من أبواب نصرة الرسول التثبت في الرواية عنه

الرابط المختصر
Image
من أبواب نصرة الرسول التثبت في الرواية عنه

الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قضية مهمة لابد من التثبت فيها لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم وحي وتشريع من الله عز وجل ، لقوله تعالي : " وما ينطق عن الهوى " وقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل هل نكتب عنك في الغضب والرضا : " اكتب فوالذي نفسى بيده ما يخرج منه إلا الحق " .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه فقال صلى الله عليه وسلم : " من كذب علي متعمداً فليتبؤ مقعده من النار " .
ظهرت أهمية التثبت في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحداث الفتنة زمن علي رضي الله عنه ، فقد بدء الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من المندسين في صفوف المسلمين من الزنادقة ومن قلدهم من اتباع الفرق ، فأصبح المسلمون يسألون عن الإسناد ولا يقبلون نسبة أي قول للرسول عليه الصلاة والسلام .
ومن هنا بدء علم الحديث بالتشكل والنمو حتى أصبح علماً خاصاً بالمسلمين يتميزون به عن  سائر الأمم ، فليس لأمة سوى المسلمين علم خاص يعنى بالتثبت والتأكد من مصادر الدين سوى أمة الإسلام . وقد تفنن فيه العلماء وتعمقوا فيه حتى أنهم يدركون الخطأ في الرواية ولو كانت حرف واحد !!
ورغم عدم وجود أجهزة وبرامج الكمبيوتر بين أيدهم فقد صنفوا الأحاديث ورتبوها بطرق يعجز الخيال عن تصورها ، فتستطيع البحث عن الرواية باسم الصحابي وهذا يسمى المسند ، أو تستطيع البحث عنه بالموضوع ككتب السنن ، وتستطيع البحث عنه بالراوي عن الصحابي ككتاب تحفة الأشراف ، وهناك كتب للأحاديث الصحيحة وهناك كتب للأحاديث الضعيفة ، وهناك كتب مختصة برواية أهل بلد ، وهناك كتب الرواة والتراجم والطبقات ، ومن طالع هذا الجهد العلمي الكبير لا يملك إلا أن يرفع رأسه معتزاً بحضارتنا وثقافتنا التي حثت علمائنا على الإبتكار والإبداع لتلبية كافة الإحتياجات في البحث ، ولم يقف إبداعهم عند هذا فحسب بل من تأمل قواعدهم العلمية في قبول الرواية أو ردها يجدها مبنية على أسس عميقة من منهجية محكمة في التفكير والتحليل ، واستيعاب لكل الإحتمالات والممكنات وإعطاء كل حالة اسم وحكم ، و هذا باب واسع لا مجال للتفصيل فيه هنا .
وسبب هذا الإهتمام من علمائنا قديماً وحديثاً بالتدقيق والتثبت في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يكذب على الله عز وجل وعلى رسوله ، وحتى يبقي دين الله سليم من الخرافات والبدع والشرك ، وذلك أن أغلب الروايات المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم مما يخالف الحكمة والحق والعقل وهو ما يتنزه عنه شرع الله عز وجل ، ومما يفتح الباب أمام المخرضين للتشكيك بالإسلام وأحكامه ، فنصرة للنبي ودينه كان جهادهم هذا .
كما أن الأمة مرجعها وعصمتها بالتمسك بكتاب ربها وسنة نبيها وفهمهما على الوجه الصحيح الذي اتفق العلماء على أصوله وقواعه وهو ما سمي بعلم أصول الفقه ، فلا بد أن تكون السنة النبوية ثابتة صحيحة من خلال علم الحديث حتى يكون اجتماع الأمة وعصمتها صحيحة .
ومما يفرح به المسلم اليوم انتشار منهجية وثقافة التثبت في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا تصادفه في كل يوم من سائل ومستفتى عن صحة حديث سمعه ، أو تاكيد كثير من أئمة مساجدنا – جزاهم الله خيرا – على أنهم لا ينقلون لنا معشر المصلين إلا ما ثبت عند أهل العلم الثقات من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ما تشاهده وتسمعه في حديث العلماء والدعاة على الفضائيات والإذاعات من بيان تخريج الحديث وصحته .
أن ما نشاهده اليوم من ثقافة الحرص على التثبت في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم  هو جهد وعمل مشكور تشرف به العلامة محمد ناصر الدين الالباني وعدد من العلماء الفضلاء ، فقد كان الألباني صاحب مشروع " تقريب السنة بين يدي الأمة " وقد وفقه الله لبعث علم الحديث من رقدته ونشره بين طلبة العلم والباحثين وذلك عبر جهوده في التأليف والتدريس والمحاضرة ، كما وفقه الله لتقديم أمهات من كتب الحديث محققة  منقحة .
وسيسجل التاريخ للشيخ أبو إسحاق الحويني أنه قرب علم الحديث لعامة المسلمين ، فأصبح المسلم غير المختص بعلم الشريعة على معرفة جيدة بهذا العلم وأركانه ، وذلك من خلال تبسيطه لهذا العلم للناس في محاضراته ودوراته وأحاديثه على الفضائيات .
إن التثبت في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم واجب على كل مسلم نصرة ومحبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وخاصة الدعاة منهم ، ولذلك كم نتمنى على الداعيين المشهورين الأستاذ عمرو خالد والحبيب الجفري أن يحذوا حذو إخوانهم من الدعاة كالشيخ وجدى غنيم والدكتور عبد الكافي والدكتور صفوت حجازى الذين يحرصون على رواية الثابت من الأحاديث النبوية فقط لأن فيها البركة والكفاية عن الروايات الضعيفة والمكذوبة .36236