10 أسباب لمحاربة نهج الخوارج والغلاة والتطرف (2)

الرابط المختصر
Image
10 أسباب لمحاربة نهج الخوارج والغلاة والتطرف (2)

 
ذكرنا في الأسبوع الماضي 5 أسباب تدفعنا لمحاربة نهج الخوارج والغلاة والتطرف وهي:
1- تبرؤ النبي صلى الله عليه وسلم من الغلاة والخوارج.
2- أن الغلو والخروج سبب لمروق أصحابه من الدين.
3- الجهل هو صفة الخوارج الدائمة، وكفى بالجهل شراً.
4- اختراق صفوف جماعات الخوارج عبر التاريخ من قبل أعداء الأمة.
5- التورط في خطيئة تكفير المؤمنين بدون حق.
ونواصل اليوم سرد الأسباب الموجبة لمحاربة نهج الخوارج والغلاة والتطرف لأن ذلك هو مصلحة الدين أولاً ومصلحة الأوطان والشعوب ثانية برغم الشعارات الجميلة التي قد تخدع بعض الشباب العاطفي والناس الساخطة على حالة الأمة أو سوء الأوضاع السائدة.
6- بعد تكفير عموم العلماء والمسلمين من الأمة تصبح الطريق سالكة أمام الجهل من جهة والمدسوسين في جماعات العنف والخوارج لاستباحة دماء آلاف الأبرياء، وبأبشع الصور والأشكال، ومَن طالع تاريخ جماعات العنف والتطرف والخروج عاين ذلك بوضوح، وهذه قائمة سريعة ببعض جرائم القتل والإرهاب التي وقعت في دول مختلفة وتجاه أبرياء متنوعين ولكن المجرم واحد وهم حمَلة فكر التطرف والعنف والخوارج!
- في مصر سنة 1977م قامت جماعة المسلمين (جماعة التكفير والهجرة) باختطاف وزير الأوقاف المصري د. محمد حسين الذهبي ومن ثم قتله بإطلاق النار عليه بحيث دخلت الطلقة من عينه اليسرى وخرجت من جمجمته، في وحشية بالغة!
- وفي السعودية سنة 1979م اقتحم جهيمان وأصحابه الحرم المكي وروعوا المصلين والطائفين وقُتل في الحرم المئات بسبب ذلك، ومكة حرم لا ينفر الطير فيه فكيف بقتل المئات!
- ثم توالت عمليات التفجير والاغتيال في مصر بين الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد مع النظام المصري طيلة سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، والتي أريقت فيها دماء كثيرة جداً على يد جماعات العنف قصداً أو خطأ وأيضاً أريقت دماء كثيرة في السجون على يد السلطات بسبب تلك العمليات.
- وفي السودان سنة 1994م قام بعض حمَلة فكر الخوارج بتفجير مسجد لأنصار السنة فقتل 20 مصليا!
- وعرفت الجزائر في عقد التسعينيات من القرن الماضي دوامة من القتل والتفجير شارك بها الغلاة والخوارج واستغلها المخترِقون لهذه الجماعات حتى قدر عدد ضحايا هذا العنف والتطرف وبعضه مدسوس بـ 200 ألف ضحية!! 
- وفي الصومال لا تزال دماء المئات أو الآلاف أو أكثر تسيل بسبب تنظيم القاعدة وأمثاله في دوامة عبثية لا طائل من ورائها.
- وفي أفغانستان تمت عشرات عمليات الاغتيال والتصفية لرموز الجهاد الأفغاني وقادته من قبل جماعات التطرف والغلو، ومن هؤلاء الرموز: عبد الله عزام، أحمد شاه مسعود، جميل الرحمن.
- وقام تنظيم القاعدة وأمثاله كجماعة الزرقاوي بعدد من التفجيرات في السعودية والأردن والمغرب واليمن قتل فيها عشرات ومئات الأبرياء ظلماً وعدواناً. ومن اللافت للنظر أنه في عام 1428ه/2007م تم قتل العميد ناصر عثمان في مدينة بريدة السعودية وقطع رأسه عن جسده، وذلك قبل ظهور داعش، وبعد 3 سنوات من أول مقطع ذبح للزرقاوي سنة 2004!
