كتب يمنية عن الحوثيين

الرابط المختصر
Image
كتب يمنية عن الحوثيين

لكون الحوثيين الإرهابيين في اليمن هم حديث الساعة أصبح من اللازم التعريف ببعض الدراسات عنهم، وإذا كانت بعض الدراسات قد لقيت نوعا من الدعاية بسبب أنها طبعت ونشرت خارج اليمن، فإن هناك عددا آخر من الدراسات نشر في داخل اليمن، وللأسف لم يتح لها الانتشار والوصول ليد الباحثين، برغم أن لها فضل السبق في الصدور، ولها فضل التأسيس لما بعدها من دراسات، وبفضل الله وصلتني بعض هذه الدراسات القيمة، وهذا عرض سريع لثلاث منها:  (1) التشيع في صعدة يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أجزاء وقد صدرت منه طبعتان في اليمن، الأولى سنة 2006، والثانية في 2007 من دون اسم لدار نشر، ويبدو أنه نشر باسم مستعار وهو عبد الرحمن المجاهد، وميزة هذا الكتاب أنه يمثل دراسة ميدانية مبكّرة لواقع الحوثيين من حيث الفكر والأيدلوجيا والانتشار والتنظيم. فالجزء الأول يحمل عنوان "دراسة ميدانية": حيث قام المؤلف بزيارة لمحافظة صعدة في 17/8/2005، ولمدة 24 يوما وتجول بين مديريات صعدة لرصد واقع وانتشار الحوثيين/الشيعة فيها، من خلال تعبئة استبيان خاص لذلك لكل مديرية وتوثيق ذلك بالصور والوثائق. جاء الكتاب في 250 صفحة ويتكون من فصلين، الأول استعرض تاريخ وجغرافية صعدة وتقسيمها الإداري، وتضمن هذا الفصل رصد المناسبات الشيعية فيها، والكتب الشيعية التي تدرس فيها، والنشاطات الاجتماعية التي يقوم بها الحوثيون، ومنابرهم الإعلامية والسياسية. وقد كشفت الدراسة أن مواردهم المالية تأتي من دعم الرئيس السابق علي صالح لهم ثم من إيران وشيعة الخليج وتجار السلاح والعملة في اليمن، وقد وثقت الدراسة دعم علي صالح لهم بصور وثائق ومستندات رسمية. ومن أهم المعلومات التي رصدت في طريقة عمل الحوثيين/الشيعة منذ عام 2005، تغلغل الحوثيين/ الشيعة في كافة مرافق السلطة والمعارضة، فلهم أتباع في كل أجهزة الدولة، ولهم أعضاء في كافة الأحزاب، الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة على السواء، وهذا ما يفسر اليوم تعاون كثير من الساسة وموظفي الدولة وضباط العسكر والأمن وممثلي عدد من الأحزاب المختلفة مع الحوثيين في احتلالهم لليمن. كما لوحظ أن الحوثيين/ الشيعة لهم عناية خاصة بالتعليم ونشر التشيع من خلاله، وهو ما ظهر علانية اليوم بعد عقد من الزمان. وفي الفصل الثاني استعرض واقع الحوثيين/ الشيعة في مديريات صعدة  الـ 14، حيث تم رصد أعداد الحوثيين في كل حارة من حارات مديريات صعدة، والشخصيات القيادية منهم أو الشخصيات العامة المساندة لهم، ونشاطاتهم الدينية والتعليمية وعلاقاتهم بالآخرين. الخلاصة: للأسف برغم توفر هذه الدراسة الميدانية مبكراً عن بداية التمدد الحوثي الشيعي، والتي بالتأكيد قد وصلت للجهات الرسمية في اليمن ودول الجوار والأحزاب والحركات الإسلامية، إلا أنها لم تجد العناية اللازمة وردة الفعل المناسبة ولذلك أصبح الجميع يعاني اليوم من فقدان اليمن لصالح الحوثيين وأوليائهم الإيرانيين، فهل نتعلم من هذا الدرس القاسي للمستقبل وندرك خطورة أي تمدد إيراني شيعي ولو كان صغيراً ومحدوداً؟؟ الجزء الثاني حمل عنوان "أفكار الشباب المؤمن في الميزان": وتناول حقيقة أفكار "الشباب المؤمن" والذي يعد أول شكل تنظيمي للحوثيين الشيعة من خلال تحليل وفحص فكر ثلاث شخصيات مركزية لهم وهي: بدر الدين الحوثي المرجع الديني للحوثيين، وولده حسين الحوثي القائد الميداني المؤسس للتنظيم الشيعي الحوثي، وعبد الكريم جدبان، وجاء هذا الجزء في 232 صفحة. من خلال مراجعة وفحص ما كتبه بدر الحوثي في كتبه يتضح تبدل أفكاره من الجارودية لتقبل أفكار شيعية وخاصة بعد قيام دولة الوحدة (1990) وهزيمة حرب الانفصال (1994) ، فظهر كرهه للخلفاء