لا يختلف أحد على الإصلاح وضرورته وخاصة في هذه المرحلة، ولكن قد تختلف الأنظار في تطبيقات الإصلاح وآلياته وأولوياته، وهذا الإختلاف طبيعي بل هو حالة صحية إذا بقي في إطار التنافس الشريف لخدمة الإصلاح وليس لخدمة أجندات فئوية أو مكاسب فاسدة.
وحتى نبقي في إطار التنافس الشريف لخدمة الإصلاح هذه بعض المعالم المهمة للشخصية الإصلاحية والتي قد تساعدنا على السير في طريق الإصلاح:
1- تقوى الله عز وجل: حيث إننا لو اتقينا الله عز وجل في أنفسنا وفي تصرفاتنا تجاه الوطن والمواطنين لزال كثير من مظاهر الفساد والبلطجة والفئوية التي نعانى منها على جميع المستويات.
حين يكون دافعنا تقوى الله عز وجل لن ننتظر شكر الآخرين للقيام بالصواب والإصلاح، ولن تسمح لنا قدرتنا على ارتكاب الخطأ دون عقاب في الدنيا من اقترافه.
كما أننا حين نتقي الله عز وجل لن نقدم على القيام بما يضر المصلحة العامة ويصعد من الإحتقان بين الناس ويثير الفتنة في أوساطهم، وسنقدم المصلحة العامة على المصالح الخاصة.
2- الإيجابية: كلنا شركاء في هذا الوطن وبالتالي فكلنا أصحاب مسئولية تجاه حمايته والمحافظة عليه، والفساد لا ينشأ إلا إذا تقاعس الطيبين عن دورهم في الإصلاح والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن علامات الإيجابية الإهتمام بالشأن العام والتفاعل معه بحكمة من خلال التفقه بأحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإطلاع على الدستور والقوانيين السارية للقيام بواجبنا تجاه الفساد والشر بالطريقة الصحيحة شرعاً وقانوناً.
3- الإستقلالية والموضوعية: فالأردنيين من أكثر الدول العربية تعلماً وثقافةً، ولا يليق بنا أن نكون أسرى للقبلية والحزبية والفئوية والعصبية، نلتزم بها في الحق والباطل، بل يجب أن نؤيد الصواب ولو كان عند الطرف المقابل لنا.
ومن الإستقلالية والموضوعية نبذ الفرقة والإنقسام على أسس عرقية ومناطقية في إحياء للعقلية الجاهلية التي وصفها الشاعر دريد ابن الصمة بقوله:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
وكأن الفساد والشر أو الحق والخير جينات تورث لأناس دون آخرين.
إن المسلم دائماً يسعى من أجل تحقيق العدل ونصرة الحق، فالحق والعدل هو رائده وغايته بغض النظر عن الجهة التي صدر منها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حق الشيطان نفسه حين صدق مرة مع أبي هريرة " صدقك وهو كذوب " رواه البخاري.
4- المثابرة والصبر: طريق الإصلاح طريق طويل، فيه عقبات كثيرة فلا بد من توطين النفس على التحمل والصبر، وأصعب ما فيه إصلاح النفوس سواء كانت نفوس بعض الناس التي استراحت للسائد من الأوضاع السيئة كسلاً وجهلاً أو طمعاً وجشعاً، أو نفوس المسئولين الرافضين للتخلى عن مكاسبهم وعاداتهم الفاسدة، أو نفوس المعارضين الطامحة للثأر.
5- الإبداع وتقديم الحلول: الإصلاح يحتاج للكثير من الإبداع لعلاج هذه الأوضاع والحالات الفاسدة، إذ لا يصلح في الإصلاح الإقتصار على اللونين الأسود والابيض، بل لا بد من اجتراح الكثير من الحلول الإبداعية والمبتكرة للخلاص من هذه الأوضاع العجيبة، وإلا بقينا ندور في حلقة فاسدة.
ولعل ما يعيق حركة الإصلاح عندنا اليوم هو عدم طرح مقترحات كافية ومعقولة لعلاج أوضاعنا، مما يبقينا في مربع المشاكل والمفاسد، فكلنا يعلم تضخم المديونية العامة في السنوات الأخيرة، ولكن كيف نخفضها ؟ هذا هو التحدى الذي نواجهه، وهو من شقين وقف هذا التضخم ومحاسبة المسئولين عن ذلك إذا ثبت تقصيرهم، ومن ناحية ثانية كيف نتخلص من هذا العجز.
فلا يكفى أن نبقى نمتدح ما قامت به حكومة حزب العدالة التركية من إنهاء المديونية التركية فقط، بل نحتاج أن يقدم لنا عقلاء المعارضة والموالاة الوصفة التي سارت عليها الحكومة التركية وماذا يمكن أن نستفيد منها وأين يجب أن نعدل عليها، وهكذا في سائر المجالات.
6- السلمية: وهي مبدأ مهم في الإصلاح لكون دائرة الإصلاح هي دائرة النفس والأقارب والجيران، بخلاف دائرة الحرب والقتال التي تكون مع الأعداء الحاقدين.
فلذلك كل أعمال العنف اللفظي والبدني تتعارض مع مسيرة الإصلاح وخصوصاً إذا كانت غير قانونية، ويمكن أن نعد من العنف المرفوض أيضاً استفزاز الآخرين بتصرفات ظاهرها السلمية وباطنها العنف، وهذا كله يمكن تلافيه فقط بتقوى الله عز وجل المطلع على السرائر وما تخفى النفوس.
الإصلاح غاية شريفة لنحافظ على جعلها بوصلتنا دوماً ولا تشغلونا بمعارك جانبية لتصفية حسابات صغيرة.
معالم الشخصية الإصلاحية
2014/08/01
الرابط المختصر
Image