- وفي العراق قام تنظيم الزرقاوي بالكثير من الاغتيالات للعلماء والدعاة وبعضهم تم تفجيره في صلاة التراويح داخل المسجد مثل د. خالد الفهداوي والذي قتل معه في التفجير 20 مصليا!
- وواصلت جماعة داعش هذا النهج الدموي فقتلت الكثير من العلماء والدعاة والمجاهدين والثوار في العراق وسوريا، ففي العراق قتلوا الشيخ أبا بكر الجنابي وكان المطلوب الأول في محافظات جنوب العراق للقوات الشيعية والأمريكية وقتلوا الشيخ حمزة العيساوي، مفتي الفلوجة، وفجروا مسجدا في الحبانية وقتلوا إمام المسجد الشيخ محمد المرعاوي وخمسة من المجاهدين وقتلوا وأصابوا ما لا يقل عن 100 آخرين، وقد غرد "أبو عزام" بتويتر مؤخراً بقائمة طويلة ممن قتلتهم داعش بالعراق.
وفي سوريا قتلوا محمد فارس من أحرار الشام وقطعوا رأسه بالسكين، وقتلوا الشيخ أبا سليمان الحموي أمير جند الشام، وعذبوا الطبيب أبا ريان وهو من أحرار الشام، وقتلوا أبا خالد السوري وغيرهم كثير.
وفي هذا الموجز تنبيه للعقلاء على مقدار تورط هؤلاء الخوارج والغلاة في الدماء المعصومة، وأن جرائهم لا تختص ببلد دون آخر أو بجهة محددة، فضحاياهم من العلماء والدعاة والمجاهدين والثوار والعامة والمسلمين وغير المسلمين والصغار والكبار والرجال والنساء، ولا يتورعون عن تفجير المساجد وحتى المسجد الحرام في مكة، وقد شهدنا كيف استهدفوا المسجد النبوي في شهر رمضان الماضي.
7- ونتيجة للسياسة الخرقاء التي تنتهجها جماعات الخوارج والغلو والتطرف بجهلها واختراقها وتوجيهها من الأعداء، فإن النتيجة هي دوما التخريب والدمار والهدم لبلاد الإسلام.
فقد كان تهور القاعدة وعدم التزامهم باتفاقهم وبيعتهم للملا عمر سببا لخراب إمارة طالبان في أفغانستان، وفي الصومال كانوا السبب في بقاء هذه البلاد في حالة انهيار، وفي اليمن لم يقدموا لليمن إلا المبرر للعدوان الدولي عليه ودعم انقلاب الحوثي وتمكينه باستهداف المدن والمؤسسات والقوات التي تناصر الشرعية في اليمن، أو باستهداف المدنيين من أنصار الحوثيين الشيعة لحشد جماهيرهم خلف قيادتهم الانقلابية وجلب الدعم الدولي لهم بأن الحوثيين يحاربون الإرهاب!
وهو الدور المتميز الذي قدمه الدواعش لنظام بشار الأسد والإيرانيين والروس، والذين دكوا آلاف الأبرياء في حلب باسم حرب الدواعش، بينما مناطق الدواعش آمنة وادعة!
إن البنية التحية دُمّرت في بلاد المسلمين بسبب التفجيرات والإرهاب الذي شنته هذه الجماعات، وإدامة حالة الصراع والحروب العبثية، كما أن وجود هذه الجماعات أصبح مبرر عدوان القوى الدولية الكافرة على أمة الإسلام، وأصبح حال هؤلاء الخوارج الغلاة أنهم لا الإسلام نصروا، والكفر كسروا!
8- أيضا  بسبب هذا الجهل والاختراق الذي نتج عنه كل هذه الجرائم تضررت الدعوة الإسلامية وضيّق عليها، فبسبب أحداث 11/9 أُغلق كثير من المؤسسات الإسلامية الثقافية والخيرية في ردة فعل ظالمة، حيث تم تبرئة العديد من المؤسسات الإسلامية بعد سنوات طويلة من التحقيقات والمحاكمات، ولكن بعد تضرر آلاف الفقراء والأيتام وإغلاق الكثير من المدارس والمستشفيات.
وبعد ظهور داعش وتوظيفها للإعلام أو توظيفها في الإعلام تم تشويه صورة الإسلام والمسلمين في كثير من أنحاء العالم، فتزايدت حالات الكراهية والاعتداء على المسلمين ومؤسساتهم حيث أحرق العديد من المساجد وقتل بعض المسلمين بلا سبب من المتطرفين غير المسلمين.