الراشدين وبقية الصحابة وأمهات المؤمنين، وقناعته بأن النبي صلى الله عليه وسلم عيّن عليّا بن أبى طالب خليفةً من بعده، وظهر طعنه في أحاديث البخاري ومسلم، وصار ينصح أتباعه بالتزام التقية، ولزوم الخروج على الحاكم، وظاهر جداً اعتناق بدر الحوثي لأصول عقائد الشيعة الإثني عشرية. أما ولده حسين فاستعرض مسيرته بداية من كذبة دراسته الجامعية سواء في اليمن أو خارجها، ومن ثم انخراطه في حزب الحق الممثل لعلماء الجارودية الزيدية، ولما لم يتمكن والده من قيادة حزب الحق، أسس في داخله تنظيم الشباب المؤمن، وثم أصبح نائبا في البرلمان في 1993، وبعد ثلاث سنوات انسحب حسين الحوثي وقيادة الشباب المؤمن من الحزب والذي ضعف جدا. في هذه المرحلة بدأ تحالف الحوثيين مع الرئيس علي عبدالله صالح، والانفتاح الواسع على السفارة الإيرانية، والاهتمام بالجانب العسكري. واستعرض المؤلف أهم أفكار حسين الحوثي وهي: إعلان النبي صلى الله عليه وسلم عليّا بن أبى طالب خليفته، وأن عمر بن الخطاب هو مصدر كل الشرور في الأمة وأن أبا بكر وعثمان ومعاوية هم سيئات من سيئات عمر! ويلمز في المذهب الزيدي في دلالة على تحوله الشيعي الجديد ويؤكد هذا ثناؤه الدائم والمستمر على إيران وحزب الله وقادتهما. أما عبد الكريم جدبان، فهو أحد قادة الشيعة وتنظيم الشباب المؤمن، وقد قاد هو ومحمد عزان وحسين الحوثي الصراع مع علماء الزيدية بقيادة مجد الدين المؤيد. أشاع الجدبان أنه كان على خلاف مع بدر الحوثي وولده حسين، وأنهم أنشؤوا جماعة خاصة باسم جماعة الشعار في عام 2000، وأن الحوثيين لا علاقة لهم بتنظيم الشباب المؤمن، إلا أن هذا لا يثبت، ولكن يبدو كان هناك خلاف في داخل الحوثيين بين تيار حسين الحوثي والسادة الذين يرون أنهم الأحق بالقيادة لنسبهم، وبين تيار القبائل في الحوثيين بقيادة الجدبان الذين يرون أن لهم حقا بالمشاركة في القيادة لدورهم الهام في الحركة الحوثية الشيعية. وقد ألحق المؤلف عددا من الوثائق والصور المهمة التي تعزز الحقائق التي تم عرضها في الكتاب. الجزء الثالث كان بعنوان "شبهات وردود": وهو أصغر الأجزاء ويقع في 105 صفحات، وقد خصص المؤلف هذا الجزء لرد شبهات الحوثيين الشيعة التي قسمها لشبهات في باب الإيمان وشبهات حول الصحابة. حيث فند شبهات الشيعة حول إنكار النزول الإلهي، ورؤية الله عز وجل في الآخرة، وإنكار الشفاعة لأهل الكبائر، وعقيدة البداء الشيعية، وتقديم العقل/الهوى على النقل/الوحي. وحول الصحابة رد على أباطيل الحوثيين الشيعة ضد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وظلم الصديق لفاطمة رضي الله عنها، وشبهة ولاية علي، وإثبات عدالة الصحابة. الخلاصة: شكلت هذه الدراسة الميدانية سبقا مفصلا لحقيقة فكر وحركة الحوثيين لكنها للأسف لم تصل بعد ليد الباحثين والمختصين والعامة خارج اليمن، ويا حبذا لو يتبناها ناشر غير يمني لتنتشر وتنفع. (2) لكي لا ننسي: الحوثيون وصناعة الموت قام سفيان العمراني بإصدار هذا الكتاب التوثيقي لجرائم الحوثيين بين عامي 2007-2013، في كتاب بلغت عدد صفحاته 250، وطبعاً ليس هناك ناشر للكتاب، خوفا من انتقام الحوثيين وإرهابهم. وتوثيق جرائم الحوثيين أمر في غاية الأهمية لتقديمهم للعدالة، ولكشف الحقيقة عن طائفيتهم ودمويتهم، ولكن للأسف لم يصل الكتاب لخارج اليمن إلا قليلاً. واليوم يجب على المؤلف وغيره أن يقوموا بإكمال توثيق جرائم الحوثيين بعد عام 2013 حيث تزايدت جرائمهم مع احتلال صنعاء وعدد من المحافظات، كما يجب جمع كل التقارير الدولية والمحايدة حول جرائم الحوثيين وفي كل المراحل منذ نشأتهم. الكتاب قام بتوثيق الجرائم بحسب المحافظات، حيث يستعرض كل جرائم الحوثيين في المحافظة مقسمة على السنوات، وقد طالت جرائم الحوثيين محافظات صعدة وعَمران وحَجّة