روى البخاري عن عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق قال جلس عبد الله وأبو موسى فتحدثا فقال أبو موسى قال: النبي صلى الله عليه وسلم " إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج " والهرج القتل . وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل على أي شيء قتل ولا يدري المقتول في أي شيء قتل". وهذان الحديثان من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم التي تخبرنا عن فتن أخر الزمان وأشراط الساعة، والتي تكاد تنهى العلامات الصغرى وتبدأ في العلامات الكبرى والله المستعان. ولعل هذين الحديثين يفسران لنا كثرة حوادث القتل في الأردن مؤخراً والتي لم تعد تقتصر على حوادث الثأر أو النزاع المفضي للقتل بل أصبحت تشهد ظواهر جديدة على مجتمعنا كجرائم قتل الوالدين والأهل والأبناء والأقارب والجيران وعلى أسباب تافهة، أو ما يعرف بجرائم الشرف وأخيراً ظاهرة اللقطاء ، لقد أصبح يقوم بالقتل فئات لا تنتمي لعالم الشر والإجرام. إن جرائم القتل من أخطر الجرائم عند الله عز وجل فقال تعالي: " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " (الإسراء 33)، ولذلك لا يجوز للفرد المسلم أن يمارس القتل بنفسه بل لابد أن يكون ذلك بالحق وبأمر من السلطة والحكومة حتى ينتفي الدافع الشخصي.ولذلك فإن ما يعرف بجرائم الشرف هو من أنواع القتل غير المشروع. لاشك أن الظروف المعيشية والضغوط النفسية لها دور كبير انتشار جرائم القتل والسرقة والزنا، وخاصة أنه يصاحب هذه الظروف زخم إعلامي كبير جداً عبر الفضائيات والروايات والمجلات تروج لاستخدام العنف والقتل كأسلوب حياة، أوحل مشكلة الفقر بالسطو والتجارة بالمخدرات أو تقدم للفتيات أن حل مشكلة تورطها في الزنا مع مخادع هو أن تهرب من أهلها لتصبح من بنات الهوى في الملاهي الليلية !! تترسخ هذه الثقافة الإعلامية السيئة في العقل اللاواعي لدى الفرد لكثرة ما تعرضه هذه الفضائيات من أفلام ومسلسلات وخاصة الأجنبية منها، مما يعلم ويدرب الكثير من الناس على طرق وأساليب خطيرة في القتل والإجرام، وقد انتقل هذا الداء إلى ألعاب الأطفال فأصبح من العادي جداً أن يقتل الطفل المئات في أي لعبة بلاي ستيشن يلعبها!! إن مجتمعات المسلمين تمر بمرحلة صعبة تتكالب فيها التحديات الاقتصادية مع الانتكاسات السياسية والتغيرات المجتمعية لتشكل بذلك مرجل يغلى يكاد ينفجر في أي لحظة، ولذلك إن العمل على تخفيف الاحتقان بطريقة إيجابية قضية في غاية الخطورة، فمحاولة صرف الناس لمزيد من اللهو عبر المهرجانات والأغنيات لن تزيد الأمور إلى سوءً ، كما إن ترك الأمور على علاتها سوف يساعد على نمو الغضب الشعبي والذي سينفجر في صور متعددة من مثل جرائم القتل والسرقة والاغتصاب، أو نمو فكر العنف والتطرف. سبق أن حذرنا من خطورة ظاهرة ضعف الإيمان على مجتمعنا، وذلك أن الإيمان هو عاصم لصاحبه عن الاعتداء والظلم على نفسه وعلى الآخرين، ذلك أن "الله يدعو لدار السلام" ( يونس 25). كما أن الإيمان يحث صاحبه على ضبط ردود أفعاله في الأزمات، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الصبر عند الصدمة الأولى" وقوله أيضاً " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". إن مما ينبغي التفطن له في حماية المجتمع من جريمة القتل نشر الوعي الشرعي بحرمة القتل وتطبيق حكم الله عز وجل في القاتل ليصلح المجتمع كما قال تعالي " ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب " ( البقرة 179). ومن عناصر التوعية المطلوبة بخطورة جريمة القتل في المجتمع ما يلي: السعي لحظر الأفلام والمسلسلات العنيفة لتأثيرها السيئ على أفراد المجتمع. تضمين المناهج المدرسية أساليب حل المشاكل ومعالجتها. قيام المؤسسات النسوية بدور وقائي في توعية الفتيات بأوهام الحب والغرام، بدلاً من حصر دورها في حماية فتياتنا اللواتي خدعن بمعسول الكلام وغدر اللئام . نشر الوعي الديني الصحيح في المجتمع من مثل حرمة النفس البشرية وأنه توجد طرق عدة للحصول على الحقوق الشخصية أو تعديل السلوك المنحرف لدى أبنائنا وبناتنا، عون الله لعباده المجتهدين في أعمالهم، أهمية التكافل والتعاضد بين المسلمين، الرضي بالرزق المقدر، فضل الصبر على المكاره وضيق العيش، الأمل بفرج الله وعونه.
حاجتنا إلى الإيمان
2014/08/01
الرابط المختصر
Image