وبلغ الغلو والتطرف ضد المسلمين في أوربا حد مطالبتهم بتجاوز تعاليم دينهم الإسلام بترك الحجاب وبيع الخمر والخنزير وتناولهما! باسم الانفتاح والتعايش وتقبل الآخر.
وهذا كله بسبب الغلو والتطرف، وقد أرشدنا الله عز وجل في القرآن الكريم لضرورة الوعي لتجنب ردات الفعل الظالمة من غير المسلمين فقال تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله  فيسبوا الله عدوًا بغير علم" (الأنعام: 108).
9- من صفات جماعات الخوارج والغلو أنهم سريعو الغضب والانشقاق على أنفسهم، وهم بذلك دعاة فرقة لا وحدة، وتخريب وهدم، لا بناء وإعمار.
وهذا ظاهر في مسيرتهم، فقلما تجد لهم شيخاً لم ينقلبوا عليه، ويصل الحال ببعضهم لتخوينه ورميه بالعمالة والكفر والردة، ومن يطالع منابرهم الإعلامية يجد المعارك الضارية بينهم، وهذا منافٍ تماماً للترتيب والنظام اللتذين تستلزمهما وحدة الأمة ومصلحتها، وهؤلاء أبعد الناس عنها بانشطاراتهم وتعصباتهم ولجوئهم للتكفير والسلاح لحسم الخلافات!
10- وختاماً فإن من أسباب محاربة نهج الخوارج والغلاة والتطرف هو الأجر العظيم الذي بينه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في محاربة نهج الخوارج والغلاة لأن في ذلك دفاعا عن الدين ونفي ما يلصقه به الغلاة والخوارج من أباطيل.
لأنهم يروجون باطلهم بخطاب براق وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يقولون من قول خير البرية" متفق عليه، وذلك بالاستشهاد بالقرآن الكريم بشكل غير سليم أو برفعهم شعارات صحيحة توظف لأجندة باطلة، كما كشف ذلك الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين علق على شعار الخوارج (إن الحكم إلا لله) فقال: كلمة حق أريد بها باطل.
وهذا يبين لنا أهمية اتباع فهم السلف من الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان من أئمة الدين حتى نتجنب مزالق خطاب الخوارج والغلاة البراق والمخادع.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على مدافعة الخوارج والغلاة دون سائر أهل البدع لأنهم مستمرون بالظهور في مسيرة الأمة المسلمة لقيام الساعة، ولأنهم مخادعون باسم الدين، ولأنهم عون للأعداء بهدم المنجزات وبث الفرقة والشقاق وقتل المخلصين والمؤمنين، ولأنهم يسارعون بتكفير المسلمين وقتلهم، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم من يقاومهم حتى لو وصلت تلك المقاومة والمدافعة للخوارج لحد أن يقتلوه عدواناً أو يقتلهم دفاعاً عن الدين وعن نفسه وأمته، فقال صلى الله عليه وسلم: "طوبى لمن قتلهم أو قتلوه" رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
فهذه 10 أسباب تدعونا لمحاربة نهج الخوارج والغلاة لما فيه من عدوان على الدين والدنيا، ويجب توعية الناشئة به مبكراً حتى نحصنهم من زخارف قول الخوارج والغلاة والتي ملأت وسائل الإعلام وسخرت لها أفضل التقنيات الإخراجية وترافقها الأناشيد الجذابة.
إن فكر الخوارج ونهجهم باطل في ميزان الشرع والعقل، ولكن تركيز الخوارج والغلاة على مخاطبة العواطف والتلاعب بالمشاعر تجاه أوضاع المسلمين السيئة وعدوان المجرمين على حرمات المسلمين وتغول التطرف العلماني في المجتمعات الإسلامية، يجعل نهج الخوارج يكسب الجولة!
ولكن إذا مكن أهل العلم الشرعي الصحيح والفهم السديد للواقع من المواجهة مع نهج الخوارج وتوفرت البيئة المناسبة من ردع مظاهر الفجور وتأديب المعتدين على المقدسات والمساعدة الجادة الممكنة للضعفاء من أمة الإسلام، فإن موجة الغلو والتطرف تتبخر وتزول بأسرع ما يكون، وهو ما سيكون إن شاء الله، طال الوقت أو قصر.