والجوف، وختم كتابه بمأساة دمّاج. يفتقد الكتاب للجداول الإحصائية التي تلخص جرائم الحوثيين في أرقام تُسهل تكوين صورة شاملة عن مدى وحشيتهم ويسهل نقلها للجمهور، لكن يبقى الكتاب فريدا في بابه وغطى جانبا مهما جداً. (3) الحوثيون والثورة الشبابية هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة بعنوان "الحوثية"، وهو من تأليف صادق عبد الرحمن الصنعاني، دون ناشر، ويقع في 100 صفحة، ويتكون من ثلاثة فصول، وصدر في سنة 2013. يناقش الكتاب علاقة الحوثيين بالثورة الشبابية ضد الرئيس علي صالح، وحقيقة أهدافهم في اليمن. في الفصل الأول استعرض المؤلف علاقة الحوثيين بالتيارات السياسية المختلفة: العهد الإمامي، النظام السابق، تيارات الثورة الفاعلة، الحراك الجنوبي. كانت علاقة الحوثيين بالعهد الإمامي علاقة رغبة بعودتها، وعلاقتها بالنظام السابق علاقة تحالف وتوظيف لتحقيق أمنيتها، واتسمت علاقتها بالتيارات الأخرى في الثورة بالعداء حيث يتهم الحوثيون أحزاب اللقاء المشترك وحزب الإصلاح (الإخوان) واللواء علي محسن بالتبعية للخارج والخيانة، وعلاقتهم بالحراك الجنوبي علاقة تقارب واستدراج حيث بدأت بعض قوى الحراك بمدح إيران والخميني. الفصل الثاني تناول مستجدات الثورة وتطرق فيه لعدة قضايا هي: * انسحاب الحوثيين من مجلس قيادة الثورة، وأن غرضهم من ذلك ضرب الموقف الوطني الموحد الذي يتناقض مع أطماع الحوثيين في الاستفراد في حكم اليمن. * رفض مخرجات المبادرة الخليجية، لأنها أيضا تفشل أطماعهم ومخططاتهم. * محاولة الحوثيين إفشال الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالرئيس عبد ربه منصور هادي، حيث قاموا بتمزيق صوره ومهاجمة مقر حزب الإصلاح بمحافظة صعدة، ولولا الموقف الدولي الحازم ضد تعطيل الانتخابات لعطلها الحوثيون، وكان هذا موقفا مبكرا على حقيقة نوايا الحوثيين التي تبدّت مؤخرا في مصادرة اليمن كله لصالح مخططاتهم. * حاول الحوثيون إفشال القيادة الموحدة للثورة بعدم المشاركة في مسيراتها، أو جر الثوار للصدام مع الجيش، ومحاولة حرف مسار المسيرات نحو دار الرئاسة وافتعال مشاكل فيها. * اعتداءات الحوثيين على منصة الثورة عدة مرات، والمستشفى الميداني، ولجنة نظام الساحة، في دلالة على حقيقة التعاون والوحدة التي يؤمن بها الحوثيون. * محاولة استقطاب بعض الشباب وإغرائهم بالمال. الفصل الثالث جاء بعنوان الأهداف الخفية لمشاركة الحوثيين في الثورة. جاءت مشاركة الحوثيين في الثورة للتغطية على مشروعهم العسكري، ولذلك قاموا بتخزين السلاح في صنعاء، وأقاموا معسكرات تدريب عسكرية، ولذلك رفضوا بذكاء نزع سلاحهم بحجة عدم وجود دولة ولزوم نزع سلاح الجميع واعتبار قتلى الحوثيين في معاركهم مع الدولة شهداء! كما كانت لمشاركتهم في الثورة أغراض طائفية، فبينما يرفض الثوار شعارات يمنية كان الحوثيون يرفعون شعارات الموت لأمريكا... ويحيون مناسبات شيعية كعيد الغدير وعاشوراء. وأيضاً شكلت مشاركتهم في الثورة وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، فالحوثيون يؤيدون الحكم الفيدرالي لينفردوا بحكم صعدة، ورغم رفعهم شعار النصر للإسلام لم يمانعوا في إلغاء المادة الثانية في الدستور التي تنص على مصدرية الشريعة للتشريعات، بحجة تناقضها مع الديمقراطية! ولكن هذا يصطدم بعقيدتهم التي تقوم على أحقية البطنين (ذرية الحسن والحسين) فقط في الحكم، وأن الديمقراطية لا تجري عليهم!!  في الختام: لقد كشفت هذه الكتب عن حقائق غائبة عن الوعي العام بخصوص حقيقة فكر وواقع وسياسات ومواقف وجرائم الحوثيين في خارج اليمن وداخلها، وضرورة أن تعاد طباعة هذه الكتب خارج اليمن، وأهمية تجاوز الخطأ المتكرر بعدم التيقظ المبكر للأخطار القادمة من الأطماع الإيرانية وأذرعها الشيعية في البلاد العربية.