجود مقر لها بحسب مندوبه بعمان!! وكان مما سبق طرحه في إحدى أمسياته التي حضرتها شخصياً أنه حصل على هذه العلوم من خلال "فهلوته" فهو قد ذهب لجميع الأولياء والأقطاب في الشام وعرض عليهم صفقة!! أن يتبادل معهم سر الولاية وبذلك يصبح عند الطرفين سرين بدلاً من سر واحد! لكنه اعطى كل الأولياء نفس السر وهو أخذ منهم أسرار متعددة، وبذلك أصبح أكثرهم امتلاكاً للأسرار!!! ويكفي هذا لبيان النفسية الدجلية التي تقوم عليها كل هذه العلوم، هذا إن كان صادقاً أصلا فيها. وبذلك نكون قد عولمنا الخرافة في الوسائل والمواضيع ولعله يحق لنا المطالبة ببراءة اختراع حفاظأ على حقوق الملكية الفكرية. فبدلاً من الوقوف عند الإشارات وأبواب المحلات صارت تصلك عبر رسائل الهاتف أو الإعلانات بالصحف للحضور لمركز أكاديمى!! وبدل الإستجداء يستخدم "الداتا شو والماوس"!! وبدلاً من حجاب بسيط ملفوف بخيط صوف أصبحت تحصل على مذكرة تدريبية أنيقة وقد تكون على قرص كمبيوتر!! والعجيب أن هذه الامسيات والدورات تقام على بعد أمتار من المركز الثقافي الإسلامي بمسجد الملك عبدالله!! إن حماية الفكر الإسلامي لا يقتصر على محاربة الفكر الضال في اتجاه بل في كل الإتجاهات، فيجب محاربة الفكر التكفيري والذي يفتك بقطاعات من الشباب كما يجب محاربة أفكار الدجل والخرافة التي تفتك بقطاعات أخرى من المجتمع.
عولمة الخرافة
2014/08/01
الرابط المختصر
Image