بدء العد التنازلي لشهر القرآن شهر رمضان المبارك، العد التنازلي لشهر رمضان عند سلفنا الصالح – الذي أورثنا مجداً أضعناه – كان يبدأ قبل رمضان بستة شهور !! وغالبنا اليوم وللأسف يدخل شهر رمضان وما استعد له بشيء من حقه لانشغاله بحاجيات رمضان المزيفة كتعليق الزينة المضيئة والفوانيس الرمضانية !! أو تجديد أسطول المطبخ من أطباق وأكواب وأوعية !! فضلاً عن توفير كميات إضافية من الطعام والشراب بدلاً من مقصد رمضان والصيام بالمجاراة لحال الفقراء والمحتاجين !! وأسوأ من هذا كله من ينشغل بضبط جهاز الرسيفر على قنوات جديدة لمتابعة جديد المسلسلات والبرامج التي تناقض غاية الصيام والقيام، ألم يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم: أن " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن ويتدارسه مع جبريل عليه السلام في رمضان، وتدارسه مع جبريل مرتين في آخر رمضان من حياته صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان السلف إذا دَخَل شهر رمضان طووا الكُتُب، وأقبلوا على القرآن .. فهلا تأسينا بهم لنفلح مثلهم في الدنيا والآخرة ؟!
الموفق هو هيء نفسه لقدوم شهر القرآن ورتب أهدافه ونظم برنامجه ليخرج من هذا الموسم وقد غفر ذنبه ورفعت درجته وزاد إيمانه وتحسنت أخلاقه وانتفع به الناس أكثر، وهذا لا يحدث لشخص لم يخطط جيداً لأستغلال رمضان.
التخطيط هو أصل الأخذ بالأسباب التي علق الله عز وجل عليها النجاح والظفر، ولذلك يقول أهل التخطيط: أنك إذا لم تخطط للنجاح فقط خطتت للفشل !! وهذه حقيقة مجربة، فمن لم يضع لنفسه خطة في رمضان واضحة ومكتوبة - كما يأكد علماء الإدارة- فإنه يخرج من رمضان وانجازاته ضعيفة جداً بخلاف من حدد لنفسه أهداف وبرمج نفسه عليها، ولذلك فإن علماء الإدارة والتخطيط يؤكدون أن كل ساعة تخطيط توفر من ساعتين إلى أربع ساعات في التنفيذ.
وعناصر التخطيط الأساسية تقوم على وضع أهداف محددة وواضحة وممكنة ولها مدى زمنى، مع تحديد الوسائل اللازمة لتحقيقها، وتحديد الأدوات التي سنقيس بها مدى التزامنا بالخطة وتحقيق الأهداف.
ولذلك فإن المسلم المميز هو من يحرص على أن يضع خطته الشخصية لإستغلال شهر رمضان وخاصة في العيش مع القرآن الكريم قبل حلول شهر رمضان، ويوفر ما يلزم لتحقيق خطته، فلا يأتي رمضان إلا وقد تهيأ نفسياً لذلك ويعرف خطواته من أول لحظة في رمضان، وقد وفر ما يحتاجه لتحقيق خطته، ولديه برنامج زمنى مفصل لأنشطته في رمضان، ويملك أداة للتقييم والتقويم حتى يصحح أي خلل قد يطرأ على خطته، وهناك العديد من الخطط المقترحة للإستفادة من رمضان على شبكة الإنترنت وبخاصة بموقع صيد الفوائد.
وبعد أن بينا أهمية التخطيط لرمضان وكيفية الحصول على الخطة، فهذه بعض الإقتراحات لبرامج وأنشطة قرآنية في رمضان:
1- قراءة القرآن في رمضان هي الأصل، لكن نحتاج إلى تطويرها لتصبح قراءة تدبر وتفهم، وذلك من خلال القراءة في مصحف بهامشه غريب كلمات القرآن، أو تفسير ميسر مثل زبدة التفسير أو تفسير السعدي.
