أنواع الصيام: "الصيام نوعان:
الأول: صوم أصغر، وهو صوم البدن نهارا عن الطعام والشراب إلى غروب الشمس كصيام رمضان، وصوم التطوع.
الثاني: صوم أكبر، وهو صوم القلب والجوارح عن كل ما حرم الله من النيات والأقوال والأعمال والأخلاق، ليلا ونهارا، بل طوال العمر.
وهذا الصوم يبدأ من بلوغ الإنسان إلى أن يموت، والفطر منه بعد الموت على ماء الكوثر وزيادة كبد الحوت، ثم الخلود في الجنة في النعيم المقيم...
ومن رحمة الله أن جعل الصوم الأصغر وسيلة وسلّما للشروع في الصوم الأكبر، الذي هو فعل كل ما أمر الله به، واجتناب كل ما نهى الله عنه كما قال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة: ١٨٣)"
من مختصر الفقه الإسلامي لمحمد إبراهيم التويجري ص ٥٨٥.
*مراحل تشريع فريضة الصيام:
"وكان للصوم رتب ثلاث: إحداها: إيجابه بوصف التخيير، والثاني: تحتمه، لكن كان الصائم إذا نام قبل أن يطعم حرم عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة، فنسخ ذلك بالمرتبة الثالثة وهي التي استقر عليها الشرع إلى يوم القيامة".
زاد المعاد في هدي خير العباد للإمام ابن قيم الجوزية ٢/٣٠.
فصوم رمضان لم يفرض مرة ومباشرة بهذه الصورة التي نعرفها، فقد فرض في السنة الثانية للهجرة بعد تحويل القبلة من بيت المقدس للكعبة بشهر، ومر بثلاث مراحل: في البداية اختياريا إما الصوم أو إطعام مسكين عن كل يوم لقوله تعالى: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مِسكين" (البقرة: ١٨٤).
ثم في المرحلة الثانية نسخ التخيير وأصبح الصوم واجبا بقوله تعالى: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة: ١٨٤).
لكن كان من نام قبل أذان المغرب حرّم عليه الأكل والشرب والجماع ويواصل صومه لليوم التالي، وكانت مدة الإفطار من أذان المغرب وحتى أن يصلى العشاء أو ينام أيهما أسبق، فشق ذلك على الصحابة رضوان الله عليهم.
ثم كانت المرحلة الثالثة، وهي التي نصومها ويجوز فيها الفطر بين أذان المغرب وأذان الفجر ولا يضر النوم قبلها أو في أثنائها، كما في قوله تعالى: "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" (البقرة: ١٨٧)، وبذلك تمت رحمة الله ونعمته على عباده بهذا التخفيف.
من أنواع الزور المحرم في رمضان!
"كما يجب عليه (الصائم والصائمة) أن يبتعد عما ينقص أجر صيامه، كأن يقع في شيء من المحرمات، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري،... ويدخل في العمل بالزور: الإسراف في عمل وجبات الإفطار، فإذا كانت المرأة صائمة فيجب عليها تجنب ما يفعله كثير من النساء اليوم من الإسراف في عمل الوجبات، لئلا ينقص ذلك من أجر صومها، لأن الإسراف محرم لنهي الله تعالى عنه في قوله جل وعلا: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" (الأعراف: ٣١)".
شرح عمدة الفقه للدكتور عبدالله بن عبد العزيز الجبرين ١/٥٦٢.
والإسراف في إعداد الوجبات يضيع كثيرا من الأموال عبر إلقاء الفائض في القمامة أو تضييع كثير من زمن رمضان المبارك في المطبخ دون حاجة وضرورة، فضلا عن أن هذا الإسراف يضر بالصحة بتناول كميات إضافية من الطعام أو الحلويات.
ولا يقتصر الإسراف المذموم هنا على عمل المرأة بل يشمل إقرار رب الأسرة على هذا الإسراف بتضييع المال عبثا أو تخريب صحته وصحة أسرته أو تضييع وقتهم في الطبخ بدلا من اغتنام الأوقات الفاضلة.
تاريخ صلاة التراويح:
"فإنه عليه الصلاة والسلام صلى بالناس في رمضان ثلاث ليال، ثم تخلف في الثالثة أو الرابعة، وقال : " إني خشيت أن تفرض عليكم" فبقيت الأمة الإسلامية لا تقام فيها صلاة التراويح جماعةً حتى جمعهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب".
" ويبقى النظر لماذا لم يفعل هذا أبو بكر؟
والجواب: عن ذلك أن يقال: إن مدة أبي بكر رضي الله عنه كانت سنتين وأشهرا، وكان مشغولا بتجهيز الجيوش لقتال المرتدين وغيرهم؛ فكان من الناس من يصلى وحده، ومنهم من يصلي مع الرجلين، ومنهم من يصلي مع الثلاثة، فلما كان عمر خرج ذات ليلة فوجدهم يصلون أوزاعا ، فلم يعجبه هذا التفرق، وأمر تميما الداري وأبي بن كعب أن يقوما للناس جميعا ويصليا بالناس إحدى عشرة ركعة".
الشرح الممتع على زاد المستقنع للعلامة ابن عثيمين ٤/ ١١، ٧٩.
وكأننا اليوم مع إغلاق المساجد في زمن وباء الكورونا كوفيد ١٩ عدنا للزمن النبوي الأول حيث يصلى كل أهل بيت التراويح في منازلهم ورحالهم والله المستعان والمأمول في كشف الغمة ورفع البلاء.