هل وجود القاعدة أصبح ضرورة علمانية وطائفية ؟؟

الرابط المختصر
Image
هل وجود القاعدة أصبح ضرورة علمانية وطائفية ؟؟

عقب الثورات العربية والتي أطاحت بعدد من الأنظمة الطاغية في مدة محدودة وبتكاتف شعبي عام وبأقل قدر من الخسائر، سقط فكر القاعدة ومنهجها الصدامى في الشارع العربي والإسلامي، وبدأت مشاركة كثير من التيارات الإسلامية بمسيرة العمل السياسي كطريق للإصلاح والبناء ومحاربة حالة الفساد السياسي والاقتصادى، ورغم كل ما عانوه في عصور الكبت والاضطهاد وحملات التشويه الإعلامية الداخلية والخارجية إلا أن النتائج جاءت في صالحهم، مما أزعج كثيراً من المخالفين من بقايا العهود السابقة والمنافسين الليبراليين واليساريين.
ولمحاولة إفراغ هذا الفوز من مضمونه أصبحت (اللعبة الديمقراطية) لا قوانين ثابتة لها بل   " كلما أبلوا بلاءً حسناً، أعيدت كتابة قواعد اللعبة لاستبعادهم " كما رصد ذلك د. عمرو حمزاوي – الفائز مؤخراً بمقعد في البرلمان المصري – في كتابه (الإسلاميون في البرلمانات العربية، بالإشتراك مع وناثان ج. براون، ص 74)، والذي أصدره في عام 2010.
والذي قرره حمزاوى بصفته باحثاً في مركز كارنيغي في حقبة ما قبل الثورات الشعبية، يعاد تطبيقه أيضاً في زمن الثورات العربية وكأن شيئاً لم يتغير، فبعد أن حسم الشعب المصري خياره في إجراء الانتخابات البرلمانية قبل كتابة الدستور وإقرار المادة الثانية المتعلقة بالشريعة الإسلامية حاول د. يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء إفراغ قرار أغلبية الشعب المصري عبر محاولة الالتفاف على المادة الثانية، والدعوة لمبادئ فوق دستورية، وحين فشل في محاولته قام وريثه في نيابة رئيس الوزراء د. علي السلمي بمواصلة المحاولة عبر فرض وثيقة إلزامية استباقاً لنتائج الانتخابات، وحين فشلت محاولته أيضاً، تم محاولة نزع صلاحيات مجلس النواب من قِبل المجلس العسكري عبر تصريحات لبعض أعضائه، مثل تصريح اللواء شاهين بعدم قدرة البرلمان المنتخب على تشكيل الحكومة القادمة وإنهاء حكومة الجنزورى، ومن ثم تصريح اللواء الملا بعدم صلاحية البرلمان لتشكيل لجنة وضع الدستور، وكان المجلس العسكري من قبل قد ماطل كثيراً في تحديد موعد تسليم السلطة للمدنيين، وبعد ضغط وإلحاح شعبي شديد أعلن عن تسليمه السلطة في منتصف سنة 2012.
كما أن تصريحات الملياردير نجيب ساويرس المتتابعة بتمني التدخل الأجنبي وانقلاب الجيش على الانتخابات دون محاسبة أو إنكار تدخل القلق في قلوب الكثيرين من حقيقة اللعبة الديمقراطية الجارية.
هذا السلوك السياسي من قبل النخب العلمانية (يحيى الجمل، علي السلمي، نجيب ساويرس) والمجلس العسكري يعد أفضل هدية لتنظيم وفكر القاعدة والذي يكاد يضمحل، فحقيقة هذه السياسات أن الديمقراطية ليس فيها مكان للإسلاميين مهما حاولوا التعاون والانفتاح على شركائهم في البلاد، وأن الإسلاميين لا مكان لهم في اللعبة السياسية مهما منحتهم الشعوب من غالبية وأصوات.
واللافت للنظر أن هذه السياسات لا تجد من ينكرها من الليبراليين واليساريين بقوة ووضوح فإن أقرت ولم يبطلها الإسلاميون مرت وأقرت وأقرت أعينهم، وإذا رفضها الإسلاميون قالوا رفضناها معكم!
ولذلك على هؤلاء الساسة أن يحددوا موقفهم: هل هم يرغبون بترسيخ منهج الإصلاح السياسي والتزام قواعد اللعبة الديمقراطية العادلة؟ أم البقاء في المنطقة الرمادية وتأجيج العواطف باتجاه تأييد فكر القاعدة الذي يحتكم للقنابل بدلاً من الانتخابات؟
ولذلك فالمُطالب اليوم بتوضيح مواقفه هو التيار العلماني بشقيه الليبرالي واليساري: هل تقبلون بنتائج الصناديق؟ وهل تقبلون بوصول إسلامي لكرسي الرئاسة؟ وهل ستحترمون إرادة الشعب وتكفون عن طلب التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية؟
الإجابات الواضحة والصريحة عن هذه الأسئلة هي التي ستنزع الفتيل من اشتعال موجة جديدة من فكر العنف والتكفير في بلادنا.
ولم يقتصر الأمر على مصر ففي سوريا والعراق تم استدعاء القاعدة عبر عمليات تفجيرية سقط فيها عشرات القتلى، وذلك من أجل تشويه صورة الثورة السورية ضد النظام الأسدي المجرم، أما في العراق فكان الغرض هو إلهاء الجماهير بالتفجيرات عن سياسة المالكي الطائفية الإقصائية ضد السنة عبر اتهاماته المتتابعة للقيادات السنية بالإرهاب (طارق الهاشمي، صالح المطلك، الحزب الإسلامي...)، ومن أجل حشد الشارع الشيعي خلف المالكي عبر إيقاع عشرات القتلى الشيعة بواسطة عمليات ارهابية تعلق على شماعة القاعدة ويكذب حولها أن هذه العمليات هي بتحريض القيادات السنية الإرهابية التي يحاربها المالكي!!
وهذا يدفعنا للتأمل في أننا إذا بحثنا عن المستفيد عموماً من عمليات القاعدة ستكون النتيجة مريبة وغريبة، إذ كان المستفيد الأول هو إيران عبر التخلص من نظام صدام حسين في العراق ونظام طالبان في أفغانستان وهما الجاران المزعجان لإيران، والمستفيد الثاني كان معسكر المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية عبر إخضاع المنطقة لإبتزازه المالى بدفع تكلفة حروب متعددة، والمستفيد الثالث هو الأنظمة المستبدة التي كانت ترعى الإرهاب وتزعم حربه وهو ما صرح به القذافى وعلي صالح وبشار الأسد والمالكي.
فهل فعلا تحارب هذه الجهات القاعدة أم أن القاعدة أصبحت ضرورة علمانية وطائفية ؟؟