فساد وانحلال داعش ليس فريداً ولا غريباً

الرابط المختصر
Image
فساد وانحلال داعش ليس فريداً ولا غريباً

يتعجب كثير من الناس من القصص والأخبار التي تروى حول الدواعش، من جهة قلة الدين بل انعدامه عند بعض المجموعات والأفراد منهم، مثل شرب المسكرات والمخدرات، وترك الصلاة وارتكاب الزنا والفواحش، وسرقة الأموال من الناس ومن بيت المال نفسه.
فترى البعض يكذبها ويرفضها، ويستنكر أن يقوم هؤلاء المجاهدون وأتباع الخليفة بذلك، وبالمقابل ترى البعض يبالغ فيها ويكذب فيها ويجعل من القصة قصصا ومن الجريمة جرائم.
والصحيح أن داعش بيئة خصبة للفساد، فهي بيئة غلوّ وجهل وإغراء، كما أنها بيئة يرتع فيها العملاء والجواسيس من شتى الدول والأنظمة، ولذلك فبعض ما ينشر من القبض على دواعش هم في الحقيقة من شبيحة بشار بحسب الأوشام على بدنهم صحيح، وما ينشر من صور لدواعش يعلّقون الصليب أو صور الحسين أو عبدة الشيطان فأيضاً صحيح.
وهؤلاء لا نتوقع منهم صلاة ولا تقوى ولذلك مهما حاولوا التظاهر بالتشدد الداعشي لا بد أن تفلت منهم المسبات واللعنات البذيئة والسلوكيات القذرة خاصة المدمنين منهم.
لكن أيضاً هناك من تدعشن بدافع البحث عن المال والنساء من العاطلين وأصحاب الأسبقيات الذين نبذتهم الفصائل المحلية، فهؤلاء يبحثون عن ملذاتهم وشهواتهم ولكن باسم الدين والجهاد!
ويبقى عندنا فئة هي أخطر ما تكون في الفساد والانحلال وهي فئة تصبغ على انحلالها وفجورها صبغة شرعية بسبب الجهل في الدين والحمق في التفكير، فهي تتوسع في الأموال والأعراض المصونة كما توسعت في التكفير والدماء المعصومة، ومن هنا تبدأ فتاوى السبي لنساء المخالفين من المسلمين وغير المسلمين، وبعضهم يشتط به الحال في الجهل فيضع نفسه في مرحلة ما قبل التشريعات الإسلامية لردة البشرية كلها إلا هو وبضعة نفر معه، فيستحلون الزنا والخمر والمسكرات باعتبار أنهم في مرحلة مكية لم تحرم فيها هذه المنكرات!!
ليس هذا خيالاً ولا تهكماً بل هذا حال كثير من تجارب الغلو والتطرف المعاصر، وقد دوّن هذه السلوكيات الكثير من الباحثين في الجماعات المسلحة وكثير من منظري القاعدة والتطرف.
ومن هذه الأمثلة على انتشار الانحلال والفساد في بيئات جماعات العنف، ما قامت به جماعة شكري مصطفى (جماعة المسلمين/ التكفير والهجرة) حيث كانت تطلّق النساء من أزواجهن بحجة الردة ثم تزوجهن لأفرادها وهن على ذمة رجال آخرين!
واقرا ما كتبه أبو مريم الأزدي أحمد الزهراني –أحد منظري القاعدة- في كتابه "خوارج العصر" عن بعض الفساد والانحلال الذي يشيع في هذه الأوساط المليئة بالجهل والسرّية والتطرف: "ويؤول بهم الأمر إلى أحوال مستقبحة جداً حتى أنهم قد يستحلون الكثير من المحرمات القطعية التحريم، كالخمر والمخدرات والزنا الصريح، وغير ذلك فقد رأيناهم في باكستان استحلوا الحشيشة والمواد المخدرة وتدرجوا باعتقاد حل المتاجرة فيها أولاً، ثم تعاطيها والزعم بأنها ليست حراما، أو القول بأننا الآن في زمن يشبه الزمن المكي...
ويمارس بعضهم الزنا الصريح في أوربا وغيرها وسائر البلاد، تحت ادعاءات باطلة مقطوع ببطلانها كالقول بأن المزني بهن في حكم السبايا...
وقد حكى لنا مرة بعض التائبين منهم ممن منّ الله عليهم بالهداية بعد أن قطع شوطاً كبيرا معهم، حكى لنا أنهم وصلوا إلى حالات من الشك في الله تعالى وفي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته وفي القرآن".
فهذه الجماعات المتطرفة أصلاً في فكرها، والمتشظية على نفسها، والمخترقة من أعدائها، والجاذبة لأرذل الخلق لتكثر بهم شوكتها، ستكون بيئة مثالية لنمو الفساد الأخلاقي والمالي وشيوع الظلم والتعذيب والإرهاب واسترخاص الدماء والأرواح.
ولذلك لا تتعجبوا مما يروى من فساد عن داعش فقد جمعت كل شرور جماعات التطرف أضعافا مضاعفة، ومهما كذبوا على داعش فإن فيها من الفساد ما الله به عليم، وإن كان في جنود داعش أيضاً سذج وأصحاب نوايا طيبة.