كان يحدثني وهو مصدوم عن ما شاهده في الطابق الثانى لأحد المقاهى مقابل بوابة الجامعة الأردنية، من انتشار التدخين بشكل كبير بين طالبات الجامعة بل وحتى من بعض الطالبات المتجلببات!!
وصدمة صديقي مبررة ، فالتدخين محرم ومضر بالرجال والنساء ، لكنه بشكل أخص يتناقض مع معنى الأنوثة ، ولذلك صدوره من مسلمة و محجبة يعد خطأ مركب.
في الحقيقة لم أستغرب ما حكاه صديقي لأن هذا المتوقع من تأثيرات العولمة على مجتمعنا ، خاصة ونحن نعاني من قصور كبير في جانب التوعية والتربية على صعيد البيت والمدرسة والمسجد والإعلام. بالإضافة لتوسع انتشار ما أطلق عليه " التدين الجديد " الذي أنتج مواقف وسلوكيات تجمع التدين بالا تدين في خلطة غريبة.
مجتمعنا يشهد تغيرات تطال الأفكار والمبادئ والسلوك والمظاهر، شيء منها يحصل عن قصد وتخطيط ويتم تنفيذه من جهات عدة عبر وسائل متعددة من أبرزها وسائل الإعلام والجهات المعنية بالثقافة والفنون، وبعض هذه التغيرات هي ناتجة عن التأثر بالمناخ المعولم عبر الفضائيات وشبكة الإنترنت على وجه الخصوص، ومن لا يتابع التغيرات التي تطرأ على مجتمعنا سيصاب بمثل صدمة صاحبي.
إن تدخين بعض المحجبات والمتجلببات يدق ناقوس الخطر بأن حملات الترويج للتدخين تلقي قبولاً كبيراً رغم انتشار المعرفة الدينية بحرمة التدخين والوعي الصحي بمخاطر التدخين وخاصة على المرأة، وأن العقل والمنطق لا يحكم سلوك الكثير من فتياتنا اللواتي سيكن أمهات الغد، فأي جيل ننتظر؟؟
تدخين الفتيات وبعضهن متحجبات يؤشر على خلل في الوعي والالتزام الديني وقصور في الرسالة الدعوية ، يحتاج معه إلى معالجة حثيثة عبر مراجعة دور كليات الشريعة ومعلمات التربية الإسلامية وخطبة الجمعة، لنشر وعي صحيح بالالتزام الشرعي يقوم على القيم الصحيحة للتدين ، وقناعة حقيقية بالالتزام تتمكن من التغلب على صنوف الشبهات والمغريات المتلاحقة.
كما أن تدخين الفتيات وتناول المسكرات يفتح الباب للنقاش حول سبب تأثر فتياتنا بذلك رغم تحصيلهم الأكاديمي، وأن دراسة التأثير السلبي على فتياتنا لما يعرض في وسائل الإعلام والإنترنت من أفلام ومسلسلات وأغاني أصبح في غاية الأهمية .
فبعد أن كنت لا ترى امرأة مدخنة إلا في الصور القديمة في المتحف كمتحف المدرج الروماني بوسط البلد بسبب زيادة الوعي الديني والصحي بحرمة وخطورة التدخين ، أصبح منظر المدخنات شائعاً، وخاصة في شهر رمضان المبارك على المقاهي يدخن السجائر والشيشة!!
إن واقع الفتيات والنساء في مجتمعنا يتعرض لتغيير لا يقتصر على التدخين، فالتدخين دوماً هو البوابة الأوسع للإدمان بكافة أشكاله وصوره، فبعض الدراسات أشارت إلى أن 36 % من الأردنيات مدخنات وأن 16 % من طالبات المدارس مدخنات، كما أشارت الدراسات لوجود طالبات في المرحلة الإعدادية قد تناولوا الخمر والحبوب والمخدرات. وأيضاً عادة ما يصاحب تناول المسكرات رواج أفكار وعقائد وسلوكيات فاسدة كالإباحية والإلحاد، وهو ما يتمثل في بؤر عبدة الشيطان والشاذون التي أصبح لها أماكن معروفة، وقد تصادف بعضهم في الأسواق والمولات.
توضح دراسة "النساء ووباء التبغ – تحدِّيات للقرن الحادي والعشرين" الصادرة عن منظمة الصحة العالمية أن من أهم أسباب عودة النساء للتدخين هو " انتقال الحملات الشرسة لتسويق التبغ والترويج له، من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية، والبلدان التي يجري تحويل الاقتصاد بها "، وأن شركات التبغ تستخدم " مسميات مضللة، مثل "غير حـام" أو "خفيف"، وكلها تنطوي على مزاعم صحية غير حقيقية. كما يتم، من أجل جذب النساء، استخدام صور خادعة للصحة، واللياقة، وانفراج الكرب، والجمال، والرشاقة. كذلك يتم الترويج للتبغ باعتباره دليلاً على بلوغ مرحلة النضج، واكتساب الثقة، ووسيلة لإثبات الجاذبية الجنسية، والتحكُّم الذاتي في المصير" وتركز الدراسة على أنه يتم استخدام دعوات حقوق المرأة للترويج التدخين بين النساء ، وأن حملات الترويج للتدخين تعتمد " رعاية مسابقات الجمال، والبطولات الرياضية مثل بطولات التنس، والأحداث الفنية والموسيقية، بل ورعاية المنظمات النسائية ".
نخلص من هذا لضرورة اليقظة المبكرة لتفاقم مرض " الهشاشة القيمية " بين الشباب والشابات، وأهمية المتابعة لمظاهر هذه " الهشاشة القيمية " وعدم التهوين من شأنها، وإلا اجتاحنا الطوفان على حين غرة ونحن غافلون.
التدخين يطال المحجبات!
2014/08/01
الرابط المختصر
Image