اتصل غاضباً أين أنت ؟ أجبته في العمل ، قال لي صديقي : أنا قادم لا تغادر لتكتب عن قصتي وأغلق الهاتف ! حين جاء بادرني قائلاً : أحضر ورقة وقلم . وبدأ يحدثنى عن قصته مع القروض الربوية للعمل والسيارة والشقة ، وسأكتفي بالحديث عن قرضه السكني بقيمة 70 ألف دينار لمدة 20 سنة . عرفت سبب غضبه إنه خارج للتو من البنك ، لقد باع الشقة ويريد أن يصفى ما تبقي من القرض الذي سدد منه 24 شهراً ، ورغم أنه يعتبر نفسه من العارفين بشؤون البنوك والقروض حيث أنه جامعي درس في أمريكا ويمارس التجارة إلا أنه فوجىء بشروط ومعادلات غريبة في تسويته لهذا القرض . ومن حديثه تبين لي حقائق مجهولة عن موضوع القروض منها : 1- فحش الربا الذي تاخذه البنوك من المقترضين ، فقرضه الذي يبلغ 70 ألف دينار بنسبة فائدة 7.5% ارتفعت فيما بعد لـ 10%، سيسدده بعد 20 سنة 136 ألف سوى نسبة 1% سنويا على قيمة القرض لمدة 20 سنة ، أي زيادة أو ربح أو بصراحة ربا 100% وأكثر !!! وهذا يبطل دعوى بعض الجاهلين أن الربا المحرم هو الربا المضاعف و البنوك لا تأخذ الربا أضعاف مضاعفة ، كما يقول بعض من يركب هواه ليحل الربا . 2- المقترض يوقعه البنك على عقود وأوراق تزيد عن 10 أوراق وعقود ولا يتمكن من قرائتها أو الحصول على نسخة منها !!!! وهذا يحصل من كثير من الشركات الكبرى كشركات التأمين والاتصالات وغيرها التي تستطيع تفصيل عقود قانونية دقيقة لمصلحتها وبلغة قانونية معقدة لا يفهمها المواطن العادي وتطبعها بحرف صغير كالنشرات المصاحبة للأدوية !! فأين جمعية حقوق المستهلك عن ذلك ؟ 3- من البنود الغريبة في العقود التي يوقع البنك المقترض عليها دون أن يخبره طبعاً ، أنه في حالة السداد المبكر يدفع غرامة يسميها البنك عمولة سداد مبكر بنسبة 4% !!! 4- ومن البنود الغريبة في عقود القروض ، أن البنك له أن يعدل سعر الفائدة على القرض دون الرجوع للمقترض !! 5- ومن البنود العجيبة في العقود أن البنك في حالة انخفاض العملة المحلية فإنه يحسب القرض بالدولار !! وليذهب الوطن والمواطن إلى الجحيم ، وهذا لا يستغرب من خلق المرابي . 6- وتبين لي أن فكرة القرض الربوي أقل كلفة من دفع الإيجار ، هي كذبة كبرى روجها الدجالون وصدقها المغفلون ، فشقة صديقي ثمنها الحقيقي 70 ألف لكنه سيدفع فيها ما يزيد عن 140 ألف ( مع 1% سنوياً ) ، وهو لو استأجر الشقة لمدة 20 سنة ستكون كلفتها عليه 100 ألف فقط !! مع الأخذ بعين الإعتبار الزيادة المتوقعة على الأجرة . فهناك 40 ألف دينار تضيع على المقترض عبثاً ، كما أن الشقة بعد 20 سنة لا تبلغ قيمتها مبلغ القرض وفوائده !! 7- بعد أن سدد صديقي 24 قسطاً شهرياً بقيمة 570 دينار ونسبة 1% عن سنتين ورسوم الرهن والطوابع وبلغ مجموع ما دفعه ما يزيد 19 ألف دينار ، إلا أنه فوجىء في تسوية الحساب أن ما سدده من أصل القرض 70 الف هو فقط أقل من 4 الآف !!! والبقية فوائد بنكية وعمولات ورسوم!! فما هي حقيقة الأقساط التي يدفعها المقترضون شهرياً للبنوك ؟؟ والأغرب من هذا أننى حين اتصلت باحد الزملاء ممن يعمل مدير مالي لشركة إسكان لأتاكد من دقة هذه المعلومات ، فأكدها جميعها وزاد عليها أن هناك عمليات تلاعب تجرى في البنوك في حساب العمولات والفوائد لمصلحة البنك لا يدركها كثير من الناس العاديين !!! قد يظن بعض الناس أن في هذا مبالغة أو تهويل ، ولكن أليست البنوك الأردنية قد حققت في النصف الأول لهذا العام أرباحاً خيالية بلغت 320 مليون ، في وقت يشهد فيه الأردن حالة ركود تجاري !! إن غول الربا قد استفحل في مجتمعنا وتولد عنه نقص البركة وانتشار العقلية المظهرية والإستهلاكية و قلب حياة كثير من الناس إلى قلق وتوتر بسبب قسوة وبطش البنوك بالمتعثرين . ولنتذكر دوما قول الله تعالي " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وإلا وقع لنا وعيد الله عزوجل " فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ " .
غول الربا
2014/06/01
الرابط المختصر
Image