أو التركيز على ختمة قراءة وختمة ثانية لتفسير ميسر أو موسع بحسب الهمة والتفرغ.
أو يمكن الإقتصار على قراءة تفسير بعض الأجزاء ضمن خطة لقراءة تفسير القرآن كاملاً خلال العام انطلاقاً من رمضان.
أو يمكن الإقتصار على قراءة بعض الدراسات والأبحاث التي ركزت على تفسير سورة محددة، لمن قرأ تفسيراً كاملاً.
أو قراءة بعض الكتب التي تتعلق بعلوم القرآن أو ناحية من نواحى القرآن ككتب قصص القرآن، أمثال القرآن، أحكام القرآن ...
ونحتاج لهذه الأنشطة من تحديد الخيار الذي نريده وتوفير الكتاب أو الكتب التي اخترناها قبل بداية رمضان.
2- المراجعة والحفظ: رمضان فرصة لمراجعة محفوظنا من القرآن وزيادته.
3- تعلم القراءة الصحيحة: لماذا لا تستغل رمضان لإتقان قراءة القرآن ؟ أنت تقضى وقت طويل في المسجد تقرأ القرآن خصص وقت محدد يومياً لإتقان القراءة، وهذه دعوة لدور القرآن وأئمة المساجد لعقد دورات مكثفة لإتقان قراءة القرآن يركز فيها على التطبيق وخاصة بعد صلاة العصر وقبيل المغرب، وأيضاً استغلال اقبال الأطفال على المساجد لعقد دورات سريعة في قاعدة النور التي تحسن نطق الأطفال بالقراءة العامة وقراءة القرآن.
4- تنظيم المسابقات في القرآن وعلومه في الحفظ والتلاوة والتفسير والبحث والمعلومات العامة.
5- إقامة الندوات والمحاضرات حول القرآن في المسجد والبيت والجمعيات الثقافية.
6- متابعة برنامج قرآني محدد في الفضائيات أو الإذاعات.
7- تخصيص وقت القيادة للسيارة في رمضان لسماع التفسير من خلال شراء أو تنزيل برنامج تفسير مسموع.
8- تخصيص وقت جيد لمطالعة مواقع الإنترنت المتخصصة بالقرآن الكريم وعلومه مثل موقع ملتقى أهل التفسير وموقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وموقع الهيئة العالمية لتدبر القرآن.
9- تعليم الخدم في بيوتنا قراءة القرآن وشرح بعض السور الصغيرة لهم، وإتاحة الفرصة لهم لقراءة القرآن، فإن هذا من إحسان معاملتهم التي سنحاسب عليها أمام الله عز وجل.
هذه بعض الإقتراحات والأنشطة التي يمكن استغلال رمضان بها ويمكن الجمع بينها وبين أنشطة أخرى مثل زيارة المرضى ودور الأيتام والعجزة والإعتكاف وإطعام الطعام والعمرة وغيرها.
وهذه الأفكار يمكن للوالدين وإمام المسجد وأساتذة الشريعة وطلبة العلم تكيفها لتطبق في البيت والمسجد والجامعة، وانبه على الإستفادة من الإنترنت للتعرف والحصول على كثير من التفاسير والكتب المختصة بالقرآن، من خلال المكتبات المجانية بالإنترنت التي تقدم الكتب مجاناً بصيغة (pdf)، كما أن هناك برامج وكتب للتفسير خاصة بالكمبيوترات الكفية وأجهزة الإيباد وأمثالها، فهل من مشمر ؟
العاقل من يبحث عن الخير والزيادة فيه، ورمضان موسم سنوي فلا يضيع عليك بسبب الكسل وقلة التخطيط والتسويف، بادر اليوم وأكتب أهدافك في رمضان لهذا العام وفي نهاية الشهر قارن النتيجة النهائية وسجل ملاحظاتك، ومن ثم احفظها لرمضان القادم لتطور خطتك فيه.